اخبار البلد _ كلما أثيرت قضية عاملات المنازل في المملكة، تكون ظروف العمل السيئة لهن، وتحميل المسؤولية للكفيل هي المحور، دون الالتفات الى مسؤولية مكتب الاستقدام وغياب دور وزارة العمل في مراقبة قطاع الاستقدام.
سيل لا متناهٍ من الروايات والقصص والتجارب تخفي في ظلالها غضبا عند المواطنين جراء تقاعس وزارة العمل في مراقبة وضبط قطاع الاستقدام في الاردن، وربما أن غياب تطبيق القانون وسيادته يؤدي الى تغول أطراف في عملية الاستقدام على أخرى، وتحول حاجة المواطن لعاملة منازل تخدمه، وتساعده في أعمال المنزل، ورعاية الاطفال وكبار السن، الى عبء وإرهاق مالي، وأزمة تحدق بالعائلة التي ترتبك بانتظار قدوم العاملة، أو التفكير بمصيرها حينما تهرب من منزل مخدومها.
ويبقى المواطن «الكفيل» رهن ضمير الاطراف الاخرى «وزارة العمل ومكتب الاستقدام والعاملة» إذ أنه لا يتوفر لدى السلطات المعنية أي آلية موضوعية لمراقبة تطبيق التشريعات والتزام الاطراف المعنية بها.
لدى المواطنين قصص وتجارب مربوطة باستقدام عاملات منازل، فبعضهم بقي لأكثر من 3 شهور ينتظر استقدام عاملة منازل، وآخرون يقولون إنهم دفعوا لمكتب استقدام تكاليف استقدام عاملة منازل وما زالوا ينتظرون «عطف» المكتب عليهم لاحضار العاملة.
وحسب ما يبرز من ظواهر وقضايا وقصص وروايات تتعلق بملف عاملات المنازل، فان الكفيل هو الحلقة الاضعف في عملية الاستقدام التي تتحكم بها مكاتب متخصصة ومرخصة قانونيا، تستنزف أموال المواطنين الراغبين باستقدام عاملات منازل، وتبقيهم رهائن لسياسة المكاتب في توجيه عملية الاستقدام برمتها، وسط تراجع دور الحكومة في تنظيم عملية الاستقدام، وضبطها للتجاوزات التي يشهدها القطاع، وأرتفاع شكاوى المواطنين المحتجة على تباطؤ وزارة العمل في حل النزاعات القائمة مع مكاتب الاستقدام، لا بل إن بعضا من المواطنين يؤكدون أن الوزارة لا تتدخل على الاطلاق وتترك المواطن ضحية لمزاجية صاحب المكتب في التعامل مع نزاعه مع العاملة أو طلب استقدامها وكلفته المالية.
الكفيل الاردني يعاني، وقوانين وتشريعات وزارة العمل لحماية حقوقه ليست فعالة، وتتقدم العشرات من القصص والروايات لحالات تعرض بها الكفيل للخداع من قبل أطراف أخرى بعملية الاستقدام، والوزارة لا يسعها الا أن تقول انها غير قادرة على اتخاذ أي إجراء، وشكاوى المواطنين لقسم التفتيش في الوزارة تتحول الى أوراق هامدة في أدراج مديرية العاملين في المنازل.
خبراء ومعنيون بقطاع الاستقدام يرون أنه كلما تم التفكير في أزمة الاستقدام في الاردن، فان المسؤولية الاولى ملقاة على عاتق الحكومة لتفعيل القوانين والتشريعات الضابطة لاستقدام عاملات منازل، وتفعيل أداء ودور التفتيش على مكاتب الاستقدام، أما الخطوة الثانية فانها من واجبات المشرعين والقائمين على تطبيق التشريع وتفعيله في متابعة آلية الاستقدام للعاملة، والخطوة الاخيرة من واجبات القائمين على تنظيم قطاع الاستقدام.
المطلوب التحقيق مع مكاتب للاستقدام استوفت كلفا مالية لاستقدام عاملات منازل، وترفض أن تكمل إجراءات استقدامها للمواطنين. فقد كشفت إفادات لعاملات منازل ضبطن بعد هروبهن أن بعض مكاتب الاستقدام تحرض العاملات على الهروب، وتقدم تسهيلات لعملية هروبهن من منازل مخدوميهن، ما يترتب عليه تعريض صاحب المنزل «الكفيل» لخسائر مالية، اضافة الى أن الكفيل بحكم القانون هو المسؤول عن العاملة اذا لم يبلغ الاجهزة الامنية عن هروبها.
ويتسرب من روايات وقصص لعاملات منازل ضبطن هاربات من منازل مخدوميهن وفتحت وزارة العمل تحقيقا بحوادث هروبهن، أن مكاتب الاستقدام مسؤولة عن هروبهن وأن بعض المكاتب يلتزم بتشغيلهن بعد الهروب، ومكاتب تقوم بتشغيلهن بأعمال أخرى غير خدمة المنازل.
ويحبذ بعض أصحاب المكاتب هروب العاملات كي يعملن على حساب نظام «المياومة» الذي يحقق للعاملة والمكتب مردودا ماليا أعلى من العمل وفق العقد السنوي.
وعلى ضوء ذلك، فإن بعض المكاتب تلجأ الى تعطيل اجراءات استقدام العاملة ومنحها تأشيرة الدخول بغية ارغام المواطنين الراغبين بالاستقدام على تشغيل عاملات هاربات على نظام المياومة، ما يؤدي الى رفع التكلفة على المواطن واجباره على تشغيل عاملات بطرق غير قانونية في منزله.
وتقول احدى السيدات اللواتي تقدمن لمكتب استقدام ان طلبها ما زال قيد النظر منذ أربعة أشهر وان المكتب اقترح عليها تشغيل عاملة سيريلانكية هاربة لحين إكمال إجراءات استقدام العاملة القانونية. وتضيف أنها وافقت على اقتراح المكتب كونها بحاجة ماسة للعاملة.
ويرجع مختصون قانونيون في شؤون العمل تجاوزات المكاتب الى غياب التشريعات الضابطة لعملها، اذ لم ينص قانون العمل على أي عقوبة بحق صاحب العمل الذي يشغل عاملة هاربة، كما أن القانون لم يحدد الاجراء الاداري والقضائي بحق المكتب الذي يشغل عاملات هاربات.
وتتضارب إحصائيات أعداد العاملات الهاربات بين وزارة العمل ونقابة أصحاب مكاتب الاستقدام العاملات، حيث تشير الوزارة الى أن عددهن نحو 5 الاف عاملة، فيما تشير النقابة الى أنه يتجاوز عشرة آلاف.
وتبقى قضية تورط مكاتب الاستقدام بهروب العاملات متعلقة بمسؤولية وزارة العمل ومدى التزامها بتطبيق القانون وتعديل التشريعات الناظمة للعلاقة بين أطراف الاستقدام.
مكاتب استقدام تحرض العاملات على الهروب .. و«العمل» متهمة بالتقاعس
أخبار البلد -