الحراكات الشعبية... بين البراءة والاحتراف السلطوي

الحراكات الشعبية... بين البراءة والاحتراف السلطوي
أخبار البلد -   اخبار البلد-
 
حين كان ميدان التحرير يعيش أزهى أيامه ألقاً وإبداعاً، كنت ترى مصر كلها في ذلك الميدان. جُلت وصديقي الكاتب الراحل خيري منصور بين الناس لساعات. حاورنا من نعرف ومن لا نعرف من النشطاء الذين انتشروا في حلقات، وتناوبوا على الإعلان عن دوافع وجودهم في المكان.
وعلى حافة ميدان التحرير، أي على بعد أمتار ليست بالكثيرة، يقع مقهى «ريش» الذي يعتبر أحد المعالم السياسية والثقافية في القاهرة؛ حيث يجتمع نجوم النخبة للتداول في كل شأن. في طريقنا إلى ذلك المقهى؛ حيث سنلتقي بأصدقائنا من الكتّاب والصحافيين والفنانين، تحدثنا عن استخلاصاتنا لما رأينا وسمعنا، اتفقنا على الإعجاب بتعدد واختلاف دوافع المحتشدين وتمايزاتهم الاجتماعية والسياسية والفكرية، إلا أننا مع الإعجاب شعرنا بخوف على مستقبل الحراك وخلاصاته. كان خوفنا موضوعياً؛ لأن حراكاً كهذا لا قيادة له ولا قوى منظمة تملك قدرة على تجسيد المطالب بإنجازات، فذلك سيقود في نهاية المطاف إلى أن تؤول الأمور إما للدولة ذات الجذور العميقة في حياة الناس، وإما لـ«الإخوان» الذين ما كان ميدان التحرير بالنسبة لهم أكثر من منبر يقف عليه القرضاوي، بعد رد شباب الحراك وإزاحتهم بالقوة عن المنصات، وذلك تمهيداً للاستيلاء على الجهد وخلاصاته.
الدولة العميقة في مصر، وكان يمثلها آنذاك المجلس العسكري، اجتهدت بفعل عوامل داخلية وخارجية بالإفساح في المجال لـ«الإخوان» غير الديمقراطيين للوصول إلى السلطة بوسائل ديمقراطية، وبدل أن يُستخدم الجيش الذي هو المؤسسة الأقوى والأكثر انضباطاً وتنظيماً في مصر في قمع الحراك ومنع «الإخوان» من الاستيلاء على خلاصاته الأولية على الأقل، تُركت الأمور تجري بتلقائية وبقوة الدفع في رهان على أن «الإخوان» سيفشلون في حكم مصر بفعل ضعف التجربة والقدرة، ما يوفر للدولة العميقة فرصة ثمينة لأن تستعيد نظام حراسها التاريخيين، وهذا ما حدث.
الحكم النهائي على تجربة ميدان التحرير، أن البراءة الشعبية التي حركت الملايين، أطاحت بمبارك كرمز، إلا أنها لفتت انتباه حراس الدولة العميقة إلى الاهتمام أكثر بنظامهم، وهذا ما هو مستمر حتى الآن.
انتقلت روح ودوافع ميدان التحرير إلى ساحة الشهداء ورياض الصلح في بيروت، وتمددت لتغطي كل لبنان، وإذا كان ميدان التحرير قد جمع كل الأطياف والرغبات الدفينة في نفوس الشعب المصري، فإن ميدان لبنان جمع ما هو أصعب، في جهد شعبي هدف إلى كسر القوالب التي حشر فيها البلد والناس عقوداً من الزمن، مشفوعة بأنهار من الدم.
قوة الدوافع تجلت في بساطة المطالب وشرعيتها، من تنظيف أحلى المدن من النفايات المتراكمة إلى توليد نظام سياسي، لا تتقاسمه كغنيمة بالجملة والتفصيل طبقة حاكمة، أهدرت بفعل صيغتها وشخوصها مئات مليارات الدولارات، التي لو ذهب بعضها في الاتجاه الصحيح لصار لبنان كما ألفناه أو كما هي الصورة المأخوذة عنه، أفضل بلدان الشرق الأوسط.
ما يعتبر مطالب إنسانية بسيطة أو بديهية، اعتبره محترفو السلطة والنفوذ ناقوس خطر، دعاهم إلى شحذ كل ما لديهم من إمكانيات لإذابة الظاهرة وهي في مهدها، وليحاولوا فرض خيارات على المنتفضين، أحلاها مر، أي إما أن يُتهموا بأنهم عملاء سفارات أجنبية تخطط لفتنة كبرى قد تصل في مرحلة ما إلى حرب أهلية، وإما أن يتعقلوا ويختصروا مطالبهم إلى حدود دنيا، لا تزعج ولا تضعف من نفوذ حراس الصيغة القديمة.
