أخبار البلد - سلوكيات ضارة على أبنائنا الطلبة
كتب الدكتور منذر عبد الكريم القضاة
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد
عملاً بقول الله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ] سورة المائدة : جزء من الآية 2 [ ؛ فهذا مبحث بعنوان : " سلوكيات ضارة على الطلبة " ونرجو من الله أن تعم بسببه الفائدة المرجوة ، وخاصة في هذه الأيام التي تُستباح فيها حُرمات المسلمين في بلاد المسلمين ، ويقتّل فيها النساء والأطفال ، وتنتهك الأعراض ، والمطلوب شرعاً أن يكون المسلم على قدر كبير من الحزم والجدية في حياته ، والدعاء لنصرة المسلمين والمستضعفين في كل مكان.
1. الإدمان على استعمال الإنترنت
يُعدّ الإدمان على استعمال الإنترنت نوعاً جديداً من أنواع الإدمان، يستخدم فيه الشّخص المدمن الإنترنت بشكلٍ يوميٍّ وَمفرطٍ؛ بحيث يتعارض مع حياته اليوميّة ومع الواجبات والوظائف التي عليه القيام بها، ويسيطر هذا الإدمان سيطرةً كاملةً على حياة المدمن، ويجعل الإنترنت وعالمه أهمّ عند المدمن من العائلة، والأصدقاء، والعمل، ممّا يؤثّر سلباً عليه ويخلق عنده نوعاً من التّوتّر والقلق.
2. الادمان على الألعاب الإلكترونية
تزيد حالة الادمان على الألعاب عادة بسبب الشعور بالوحدة، أو الفراغ، أو الملل، أو بسبب مشاكل اجتماعية أو أسرية أو مادية ، أو بسبب جوٍّ يَفرضه الأصدقاء في الغالب لا ننتبه إلى عواقبه المستقبلية ، وكثير من الأبناء هم ضحية مشاكلهم الأسرية ونقد الأهل المستمر، وذلك يجعلهم عرضة للبحث عن مهرب من الواقع، وهم لا يعلمون خطورة هذا المهرب على عقولهم وأجسادهم ، والبعض أفنى شبابه في أنواع من اللعب مثل العاب الحاسوب " البلايستيشن" وغيرها فلم يجني من وراء ذلك إلا الحسرة والضياع ، وخاصة أن هذه الألعاب لها أخطار جسيمة على الجسد والنفس ؛ لعلَّ من أهونها أنها تُعلّم نزعة الدم والقتل وسرعة الغضب عند مدمنيها ، والانطواء .
3. ادمان الهواتف الذكية
مشكلة إدمان الهاتف الذكي (إدمان الجوال)، وهي مشكلة عالمية يعاني منها الناس في كل مكان ، وهي حالة من الاضطراب النفسي الذى يصعب فيه على الشخص الانفصال والابتعاد عن الهاتف الذكي الخاص به، وتجده في كثير من الأحيان يلجأ الى الهاتف الذكي بدون حاجه أو سبب معين، ويحرص على وجود الهاتف معه في كل مكان، حتى في دورة المياه ، ويحرص دوما على التأكد من شحن البطارية الخاصة بالهاتف الذكي باستمرار ، ولشدة إدمان المستخدمين على هواتفهم الذكية في العصر الحديث، ووفق دراسات حديثة تبين أنهم يتحققون من هواتفهم 253 مرة يومياً، وهو ما يعادل ساعتين وتسع دقائق من يومهم ،ويلمس المستخدمون هواتفهم بمعدل 2617 مرة في اليوم في جميع الأوقات؛ في المدرسة، في السرير وقت النوم، في دورة المياه، على مائدة الطعام، خلال الحديث مع الآخرين ، في وقت الدراسة، في وقت الفراغ…. إلخ.
4. الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي في الوقت الحاضر الأداة التي تحرك المشاعر وتفرض الواقع الذي يريده من يتحكم بها ، وتتحرك بسببها الأجهزة والهيئات والمؤسسات العالمية بل أصبحت صورة مؤثرة تبث على مواقع التواصل الاجتماعية كافية لتحريك الجموع ، وتتحرك فيها العواطف والمشاعر بدون ضابط .
5. إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي
نتيجة للواقع المر الذي يعيشه الكثيرون تناقل الناس في هذه الأيام – إلا من رحمَ ربي - على صفحاتهم وهواتفهم، ووسائل اتصالاتهم ، وفيما بينهم ، وبدون حساب للعواقب الشرعية ، والقانونية والاجتماعية المقاطع ، والفيديوهات ، والكلمات المخجلة ، والبعيدة عن شرع الله ، ودينه ، ويتم تداولها بين الأصحاب والأصدقاء ، ونشرها فوراً دون مُراعاة لحرمتها ، ومنها المقاطع التي في غالبها تحتوي على الكلام البذيء ، والصور غير اللائقة ، وكشف ستر العباد ، والسخرية منهم ،أو التصويت على كلمات تافهة ، وأفعال غريبة عن دين الإسلام ، وتدخل نتيجة لذلك بسبب هذه الأفعال ، والأقوال ، والأعمال التي يُستهان بها اعداداً غفيرة من الناس في بوابة الاثم والظلم والعدوان والمنكر ؛ فكلّ هذا من المنكر الشديد ، الذي حُكمه الوعيد الشديد ، ومما يزيد الأمر اثماً ، وسوءاً ، وعاقبة ، أنَّ من نشره فقد نشر منكراً ، وأعانَ عليه ، وحتى من رضي بمثل هذه المناظر والمقاطع والكلمات، وضحك عليها ، وسكت عنها ، وقبل بهتك سر أصحابها ، ولم يبيّن لمرسلها أثمها مع قدرته فهو شريك في هذا الاثم والعدوان ، ودخل في باب السخرية والغيبة.
وقد قال الله - سبحانه وتعالى - : " (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) ] سورة النور : الآية 19[
وقال - صلى الله عليه وسلم - :" إذا عُمِلَتْ الخطيئةُ في الأرضِ ؛ كانَ مَنْ شَهِدَهَا فكَرِهها كمنْ غابَ عنها ، ومنْ غابَ عنها فرضِيَها كانَ كمنْ شَهِدَها ". رواه أبو داود، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الجزء أو الصفحة:689
6. بناء العلاقات المحرمة في عالم الإنترنت
يتميز عالم الإنترنت بالخصوصية وإمكانية إقامة علاقات دون معرفة الشخصية الحقيقية لصاحبها ، ومن خلال مُشافهاتٌ إلكترونية اختبأوا معها خلف أسماء مستعارة ، ويعتبر برنامج المراسلة Chat أشد خطرًا على الشباب من المواقع الإباحية الموجودة في الإنترنت، وتبدأ غالباً هذه العلاقات بشكل مسلسل التنازلات، فيتنازل أولاً عن قراءة القرآن الكريم ، وبعدها ترك الصلاة في وقتها، ثم يستمر الحال إلى أن يترك فرض الصلاة كلياً، ثم بعد ذلك تراجع في سلوك والتزام وتعليم الشباب حتى تغرقهم في بحرٍ من المعاصي ، وفي الأغلب يدخل الشباب إلى المواقع للتعرف عليها - فقط للتسلية- وفي وقت الفراغ، وبعدها تبدأ مدة الجلوس أمام الانترنت في الزيادة، في حين يمر الوقت سريعاً، وأثناء تلك المتعة يأخذ الإدمان يستحوذ على عقل الشباب أكثر وأكثر، ثم تأخذ المعصية تجر المعصية، فما دام الشاب قد تنازل عن صلاته فما المانع أن يتعرف على برنامج المراسلة في الانترنت، ومن خلال برنامج المراسلة، يغرقون في بحرٍ من المعاصي، ساعات طوال بدون فائدة تذكر، فبعد المراسلة الكتابية يبدأ تبادل أرقام الهواتف لتتحول إلى تعارف ومكالمات عبر الهاتف ونسج قصص من الحب الوهمي (الشيطاني)، وهذه المكالمات الهستيرية المدمرة أخلاقياً واقتصادياً والتي مازال يقع في شباكها المئات، سرعان ما تتحول إلى لقاءات آثمة.
