* عماد عبد الرحمن
يستحق المعلم والمعلمة تحسين اوضاعهم المعيشية،وهذا الامر محل اجماع ولا اختلاف فيه ،وقد كانت استجابة الدولة لهذه المطالب مقبولة ،ومرضية، عبر حزمة الاجراءات التي تمخضت عنها الاجتماعات المكثفة خصوصا في الايام الاخيرة للاضراب.
اضراب المعلمين هو الحدث الابرز محليا منذ عام 2011، بالتالي ينبغي الوقوف طويلا امام ما جرى لدراسة تداعياته ،وتقييم نتائجه، وانعكاساته المستقبلية .
القضاء العادل والنزيه هو الملاذ الآمن لكل الاطراف،وهو صاحب الكلمة والقول الفصل في اي خلاف او نزاع ،كما ادت المحكمة الادارية .
نحتاج الى اجابة وافية وعملية من مجلس نقابة المعلمين بكيفية تعويض الطلبة عما فاتهم من دروس بعد تعطلهم عن الدراسة على مدى اكثر من نحو شهر.
نحتاج الى اطار تشريعي ينظم اي اضراب عمالي او قطاع عام وبما يضمن عدم الاضرار بمصالح اي شريحة من الشرائح المجتمعية.
اثبت الاضراب اننا مجتمع لا يتقبل الرأي والرأي الاخر، ونستخدم كافة الوسائل بكيل الاتهامات واحيانا " التخوين " لثني خصومنا عن ابداء آرائهم التي تتعارض مع اجنداتنا الضيقة.
وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورا كبيرا في توجيه الرأي العام اطلاق الرسائل ،والمواقف، حيث تم استخدام فيس بوك وتويتر في اعلان المواقف ، والردود على المبادرات ،وهو ما اثر بشكل كبير على وسائل الاعلام التقليدية وتراجع دورها، والتي كانت تلعب دورا اساسيا " كموجه وضابط ايقاع " عادة في تحديد بوصلة الرأي العام في مثل هذه المواقف الصعبة.
المعلمون قادوا الاعتصام بذكاء من خلال الاستخدام الفعال لوسائل التواصل،للوصول الى اعضاء الهيئة العامة للنقابة ،وعددهم يقارب 104 الاف معلمة ومعلم، وما دفعه للاستمرار حجم التجاوب الكبير من اعضاء الهيئة العامة (الذي فاجأ الجميع بما في ذلك مجلس النقابة نفسه) و التي تعاني من ظروف واوضاع اقتصادية صعبة كغيرها من الفئات المجتمعية الاخرى.
النقابة استبقت الاضراب بهجوم على احدى الصحف اليومية الكبرى والمؤثرة لتحييدها،بعد تهديد احدى ابرز صحفياتها، وخلال الاضراب تم الاعتداء على طاقم التغطية لقناة فضائية ،سرعان ما لبث ان اعتذرت النقابة لتلك المحطة.
النقابات المهنية الاخرى كانت الخاسر الاكبر من الاضراب، خصوصا وانها تطالب بتحسين علاوات منتسبيها منذ سنوات دون جدوى، علما ان مجموع علاوات منتسبيها لا يكلف الخزينة اكثر من 20 مليون دينار ، وهو نصف الرقم الذي حصلت عليه نقابة المعلمين اخيرا.
النقابات ذاتها ايضا، واجهت انشقاقات في مجالسها وهيئاتها العامة على خلفية البيان الشهير الذي دعا الطلبة للعودة الى مقاعد الدراسة في الاسبوع الثالث من الاضراب، ووقعته معظم النقابات ،والتي سرعان ما لبثت "بعضها وليس كلها" بسحب تواقيعها بعد هجوم مجلس نفابة المعلمين المضاد.
الطلبة والاهالي -الاغلبية الصامتة- هم الخاسر الاكبر من الاضراب ،اضافة الى قطاعات اخرى كالمتاجر والمخابز ومحطات المحروقات والنقل وغيرها،لذلك ينبغي وضع آلية واضحة ومحددة لضمان تعويضهم عما فاتهم،خصوصا وان طلاب المدارس الحكومية يعانون في كل عام من عدم انهاء المنهاج المقرر بسبب ضيق الوقت، فما الذي سيكون عليه الحال في هذا العام الذي اسقط منه شهر كامل وعشرات الساعات التدريسية المقررة مسبقا وفق تقويم وزارة التربية والتعليم.
اقترح على معلمينا ومعلماتنا الافاضل تخصيص اول حصص من الدوام لاستعادة الروح المعنوية لطلبتنا واستعادة الحماس الذي كانوا يتسلحون به مع بداية كل عام، وهنا اقترح ايضا تفعيل دور المرشدين التربويين والاجتماعيين ، والاساتذة ممن يمتلكون شعبية كبيرة لدى الطلبة للعب هذا الدور.
ادعو الناشطين على فيس بوك، للثبات على مواقفهم وعدم استثارة الرأي العام باتجاه ما ،وقد لاحظنا تغيرا وإضطرابا كبيرا وركوب للموجة منذ بداية الاضراب وخلاله وفي نهايته، كما ادعوا كل من يقيم خارج حدود الوطن ان لا يتشدد بمواقفه لخلفيات سياسية او شخصية ، فحال البلد تغير كثيرا عما كان عليه الوضع قبل سنوات.
نبارك لمعلمينا ومعلماتنا انجازهم المطلبي، ونقدر للحكومة اسفها وحرصها على حفظ كرامة وهيبة المعلم وتجاوبها مع مطالبه ..