ايلول 2011 الأسود
شهر أيلول مثل أي شهر آخر مملوء بالحوادث العربية المحتدمة؛ الجيدة والسيئة معاً، المحبطة والمبشرة في آن. وقد إخترت بعض التواريخ المهمة للفلسطينيين في هذا الشهر منذ نحو قرن من الزمان، و هي:
ـ 21/9/1920: أول مندوب سام بريطاني إلى فلسطين، هيربرت صموئيل، يؤلف أول مجلس استشاري من عشرة أعضاء: سبعة من العرب وثلاثة من اليهود.
ـ 26/9/1937: القساميون يغتالون الجنرال البريطاني أندروز حاكم الجليل.
ـ 17/9/1948: الصهيونيون يغتالون المبعوث الدولي فولك برنادوت.
ـ 23/9/1948: إعلان قيام «حكومة عموم فلسطين» برئاسة أحمد عبد الباقي.
ـ 19/9/1963: تعيين أحمد الشقيري ممثلاً لفلسطين في جامعة الدول العربية.
ـ 23/9/1963: افتتاح أول مكتب خارجي لحركة «فتح» في الجزائر. وخليل الوزير (أبو جهاد) يتسلم إدارته.
ـ 11/9/1965: تأسيس جيش التحرير الفلسطيني.
ـ 6/9/1970: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تختطف ثلاث طائرات في يوم واحد،
ـ 6/9/1976: فلسطين تصبح عضواً أصيلاً في جامعة الدول العربية.
ـ 17/9/1978: توقيع اتفاق كامب ديفيد بين أنور السادات ومناحم بيغن بحضور الرئيس الأميركي جيمي كارتر.
ـ 16/9/1982: «القوات اللبنانية» ترتكب مجزرة مروعة بحق المدنيين الفلسطينيين في مخيم شاتيلا وحي صبرا
ـ 13/9/1993: توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في حديقة البيت الأبيض.
ـ 28/9/2000: اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية أو «انتفاضة الأقصى».
ـ 19/9/2002: القوات الإسرائيلية تدمر مقر ياسر عرفات في رام الله بكامله، وتترك له بضع غرف فقط.
ـ 2/9/2010: افتتاح المفاوضات المباشرة الفلسطينية الإسرائيلية في واشنطن.
وطبعا هناك الكثير من الأيلولات الأشد سوادا في التاريخ الفلسطيني ولكن لا يستوعب المقام ذكرها ولكن قد يكون أشدّها إيلاما هو هذا الأيلول ليس لأنّه اكثر دموية ولكنّه قد يشهد تحّولا تاريخيا صعبا جدّا .
وبداية هنالك إحتمالين أولهما أن تجرأ السلطة الفلسطينية وتصدق في تقديم طلب إلى الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة للتصويت على الإعتراف بالدولة الفلسطينيّة واعتبارما دولة عاملة في منظمة الأمم المتحدة لها كل الحقوق وعليها كل الواجبات وحسب تصريحات السلطة فهي تضمن العدد الكافي للموافقة وذلك بالرغم من المعارضة الإسرائيلية والأمريكيّة وتهديداتهما الصريحة حول ذلك .
والإحتمال الآخر هو ان ترضخ السلطة للرغبة الإسرائيليّة والتهديدات الأمريكيّة وتخذل العرب والعالم بحيث لا تقدم الطلب ويبقى مندوبها جالسا على الكرسي المُصنّع في رام الله من خشب الذل والخنوع .
وإذا سلّمنا ان الإحتمال الأول هو الأقرب للتحقيق فما الذي ستفعله أمريكا التي تعلم ان هذا الإعتراف الذي لن يُغيّر شيئا على الارض ولن يحوز على رضى إسرائيل ولكنّه قد يخلق وجع راس لأمريكا حيث تصبح إسرائيل الدولة العضو في الأمم المتّحدة دولة مُحتلّة لدولة أخرى عضو في الأمم المتّحدة وقد تقارن بعض الدول بين هذا الإحتلال وحالات مشابهة قد تكون حالة الكويت الأقرب زمنيا لها وهذا قد يُحرج امريكا ويؤثر على حملة أوباما للإنتخابات الرئاسية القادمة.