تزامن الحراك اللبناني الذي لم يسدل الستار عليه بعد مع الحراك العراقي، أظهر تشابهاً في كثير من الدوافع والآليات، إلا أنه مختلف من حيث غزارة الدم. اللبنانيون يحتفظون في ذاكرتهم بالحروب الأهلية التي خاضوها وكانت تنتهي إلى تكريس الصيغة التي ثار الناس عليها، فصاروا أكثر حذراً من الدم، أما العراقيون فهم أصحاب تجربة جديدة وقائعها أفدح بكثير من التجارب اللبنانية، وإذا كان اسم البلد الشائع هو «ما بين النهرين» فصار يصدق عليه اسم جديد: «ما بين مأساتين»: الحكم الصدَّامي الذي مارس أشرس قمع سلطوي لأي معارض، بما في ذلك استخدامه السلاح المحرم دولياً، والذي بلغ حد إبادة المعارضين بلا هوادة، ثم المأساة الإيرانية التي دمجت العراق وأهله وطوائفه وأطيافه في أجندة النظام الإيراني، فحق على العراق أن يدفع ثمن حرب عالمية مزعومة. وإذا كان من الصعب تحديد منسوب الدم في التجربة الراهنة، فإن ما لا يصعب تحديده هو وقف نمو هذا البلد إلى أجل غير مسمى.
العراقيون كالمصريين واللبنانيين، ثاروا من أجل مطالب بسيطة وبديهية، فمن حق أهل العراق أن ينزلوا إلى الشوارع؛ لأن أغنى بلد في الشرق الأوسط من حيث المخزون النفطي والثقافي والحضاري، يعيش معظم مواطنيه تحت خط الفقر، ويعيش حكامه فوق خط أغنى أغنياء العالم.
وكما قلقت وصديقي خيري منصور على حراك ميدان التحرير، وأقلق الآن على حراك لبنان، فإنني أشعر بقلق على العراق؛ ذلك لأن للبراءة التي تجلت بأعمق وأبلغ الصور في حراكات الميادين أخلاقاً وقيماً، وللاحتراف السلطوي لا هذا ولا ذاك.
شريط الأخبار وزارة النقل: مشروع تتبع المركبات الحكومية خفّض الاستخدام غير المبرر للمركبات بنسبة 62% "الجمارك" تضبط 25 ألف حبة مخدر و50 غراما من مادة الكريستال الملك يطلع على خطة الحكومة لتطوير المرحلة الأولى من مشروع مدينة عمرة سوليدرتي الأولى للتأمين تقيم ورشة عمل في الجامعة الألمانية الأردنية بعنوان: "التأمين… وإدارة المخاطر" فرع جديد لمجموعة الخليج للتأمين – الأردن في جبل عمّان القضاء يلزم مريضي سرطان بحفظ سور من القرآن كعقوبة بديلة نائب: شموسة منعت من الدخول في عام 2021 هل صرف "الاهلي المصري" النظر عن النعيمات ؟ ضبط أكثر من 1400 اعتداء على خطوط المياه خلال شهر واحد سلامي: نواجه خصمًا قويًا وسندافع عن حظوظنا لبلوغ نهائي كأس العرب.. موعد المباراة قتلى ومصابون جرّاء إطلاق نار على حفل يهودي في سيدني الفحص الطبي لمرة واحدة… قرار جباية أم تنظيم؟.. النوتي يكتب... الصبيحي يكتب.. الدراسة الاكتوارية للضمان: مؤشرات تحذير لا مخاوف تخبط اداري في مؤسسة صحية .. فك وتركيب اقسام ومديريات!! السفير الأميركي يواصل جولاته المكوكية بين الوزارات الأردنية فريحات يكتب.. السلامي يواجه أستاذه رينارد .. صراع خبرة وطموح في المستطيل الأخضر ايقاف 3 مصانع منتجة للنمط ذاته من المدافئ المتسببة بالوفيات التمييز تحسم القرار .... فينكس القابضة تكسب قضية بملايين الدنانيير ضد الصناعية العقاريه الحكومة تشكل لجنة للبحث عن اسباب حوادث الاختناق حماية مستهلك: إيقاف بيع المدافئ مؤقتاً