مشاركة عدد كبير من الأطراف ذات العلاقة بالمنظومة الاقتصادية، يدل على نوع من المراجعة اللازمة في هذا الوضع الصعب والمعقد، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الأردن يعاني مثلما تعاني جميع الدول النامية في العالم من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية منذ العام 2009، ومن بوادر أزمة اقتصادية يُجمِع الخبراء الدوليون على أنها قادمة لا محالة، بل إنهم بدؤوا بالعد التنازلي لوقوعها، في ضوء الحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، وانعدام التوازنات في الاقتصاد الأوروبي، بل والحرب الصامتة نسبيا بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وبينها وبين إيطاليا واليونان، وكذلك الحرب القائمة بين الحكومات وأحزاب المعارضة والقوى العمالية في معظم دول الاتحاد الأوروبي .
قضية المديونية العالمية في حد ذاتها قنبلة موقوتة تهدد بأزمات مالية لم يسبق لها مثيل، وأسواق المال الوهمية سيرتد سحرها على الساحر، لقد لفّت خيوط اللعبة على أصحابها بدل أن تكون بين أيديهم من أجل فكها بشكل منظم، وما من دولة في العالم حتى أميركا والصين بمنأى عن هزات مفاجئة، وما حدث في فرنسا على يد ” حركة السترات الصفر ” لترمز بعد ذلك في أماكن كثيرة من العالم إلى احتجاج على النظام الرأسمالي كله!
مطلوب من الدول كلها غنيها وفقيرها، قويها وضعيفها أن تحصن نفسها من طوفان قادم، وما يمكن اقتراحه على المستوى المحلي مهما بلغت عبقريته سيظل خيطا في كرة متشابكة، ولكن ذلك لا يعني أننا لا نستطيع سحب أنفسنا ولو قليلا كي لا نختنق، نحن اليوم نعرف أن أحد أسباب مشكلتنا هي الجهات الدولية التي تحاول حل مشكلتنا على طريقتها المرتبكة وسط نظام اقتصادي ومالي يتداعى من يوم لآخر!
ليس أمامنا من طريق سوى أن نعيد تنظيم خطواتنا، ونبحث عن طريق آخر غير هذا الذي لم يعد يقودنا إلى اتجاه محدد، وبعض المفاتيح بين أيدينا، وأولها مفتاح التفكير والتخطيط والإدارة الإستراتيجية، وحشد قدرات الدولة وإمكاناتها الذاتية، وتفعيل قوى الإنتاج، وكسر الحواجز التي تمنع تدفقه إلى دول الجوار العربي، نحن بحاجة إلى مراجعة العلاقة بين السياسة والاقتصاد، وأظن أننا أحوج ما نكون لسياسة تقود الاقتصاد، وليس العكس !