إنّ الطائرة التي تحمل كرسي الخشب الفلسطيني عبر عدّة دول وصولا إلى نيويورك لن تستطيع انتزاع المقعد الحقيقي الدائم للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة ولن تخفف من معاناة الفلسطينيين في السجون ولا على المعابر فإنّ ما أُخذ بالقوّة لا يُعاد إلاّ بنفس الطريقة وقد تكون هذه القوّة ليست سلاحا ولا عضلات وإنما هي إخلاص وصدق وتخطيط ودهاء وللأسف فإننا لا نملك أيّا من هذه الأدوات فنحن نملك ذلك الكرسي الجماد فقط فهل يصلح ذلك للمقاومة ورد العدوان واستعادة الحقوق أم انه يصلح فقط للجلوس عليه والتوقيع على مزيد من التنازلات .
وفي حال تحقيق ذلك الحلم الوهمي فماذا أمريكا فاعلة !!!!
على الأغلب ستلجأ امريكا باسلوبهاالتهديدي الوعيدي إلى العودة لسيمفونية الدولتين ولكن بإخراج مختلف كان تُقنع دول المنطقة بالعودة الى وضع ما قبل عام 1967 مع اعطاء وعد بإقامة كيان مستقل في غزّة وتعود الاردن لحكم الضفة اداريا بعد العودة عن فك الارتباط على ان يتواجد في الضفة فقط شرطة لحفظ الامن الداخلي بما فيها القدس الشرقية أو اجزاء منها وتوضع تفاصيل كاملة لذلك برعاية امريكية او أمميّة وستسخّر امريكا كل طاقتها الاعلاميّة لجعل ذلك السيناريو مقبولا بل هو الوحيد على الطاولة وتجعل الأنظمة العربيّة الجديدة تقبل به وقد تضغط امريكا على اسرائيل للقبول بهذا الحل بحيث تستعمل الإغراءات الماديّة مع الدول العربية وزيادة المساعدات لإسرائيل لتتكيّف مع الحل المقترح .
وبذلك يكون الفلسطينيون حصلوا على دولة في غزّة تحت اسم فلسطين وكذلك حصل الفلسطينيون على بقاء الوضع في القدس كما هو وتحت إدارتهم المحلية بشروط دولية وحصلوا على حكم إداري للضفة الغربية تحت جناح اردني وتخلّص الاردن من الفزّاعة الإسرائيلية وهي الوطن البديل وحصلت إسرائيل على الشروط الامنيّة اللآزمة لعيشها بهدوء في الوسط العربي حتّى يتم حل القضيّة الإسرائيلية العربية بكل ابعادها والتي تشمل الحدودالنهائية وعرب 1948 وسوريا ولبنان واللاجئين ويهوديّة الدولة والتبادل الإقتصادي في الشرق الأوسط الجديد والكبير .
وعليه فقد يكون هذا الأيلول هو الأسواء على العرب والمسلمين مما سبق حيث اننا نُساق إلى حقبة مظلمة من تاريخنا ننسلخ فيه عن ديننا وقيمنا وأخلاقنا لأننا لم نخطط كما يجب ولم نربّي كما يجب ولم نتقرّب من الله كما يجب ولم نضع أي بدائل أوخطط لتحصين انفسنا واطفالنا ممّا هو متوقّع ولمواجهة الخطر الداهم ليسجّل التاريخ ان البداية هي ايلول 2011 الأسود وليقول اطفالنا يوما على نفسها جنت براقش .
(أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ *أوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ) صدق الله العظيم
المهندس احمد محمود سعيد
ايلول 2011 الأسود
أخبار البلد -