الشراكة مع القطاع الخاص ودورها في التنمية الاقتصادية المستدامة وتحسين ظروف الاقتصاد وزيادة كفاءة الإنتاج .. جميعها عناوين رئيسية أطلقتها الحكومات الأردنية المتعاقبة كشعارات افتقرت لآليات التطبيق والقياس وتكرار التجارب فما الذي حدث ؟
من البديهي القول أنه لإنجاز عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل الدولة لا بد من حشد كل إمكانيات المجتمع من أفراد ومؤسسات وموارد ضمن أطر تنظيمية وقانونية من خلال تكامل الممارسة الاقتصادية المختلفة عبر مؤسسات وشركات ومنظمات تستند إلى قواعد مهنية وسلوكية بالمفهوم الأخلاقي لبيئة الأعمال تساعد على خلق تنافسية محكومة بضوابط الحوكمة والتشريعات التي تكفل حسن الممارسة .
إن المشكلات المزمنة التي يعاني منها الاقتصاد الأردني والتي تتمثل في ضعف الموارد بالنسبة لعدد السكان وضعف البنية التحتية والتواجد في مناطق تتميز بعدم الاستقرار السياسي ، ارتفاع فاتورة النفط ، تركز النشاط الاقتصادي في العاصمة عمان ، الطلب المتزايد على الخدمات من تعليم وصحة ونقل ، العجز المستمر والمتزايد في ميزان المدفوعات ، ازدياد المديونية وعدم القدرة على خدمة الدين ، البطالة وتراجع عدد الوظائف الجديدة ، تباطؤ النمو الاقتصادي ، التضخم وتراجع القوة الشرائية ، المشكلات الاجتماعية ذات الصلة بتردي الأوضاع الاقتصادية ، كل هذه المشكلات تلقي بظلالها على مستوى النمو الاقتصادي ورفاهية المواطن فما الذي تستطيع الحكومات عمله في ظل هذه المشكلات ؟
إن أحد الحلول هي الشراكة مع القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات حيوية مثل الاتصالات ، الطاقة والمياه ، الصحة ، التعليم والتي تحتاج إلى استثمارات ضخمة ولمدة طويلة ولا تستطيع الحكومة توفيرها.
إن الرغبة في تنفيذ شراكة حقيقية بين الجانبين لا بد أن يستند إلى الوعي بأهمية هذا التفاعل والتعاون من خلال توظيف الإمكانيات البشرية والمالية والإدارية والتنظيمية والمعرفية على أسس المنفعة المتبادلة .
وعليه فإن الحكومة مطالبة بما يلي:
1- الدعم السياسي للقائمين على صنع القرار .
2- إيجاد الآليات التنظيمية والتشريعية لتحديد جدوى تنفيذ المشاريع مع القطاع الخاص .
إن أشكال الشراكة مع القطاع الخاص القابلة للتنفيذ تتمثل في :
1- عقود الخدمة : نوع من أنواع الاتفاقيات الملزمة بين الطرفين تبرم بين الحكومة ممثلة بهيئة أو جهة ذات صلاحيات مع شركة من القطاع الخاص يقوم بموجبه القطاع الخاص تنفيذ أعمال محددة بشروط معروفة مسبقاً مقابل جزء من إيرادات المشروع أو مقابل عائد مادي .
2- عقود الإيجار : وهو عقد تمنح من خلالة الحكومة (مالكة الأموال) حق استخدام هذه الأصول والاحتفاظ بالأرباح لمدة متفق عليها ويمكن استخدام هذه النموذج في مشاريع مثل تنفيذ مترو بين عمان والزرقاء والتعدين في الفوسفات والصخر الزيتي وغيرها .
3- عقود الامتياز : والتي يتم بموجبها فتح حق التشغيل والتطوير للقطاع الخاص ضمن معادلة تمنح للحكومة حصة من الأرباح مع نقل ملكية هذه الأصول للحكومة في نهاية الفترة .
4- البناء والتشغيل ونقل الملكية (BOT) ومشتقاتها .
5- البناء والتملك والتشغيل ونقل الملكية (BOOT) ومشتقاتها .
إن المعضلات الأساسية في تبني أحد أساليب الشراكة مع القطاع الخاص يكمن فيما يلي :
1- عدم وجود تنظيم تشريعي والتي تتمثل في القواعد والأسس والأحكام التي تنظم اختيار الشريك او الشركاء وتنظيم العلاقة التعاقدية مع الطرف الآخر .
2- عدم وجود وعي كاف لدى القائمين على الشأن الاقتصادي وذلك بسبب قلة الخبرات وعدم وجود خطط طويلة الأمل واستراتيجيات تحكم توجهات الاقتصاد الأردني .
3- الشكل المؤسسي والتنظيمي داخل الحكومة الأردنية لا يتيح الشكل المؤسسي والتنظيمي المربوط بالصلاحيات والجهات المنظمة لمنح هذه العلاقة الإطار القانوني لممارسة أعمالها وفقاً لتسلسل وآلية تجارية .
إن الحلول المقترحة والعملية لتأسيس شراكة حقيقية يكمن فيما يلي :
1- أن تقوم الحكومة الأردنية وعبر مؤسساستها التشريعية والاقتصادية في اعتماد قانون الشراكة بدلاً من مشروع قانون عبر الأطر التشريعية .
2- أن تقوم الحكومة الأردنية بتحديد المشاريع التي ترغب بتنفيذها والشروط اللازمة لها وعرضها على القطاع الخاص الأردني ضمن الضوابط المالية والقانونية وحتى السيادة الاقتصادية وذلك للفترة القادمة تمتد إلى عشر سنوات .
3- مساعدة القطاع الخاص على تجميع طاقاته المالية والبشرية والفنية من خلال شركات او تحالفات اقتصادية او تجمعات لتنفيذ هذه المشاريع من خلال صيغ قانونية وتنظيمية
المشاريع التي يمكن البدء فيها مع القطاع الخاص :
1- اعلنت الحكومة الأردنية عن حاجتها إلى بناء (400) مدرسة في مناطق مختلفة حيث يمكن أن يقوم القطاع الخاص ببناء هذه المدارس والدفع من قبل الحكومة على سنوات .
2- تنفيذ مشروع ربط القطار الخفيف بين الزرقاء وعمان ، اذ يمكن ان يتم طرحه على القطاع الخاص مقابل التشغيل والإدارة ونقل الملكية .
3- توسيع نطاق الخدمات الطبية (مستشفيات) من خلال الإدارة وتشغيل هذه المراكز الطبية من قبل القطاع الخاص .
لقد أظهرت بيانات قانون الموازنة لعام 2016 قائمة بالمشاريع الرأسمالية كما يلي :
العام قيمة المشاريع الجزء الممول بقروض
2016 1,310,599,000 دينار 21,550,000 دينار
2017 1,352,581,000 دينار 33,950,000 دينار
2018 1,200,113,000 دينار 35,350,000 دينار
إن السؤال الجوهري والمهم هو ما هي مصادر تمويل هذه المشاريع الرأسمالية ؟؟
وهل هناك قدرة حقيقية وفعلية على توفير هذا التمويل من خلال الآليات الاقتصادية المتبعة حالياً ؟ ما هي أولويات التنفيذ الزمني ؟
إن الرغبة الحقيقية في إنجاز نمو اقتصادي يبدأ من توفر النية لذلك مع توافر الوعي الكافي لهذه الحاجة .
الاردن يحتاج منا جميعاً إلى تكاتف وشراكة تعود بالفائدة والعدالة على جميع مكونات المجتمع ومؤسساته والدعوة موجهة هنا إلى وزارة الأشغال ووزارة المالية بالدعوة إلى تبني فكرة الشراكة فهل من مجيب ؟؟؟