7. الانشغال بمتابعة الرياضة والهوس بها
من خلال النظر بواقع الشباب من الجنسين - إلا من رحمَ ربي - نجد أنَّ هناك من أشغل معظم وقته بمتابعة المباريات والأحداث الرياضية ، وذلك بالانشغال المفرط بالرياضة في صورة كرة القدم، التي لم تعد - في الغالب - وسيلة للتريّض، والترفيه، والمتعة، بل انقلبت إلى شرٍ مستطيرٍ، تعددت مخاطره، وتفاقمت آثاره ، وهو من ظلم الإنسان لنفسه بتضييعه لأوقاته الغالية، وإتلافه للحظات عمره الذهبية، بالانشغال فيما لا نفع فيه، والتلهي بالتوافه من الأمور، مما لا يجلب نفعاً ولا يدفع ضراً .
8. الإدمان على مشاهدة الافلام الإباحية
هناك نسبة من الطلبة من يجري وراء الشهوات ، والمغريات والفسق والفجور؛ فاجترأوا على المحرمات ، ومشاهدة للأفلام الإباحية الهابطة والقنوات الساقطة ، التي سلبت منهم الألباب مما يورث صاحبه النَّدامة، ويستحصد الملامَة ، والأمر خطير والاستمرار عليه أخطر ؛ فحكم هذا المشاهد الساقطة والمقززة لأصحاب الفطر السليمة إن صحَّ التعبير مُحرَّمة بكتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإجماع المسلمين، فإنَّ الله جل وعلا قد حرم مجرد النظر إلى النساء الأجنبيات أو مخالطتهنَّ ولو لم يكن في ذلك شيء من الفاحشة؛ كما قال تعالى:﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30 ( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) ] سورة النور : الآيات 30-31 [
إذا خَلَوتَ بريبـة في ظُلمةٍ ..... والنفس داعيـة إلى العصيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها ..... إنَّ الذي خلق الظلام يراني
إياك إياك أن يكون الله تعالى أهون الناظرين إليك ، تخالف أوامره ، وتستجيب للشيطان وداعيه .
9. الانشغال بمشاهدة الأفلام والمسلسلات العربية والأجنبية
ينشغل معظم الشباب وعدد لا يستهان به من الشابات في متابعة الأفلام والمسلسلات ، وخاصة الأجنبية والتركية ، أو البرامج التلفزيونية العربية التي على شاكلة البرامج الأجنبية ، وهذا دفع البعض للوصول لمرحلة الإدمان بمشاهدة أشياء ليس لها علاقة بالواقع كنوع من الهروب من المجتمع.
هذا فضلاً عن استماع الأغاني والموسيقى المصاحبة لهذه الأفلام والمسلسلات وكذلك النظر المحرم ، ومن يشاهد الأفلام والمسلسلات والتي لا تخلو من المحرمات فإننا ننصح أن يُعدَّ للسؤال جواباً من الآن ؛ فإنَّ الله سائلك عن عُمرك فيم أفنيته؟ وعن شَبابك فيم أبليته؟
قال - صلى الله عليه وسلم - : " لنْ تَزُولَ قَدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسْأَلَ عن أَرْبَعِ خِصالٍ عن عُمُرِهِ فيمَ أَفْناهُ ؟ وعَنْ شَبابِه فيمَ أَبْلاهُ ؟ وعَنْ َمالِهِ من أين اكْتَسَبَهُ وفيمَ أنْفَقَهُ ؟ وعَنْ علمِهِ ماذا عمِلَ فيهِ " . صحيح الترغيب 3593
10. المُساهمة بنشر الفاحشة بين الناس
من عجائب صور الانحراف عند بعض شباب الواقع المعاصر ظاهرةُ: "المجاهرة بفعل الفاحشة "، أو الدعوة إلى فعلها، أو إظهار الإعجاب بأهلها بوضوحٍ ودون مواراة أو حياء أو خجل، ولا ريب أنها ظاهرةٌ خطيرة ومثيرة ومؤرّقة لذوي الغَيْرة والدِّين والمروءة، وكذا مسألة انتشارها وإشاعتها في شاشات الإعلام المرئي، والقنوات المفتوحة الخاصة والعامة، وكذا الإذاعات المسموعة، والصحف والمجلات والدوريات.
وقد جاء النهي في شريعتنا وأخلاقنا عن فعل ذلك؛ فقد قال تعالى محذِّراً هؤلاء المجاهرين بها : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) ) ]سورة النور : الآية 19 [
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين