أخبار البلد - الاردن بين نارين
عاهد الدحدل العظامات
مستوى التمثيل الاردني في الورشة البحرينية الاقتصادية يعطيني إنطباعاً عن ما يدور خلف أروقة موقفنا الرسمي المنجسم شعبياً, حيث أن المشاركة لا تعني بالضرورة قبول ما سيطرح على الطاولة هناك, وهذه المشاركة لا تُعتبر بالضرورة تغييراً للنوايا أو تقارباً مع الصفقة وتوافقاً مع راعيها الذي قد يكون بممارساته وضغوطه جعلنا نُعلن ذهابنا للمنامة, لكنه لن يفرض علينا ما يصوغه في ما بين طياتها..فالعقلية التي تديير موقفنا أذكى من أن تُخدع بشيء لاتراه مقنعاً بأنه خيراً لنا وللقضية.
الاردن نقولها وبصريح العبارة يتجنب مُعادية الولايات المتحدة الامريكية ولا يريد الإنسلاخ عن محور التحالف العربي الحالي بقيادة السعودية وشركائها. بالطرف المقابل لا خيار أمامه إلا الإصرار على موقفه الرافض حيال ما تتأتى به الصفقة من أفكار لا تصب في صالحه أولاً ثم تعارض مواقفه القومية التاريخية تجاه فلسطين وتتجاهل صلاحياته ومسوؤلياته المنبثقة من وصايته على القدس والمقدسات, لذلك فإن ليس من السهل أن تُغري المبالغ المطروحة في الورشة والمعلن عن أنها ستوزع على كل من مصر ولبنان والاردن من لديه دور تاريخي يستحيل ان يُحيّد عنه, فهو تحت الأنظار ومسائل من الداخل والخارج عن أي موقف يتخذه فيما يخص القضية.
القائمين على تنظيم الورشة يدركون حق الإدراك أن غياب الاردن عن طاولة التفاهم التي دعت إليها البحرين سيعرقل الخطوة الاولى والتي يرونها الاهم, ولا يريدون أن يخسروا منذ البداية ورقة هامة بفقدانها قد لا تُحقق ورشتهم شيء من أهدافها, فالاردن هو من يملك مفاتيح الحلول وهو نصف الطريق للمضيء بعدها في إنجاح الفكرة المؤذية للفلسطينين التي تسرق منهم إعتراف العالم بحقهم وبما لا يدع لهم بعدها مجالاً للمطالبة بما تم الاتفاق عليه, لا بما يخص السيادة ولا الارض ولا حق عودة اللاجئين.
لا أظن أن الاردن في هذا الظرف الفارق والمرحلة الدقيقة يفكر بمصالحه الإقتصادية على حساب القضية كغيره وإن كان الأحوج لها بقدر تفكيره بما سيخسره اذا ما تمت الصفقة على الواقع ونجحت في أهدافها وبنودها.
ما هو مهم قوله أن الاردن ليس أمامه إلا أن يُجازف في الفترة القادمة, فإما البقاء على موقفه الراسخ من فليسطين والرافض للصفقة وهذا خيار صعب قد يتّبعه غضب وسخط. وأما أن يستيلم لمعطيات الواقع وينجر وراء الأغلبية المُرحبة وهذا خيار أيضا تبعاته ليست بالسهلة...وما بين النارين قناعاتي أن الاردن سيخرج منها بسلام وبرضى كل الاطراف.