بدعوة شخصية مني للإعلان عن صفقة القرن الجديدة وجهت الدعوة لأبنائي وأشقائي وزوجتي وأهلها، ودعوت المستأجرين لشققهم عندي، وطالبت من سائقي الانضمام لنا في هذا المؤتمر، احتشد الجميع في صالة بيتي ينتظرون خروجي من غرفة النوم، وما أن ظهرتُ بطلتي البهية حتى بدأ التصفيق والتصفير، بل إن شقيقتي قامت بالتطبيل على الطاولة فرحاً بمشاهدتي، وأنا أرتدي البدلة وربطة العنق وإلى جواري هندي أحمر هو إبن الجيران، الذي صبغ نفسه جيداً حتى غدا كحبة البندورة.
وقفت خلف طاولة الطعام وعيون الجميع تراقب شفاهي بما ستنطق، أعلنت أنني قوي وشجاع وشرس وأنني صاحب المائدة التي لم تهبط من السماء، وقبل أن تمتد أياديهم الى الطعام أعلنت بقوة وجُرأة بأنني سأغير العالم وسأعيد الحق إلى أصحابه وأنني سأغير التاريخ وأن المستقبل سيبدأ من عندي، فصرخت في ابن الجيران الأحمر بعد أن رفعت يده إنني أعلن أن واشنطن عاصمة لك، وأن الجيش الأميركي سينسحب من القواعد العسكرية في الوطن العربي واليابان وألمانيا ، تسمرت عيون الجميع عليَّ وأنا أتحدث بثقة وحزم، ورفعوا أيدهم عالياً ، فانحنيت تكريماً لهم لأنهم سيصفقون لقولي العظيم، وطال إنحنائي، ولم أسمع إلا صوت الملاعق والصحون وضحكات هنا وهناك وصمت مطبق بالأسنان على الطعام ، وأخي يضحك ملء شدقيه ويقول : "لحق حالك بلاش يخلص الأكل وبعدين لما تنام تغطى منيح حتى تبطل تهذي”.
طأطأت رأسي وأنا أنظر إلى الطعام وبدأت في الأكل، وفي الليل ارتديت فروة ثقيلة حتى لا أصاب بالبرد، وطلبت من أخي إرسال فروة أخرى لرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب حتى لا "يكوبس” في الليل ” ويقرفنا” في النهار، وعندها ستطير برودة عظام الكهل وسينام ليله الطويل، ولن يُشاهد عندها كوابيس بل سيشاهد الحقيقة بأن أطفال بعمر الورد يحمون وطناً بعمر التاريخ، وأن فلسطين لها شعب واحد هو الشعب الفلسطيني الذي لن يسمح لعجوز خرف لا يملك من المعرفة والتاريخ شيئاً أن يبيع ما لا يملك.
ومع مغادرة الجميع بيتي حتى إبن الجيران أدركت أن صفقة القرن لن تمر إلا في حالة واحدة، وهي أن تصبح واشنطن عاصمة لإبن الجيران وأن تتحول قواعدها العسكرية في منطقتنا العربية إلى متنزهات للشعوب، واذا لم تتحقق هذا الشروط فإن كلامي على طاولة الطعام وأمام الكرام، وكلام ترامب في حضور اللئام، سيذهبان أدراج الرياح لأنها حسب المقولة الأردني ” خرط وعرط وشوفيني يا بنت خالتي” وهذا الحديث لا يجلب أي نتائج على الأرض ، واذا قمت بفعلتي كما قام ترامب بفعلته الحمقاء ” ما بنكون إستفدنا إلا ضحكنا الناس علينا”.