یمثل افتتاح الدورة البرلمانیة العادیة لمجلس الأمة حدثا وطنیا سنویا في مثل ھذا الوقت ویوجھ لعمل الحكومة لسنة
كاملة، فافتتاح جلالة الملك عبدالله الثاني الدورة العادیة الرابعة لمجلس الأمة الثامن عشر في احتفال مھیب اقشعرت
لھ الأبدان فخراً، فمنذ لحظات وصول جلالتھ حتى دخولھ لقاعة مجلس الأمة، بما تحملھ طبیعة الحدث من أھمیة
بجمیع الاتجاھات لاستمراریة الدولة المدنیة الحدیثة التي یحكمھا نظام برلماني دیمقراطي، وینفذھا سلطة تنفیذیة
تحت مجھر الرقابة الملكیة والتشریعیة، ویحرسھا نظام قضائي عادل، ویراقبھا نظام اعلامي متعدد الوسائل بحریة
النقد والتعبیر، وكل ذلك تحت قیادة رأس الدولة جلالة الملك؛ الموجھ والحكم والمتابع والمنقذ، فذكر جلالتھ ببدایة
خطابھ أن ھذه الدورة تحدیدا وھي الأخیرة بعمر المجلس الحالي تقع بظروف استثنائیة تتطلب الشفافیة والشجاعة
بنفس الدرجة التي تتطلب فیھا العمل والإنجاز حیث خاطب جلالتھ الحضور بالقول: یتحدث الیوم من ذات المنبر
الذي أقسم منھ، قبل عشرین عاما، أن یكون حافظا للدستور ومخلصا للأمة، وھو ینفذ الوعد الذي نلمس نتائجھ
جمیعنا بمختلف طبقاتنا وأمكنتنا كنتاج جھد دؤوب لأنھ ملك الانجازات التي تحاكي الواقع ویصعب سردھا لأننا
نعیش ضمن بحبوحة نتائجھا، وربما الاستماع لخطاب العرش الذي یرسم ویوضح سیاسة الدولة بالنبرة الملكیة
.أعطى دروسا للعطاء والتفاؤل وتوضیح الحقائق
كلمات الخطاب الملكي ورسالتھ كانت واضحة ولا تحتمل الاجتھاد بالتفسیر، فقد وضع النقاط على الحروف ورسم
خارطة طریق المستقبل للدولة الأردنیة من أجل اكمال المسیرة بالرغم من التحدیات التي تعصف بالوطن، ولكننا
بمحافظتنا على التماسك والوحدة الوطنیة بقلب واحد سنترجم أمل القائد لواقع، فثوابت السیاسة الخارجیة متداخلة
ولكن محاورھا متكاملة، فالموقف الأردني تجاه القضیة الفلسطینیة؛ قضیة الأردن الأولى بالتمسك بقرارات
الشرعیة الدولیة لقیام دولة فلسطینیة، وعاصمتھا القدس الشرقیة ھي حقیقة لا مجال للنقاش فیھا، حتى وإن اعتقد
البعض لظروف الزمن الحالي والواقع العربي المنقسم، بأنھا فرصة للتفاوض تحت عنوان الضغط أو المغریات،
ُف المناسبة الوطنیة
َصادُ
إضافة لواجب الأردن الھاشمي بالمحافظة وحمایة المقدسات الإسلامیة والمسیحیة، وربما تَ
الیوم مع انتھاء العمل بالملحقین الخاصین بمنطقتي الغمر والباقورة، وعودتھما لحضن الدولة الأردنیة، أعطى
.للمناسبة طعما مختلفاً بالتأكید
خاطبنا القائد بقولھ: إن الوطن برقبتھ وھو یشعر بمعاناة كل منا في موقعھ وظروفھ، وھو یذكرنا بمسلسل الأزمات
والضغوط الاقتصادیة ضمن العقدین الماضیین، خصوصا بتلك المواقف التي دفع فیھا الأردن ثمنا لمواقفھ القومیة
والمبدئیة دون المساومة أو التنازل، لأننا لا نضعف أو نھرب أمام الصعاب، بل نتسلح بالعزیمة ونستمد القوة
.والاصرار، فالتحدیات لن توصلنا لنفق المستحیل أبداً وقد أثبتنا
التفاؤل بالغد وعدم الخوف منھ على الوطن، منحنا وقودا للأمل والحلم الذي یسكن داخلنا، فالمستقبل الواعد لنا،
سنحققھ بعملنا وإخلاصنا بدون سقف للطموح أو تحدید قترة زمنیة للحصاد، فالنجاح حكر للمجتھدین المتفائلین
بقدرتھم على صنع التغییر المنشود نحو الأفضل وشبابنا الأردني قادر على انجاز ھذه الخطوة، فمن یتسلح بالعلم
والمعرفة والارادة لن یسقط ولن یستستلم، فخطاب الیوم أوضح التحدیات المستقبلیة متجاوزا الانجازات بسبب
.القلق الذي ینتاب أبناء الوطن
الجواب الشافي بالخطاب الملكي على منبر مجلس الأمة كان واضحا وعبارة عن رسالة اطمئنان لكل منا: الأردن
یمضي إلى الأمام بخطى ثابتة، فقد باتت الإصلاحات الأصعب خلفنا، والمستقبل الواعد أمامنا، نمضي نحوه بثقة
لنحقق طموح أبناء ھذا الوطن، مع ضرورة التعاون والتكامل بین القطاعین العام والخاص بنوایا الانجاز البعیدة
.عن الجشع والاستغلال بصوره، لنخلص القول: الأردن القوي والمستقبل الواعد وللحدیث بقیة.