لم يعد خافياً على أحد أن الإعلان عن محتوى خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط المعروفة بـ”صفقة القرن” قد أصبحت رهينة للانتخابات الإسرائيلية ، وتشكيل الحكومة الإسرائيلية.
كان من المزمع الإعلان عن صفقة القرن بداية هذا العام ، ولكن تم تأجيلها لما بعد الانتخابات الإسرائيلية المبكرة التي أجريت في شهر نيسان من هذا العام ، ولكن فشل نتنياهو بالحصول على أغلبية برلمانية تسمح له بتشكيل الحكومة أدى للدعوة لانتخابات جديدة. وأعلنت الرئاسة الأميركية بتأجيل الإعلان عن الخطة لما بعد الانتخابات المبكرة والتي أجريت فعلياً في أيلول من هذا العام. ومرة ثانية، فشل نتنياهو في تشكيل حكومة مع حلفائه اليمين أو حكومة وحدة وطنية. الكرة الآن في ملعب غانتس رئيس حزب أبيض أزرق، والذي تم تكليفه بتشكيل الحكومة الإسرائيلية.
نحن أمام أكثر من سيناريو الآن ، الأول هو قدرة غانتس على تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، أو الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة بعد ثلاثة أشهر من إعلان عدم قدرته على تشكيل الحكومة.
من الصعب التنبؤ في أي من الاحتمالين أكثر ترجيحاً. ولكن بغض النظر عن السيناريو الذي سوف يخرج لأرض الواقع، فمن المرجح أن صفقة القرن باتت في غرفة الانعاش.
السيناريو الأول الذي يقضي بتشكيل حكومة برئاسة غانتس يعني أن صفقة القرن لن تكون على الطاولة ، لأنه وحلفاءه المحتملين لا يدعمون صفقة القرن الأميركية. صحيح أن حل الدولتين لم يكن ضمن حملته الانتخابية، لكن حلفاءه من اليسار ما زالوا يؤيدون حل الدولتين. لكن الأهم من ذلك قد يكون موقف المؤسسات العسكرية والأمنية ما زالت تؤيد حل الدولتين ، ولكنها لم تكن قادرة على إيجاد شريك من السياسيين، سيما وأن اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو كان رافضا لحل الدولتين. غانتس هو أقرب للمؤسسة العسكرية وقد يكون ميالا لحل الدولتين، وإن كان بالمفهوم الإسرائيلي لحل الدولتين، ولكنه على الأقل هو والمؤسسة العسكرية غير متحمسين لخطة ترامب، ليس بالضرورة إيماناً بحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه ، ولكن خوفاً من النتائج الكارثية على إسرائيل في حال تطبيق "صفقة القرن”.
مصدر القلق لدى معارضي صفقة القرن مصدره أمني على المدى القصير واستراتيجي أيضاً. إن محاولة فرض حل أقل من طموحات الشعب الفلسطيني سيكون كابوسا أمنيا لإسرائيل لأنه سوف يلقى مقاومة كبيرة من الفلسطينيين. أما على المدى الاستراتيجي، فإن الخيار الأقوى أن إسرائيل سوف تذهب الى خيار الدولة الواحدة مرغمة ، ولكن مع نظامين، واحد للإسرائيليين وآخر للفلسطينيين والذي سيقوم على حرمانهم من حقوقهم السياسية، والذي سيحول إسرائيل إلى دولة عنصرية كما كان الحال في جنوب أفريقيا، وهذا سيكون بداية النهاية للمشروع الصهيوني القائم على يهودية الدول.
أما في حال فشل غانتس في تشكيل الحكومة، فمن المرجح الذهاب لخيار الانتخابات مرة أخرى، وإن حدثت فستكون في بداية العام القادم، وهذا يعني تأجيل الإعلان عن صفقة القرن مرة أخرى لحين تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة.
إضافة لذلك، فإن ترامب سوف يكون مشغولا بإجراءات عزله، أو في الانتخابات الرئاسية الي ستتم في نهاية العام المقبل. وبكل الأحوال، فإن الحماس لصفقة القرن قد يكون تلاشى ومعه الداعمون الإقليميون.
كل من ترامب ونتنياهو، وهما عرابا صفقة القرن، يصارعان للإبقاء على مستقبلهما السياسي الذي هو في مرحلة الأفول، ونهايتهما السياسية تعني بالتأكيد نهاية الصفقة حكماً، ولذا فقد لا ترى صفقة القرن النور بتاتا.
صفقة القرن والانتخابات الإسرائيلية
أخبار البلد - اخبار البلد-