خلال أزمة المعلمین كان التركیز الاعلامي منصباً على الجھات الظاھرة للعیان في الصراع باعتبارھا صاحبة الحل
والعقد (الحكومة والنقابة)وبالمقابل بقیت الضحیة التي تمثلت في (الطلبة واولیاء الامور) بلا أي تمثیل على طاولة
التفاوض وغائبة تماماً عن مشھد المصلحة العامة بالرغم من أن محور العملیة التعلیمیة والتربویة كلھا كانت ولا تزال
تدور في فلك (الطالب) وكما اعتدنا في عالمنا العربي فالضحیة دائما صامتة وھي أیضا التي تدفع ثمن استعصاء
..المواقف والعنجھیات غیر المحسوبة وتغلیب الخاص على حساب العام
الدیمقراطیة لیست حالة تقع فجأة من السماء على الأرض ویبدأ الجمیع في تطبیقھا بل ھي بناء ذھني وقبول نفسي في
عقلیة المجتمع تنعكس بالضرورة على السلوك ولا یجوز ان تكون حالة موسمیة نمارسھا مرة كل اربع سنوات بل ھي
منظومة حیاة رأس سنامھا سیادة حكم القانون والقبول بھذا الحكم وتطبیقھ بشكل نزیھ محترم بعیدا عن الالتفاف على
مفردات ھذا الحكم الذي لھ مصدر واحد مشروع فقط لا غیر وھو القانون أما من یقوم ببیان وكشف او بناء الحقیقة
..التي یحتویھا الحكم نفسھ فھو القضاء
في ازمة المعلمین لجأت الضحیة إلى القضاء لكي تحمي حقوقھا الدستوریة والاجتماعیة والاقتصادیة وحقھا في
المستقبل وحتى في غیرھا من الصراعات المبنیة على اسباب تصنف بأنھا سیاسیة او حتى فكریة ربما یرى البعض
انھا تمس بالحقوق الأساسیة للأردنیین خصوصا تلك المتعلقة بالحریات العامة قد تلجأ النیابة العامة الى القضاء في
تحریك دعوى الحق العام بمواجھة شخص أو مجموعة عندما تكون الحالة تستوجب ذلك لمنع حدوث خلل عام داخل
المجتمع لكن تبقى مھمة القاضي ھي تطبیق احكام القانون على النزاع في الدعوى المعروضة أمامھ وان كانت غایاتھا
..سیاس?ة لان القول بخلاف ذلك یھدر قیمة اكبر واخطر ویضع قیودا على الحق الدستوري في اللجوء الى القضاء
الیوم تتعالى أصوات البعض في الاساءة للجھاز القضائي لا لسبب سوى أن ھذه الجھات ترید النیل من الأردن بأي
وسیلة ممكنة وتسعى لضرب وتفكیك مؤسساتھ الدستوریة منھا خاصة وھز ثقة المواطن الأردني بھا وتصویرھا في
ذھنھ على انھا غیر قادرة على القیام بواجبھا والسؤال المطروح الى من تلجأ الضحیة في صراع حتى لو كان سیاسیا
إذا لم تكن اداة الفصل عند استعصاء الاطراف ھي القضاء !!؟
في أمیركا.. في أوروبا.. في كل الدیمقراطیات العریقة المستقرة الراسخة في ذھن وعاطفة ووعي المجتمع یلجأ الناس
یومیا إلى القضاء دون الغمز واللمز والاستعداء والنیل منھ والاساءة لمخرجاتھ من أحكام ولزوم تطبیقھا وفي أمیركا
قرر القضاء یوما من ھو رئیس الولایات المتحدة الأمیركیة وقرر الحقوق المدنیة للمواطنین وقرر أن الانتخابات
نزیھة من عدمھ لكن یبدو ان ثقافة اللجوء للقضاء كجزء من التكوین الدیمقراطي للدولة لا یعجب البعض ویصر على
البقاء في الشارع.. من یرید احكاما مختلفة علیھ أن یسعى لتعدیل القانون بالطرق الدیمقراطیة لا ?لنیل من الجھة التي
..تحكم بموجبھ وبھذا الصدد نذكر بأننا مقبلون على انتخابات نیابیة
القضاء والصراعات السياسية..
أخبار البلد - اخبار البلد-