المتمعّن في التحدیات التي تُعاني منھا القطاعات المختلفة في مجتمعنا یجد أنّھا، في الغالب الأعم، ھي ذاتھا، سواء
.في الصحة أو التعلیم أو النقل أو الطاقة أو الإدارات الحكومیة بأنواعھا
.التحدیات عدیدة بلا شك، لكننا نكتفي ھنا بالتذكیر بالأربعة الرئیسة منھا، وھي التي تعدّ الحاسمة والقاتلة
. ویعود ذلك، فیما یعود، للأزمة الاقتصادیة
أولھا، التحدي المالي. معظم مؤسساتنا تشكو الفقر وقلة الحیلة مالیاً
الخانقة التي نعیشھا منذ مدّة، كما یعود إلى الأوضاع الملتھبة في الإقلیم والتي أثرت على التجارة البینیة سلباً، كما
.یعود إلى نقص المساعدات، من الأشقاء والأصدقاء، التي اعتدنا تاریخیاً على تلقّیھا
ّ ولعل العامل الأكبر یعود إلى اعتمادنا على الآخرین لعقود طویلة وعدم بلورة ثقافة الاعتماد على الذات والتي كان
ّ قة، ومنھا المشاریع المولدة للدخل
.یُمكن أن تُ ّمكننا من الإتیان بحلول خلاّ
وبسبب نقص الموارد تلجأ المؤسسات إلى التقنین والتقتیر اللذین یحدان من الطموحات ویُعطلان الخطط ویُؤثران
.على العمل والبنى التحتیة سلباً
ثانیھا، التحدي الإداري. مع أن بعض مؤسساتنا تحظى بطواقم إداریة بارعة ھي المسؤولة عن إنجازاتھا اللافتة،
.فإن العدید منھا یعاني من نقص الكفاءات
واضح أن الكفاءات، على اختلاف مستویات الإدارة، تراجعت على نحو ملحوظ عبر السنوات الماضیة إما بسبب
.عزوف أصحابھا عن العمل في القطاع العام أو بسبب ھجرة العقول منھ
بید ّ أن العامل الحاسم في ھذا السیاق، في تقدیرنا، ھو ندرة القیادات الماھرة التي تمتلك الرؤى المطلوبة والخبرات
المناسبة من ناحیة وتعمل بروح الفریق من ناحیة أخرى، ذلك أن الإنجازات الكبرى تصنعھا الطواقم والفرق، لا
.الأفراد
ثالثھا، تحدي الجودة. لا نُنكر أن لدینا بعض المؤسسات التي تُبدع أیّما إبداع فیما تنجز من مھام، ویضاھي أداؤھا
.أحیاناً أداء أرقى المؤسسات العالمیة
لكن مثل ھذه المؤسسات تُمثل الحالة الشاذة لا القاعدة. فالعدید من مؤسساتنا یتوزع أداؤھا بین الرديء للغایة
.والمتوسط في أحسن الأحوال ولعل أفضل تشبیھ لمستوى أداء مؤسساتنا مقارنتھ بأحوال الطرق والشوارع عندنا، فالتي تقع في الأماكن الأوفر
حظاً تكون في وضع یقرب من المثالي، بینما تلك التي تقع في المناطق الأقل حظاً تكون في حالة أقل من المقبول
.وأحیاناً غیر مقبولة على الإطلاق
رابعھا، تحدي الإدامة. سیرة مؤسساتنا أصبحت معروفة. تلد متألقة وتحظى باھتمام كبیر من العاملین فیھا
.والمسؤولین عنھا ومن المجتمع، فیكون إنجازھا على قدر كبیر من النجاح، وبعضھا یكون إنجازه ممیزاً للغایة
لكن مع مرور الوقت تتغیر الوجوه فیفقد المعنیون حماستھم، فیخبو البریق شیئاً فشیئاً إلى أن یتلاشى بعد مدة،
.فتصبح المؤسسات أشباحاً وأطلالاً تعیش على أمجاد ماضیھا
وبعد، فلا بد لنا من التصدي لھذه التحدیات الأربعة بكل حزم وعزم، كي ننھض كما نھض غیرنا، وندخل التاریخ
.من أوسع أبوابھ من جدید
والسؤال المھم ھنا: ھل نستطیع؟
والإجابة ھي بدون تردد: نعم. شریطة أن نُ ّحكم مبدأ الخبرة والكفاءة والبراعة وعمل الفریق، ثم نعتمد على أنفسنا
.لا على غیرنا، ونثق بقدراتنا
التحديات ذاتها
أخبار البلد - اخبار البلد-