أخبار البلد - للخبز والزعتر والفلافل ذاكرة " نبيل عماري "
نبيل عماري
للخبز والزعتر والفلافل ذاكرة لا تنسى ولا تمحى فيها صور تبقى جميلة مهما مهما تقادمت ، فمع الرغيف يبدأ النهار . وللرغيف ذاكرة تبقى دافئة ويمكن أن تستعاد بالفرح .وعجنة ترتاح ليلة كاملة ليتم تقريصها بالصباح المنتشي بالندى عجنة يختلط بها عبق حقول الحنطة برائحة التربة الحمراء وتواضع السنابل كأنها لوحة رسمها رسام بريشة فلاح ، سحب دخان فرن أبو شحادة بدأت تترأى فالفرن جاهز لأستقبال العجنات تتزاحم أطباق وسدور العجنات بينما الراديو المركون بجانب الفرن يختار أجمل النغمات الفيروزية أو الأردنية المنبت ، تزداد نار الفرن توهجاً تمتزج رائحة الزعتر والزيت مع رائحة الخبز المشروح او الكماج الخارج من وهج النار ، اليوم الجمعة وفطير الزعتر هكذا كنا نسميه بدل كلمة مناقيش يخرج برائحة زكية وصوت قرقعة زيت الزيتون الساخن تترقبه صحون الحمص والفول والفلافل الساخنة والقادمة من مطعم أحمد القريب ببضع أمتار كلها تجتمع مع ركسات الخبز البلدي لتذهب لتلك الطبلية حينها تجتمع العائلة وأبريق الشاي الكبير وتلك الكاسات المضلعة وما زالت تلك السفرة وتلك الأيام تشدني لزمن كانت الطيبة منبعنا والمحبة تجمعنا عائلة وحارة ووطن .... احياناً اتوقف عند ذاك الزمن وذاك الفرن الذي أندثر وحتى رائحة حبات الفلافل الجالسة في كيس بني تنتظر خروج الخبز الساخن من الفرن وهنا طلب وتمني أن نعود لو قليلاً لذاك الزمن الجميل لأشتم رغيف خبز خرج للتو من الفرن اشمه واتذكر زمن الخير والخيرات وشولات القمح أبو خط أحمر وصوت غربلة غربال وأسماء شليم وزوان وسليقة تنشر على سطح البيوت ورائحتها النافذة وذاك اللقن النحاسي الكبير وعجنة تعجنها أيادي أمي تباركها ببركة المعطي .. وحمص بلدي منقوع يطحن مع ما لزم لتخرج حبات القلاقل هي تسبح بالمقلى الواسع ..... هل صمت زمن الخير وقلت البركات وتغير لون شوال القمح وصمتت المطاحن مطاحن زعيتر والوطنية وووو دمعت عيناي .. ولم استطع ان أنطق اي كلمة ،واختلطت رائحة القمح ورغيف الخبز وعبق الفلافل بذاكرة جميلة تفرحني أحيانا ً وتدمعني .. وأتذكر رغيف خبز الماضي عالق بالطعم والمذاق وصوت غناء الحصادين منجلي يا من جلاه راح للصايغ جلاه وأناس كان عشقهم لأرضهم أبي وأعمامي وأهل بلدتي وكل بلدة أردنية لها ذاكرة خبز بلدي وعبق زعتر بلدي وفلافل .