طرأ تحول مفاجئ في الموقف الايراني ، الحليف الاقوى لسوريا في المنطقة ، فالرئيس الايراني احمدي نجاد ووزير خارجيته طالبا النظام السوري بضرورة اجراء حوار مع المعارضة السورية ، والابتعاد عن العنف الذي يمارس منذ انطلاقة ثورة الشعب .
هذا التطور المفاجئ في الموقف الايراني ، جاء وسط التجادبات في المنطقة ، والتي اثرت على الموقف الايراني ، بعد اللقاء الذي جمع امير قطر ووزير الخارجية الايراني ،حيث افادت الانباء بأن قطر قدمت عرضا مغريا لايران ، وهو تفعيل قنوات الاتصال بين ايران و الاخوان المسلمين ، البديل الاكثر احتمالا عن النظام السوري حسب الرؤية القطرية ، وتفعيل ملف الاصلاحات في البحرين ، كما أن الموقف التركي والسعودي من الازمة السورية ، وكذلك مبادرة الجامعة العربية لحل الازمة ، كل ذلك ساهم في جعل ايران تعيد تفكيرها بوجهة مصالحها ، بعد أن رأت أن الحل العسكري الذي مارسه النظام السوري لم يجدي نفعا ، ولم يفلح في اخماد الثورة السورية ، وايضا فشل النظام السوري في تسويق بعضا من الاصلاحات التي يطالب بها الثائرون .
ايرن لا تريد أن تخسر كل اوراقها في سوريا ، كما انها لا تريد أن تقطع الخيط الرفيع الذي يربطها ببعض دول المنطقة ، خاصة بعد أن اتهمت بمساندة النظام السوري ومساعدته على قمع الانتفاضة السورية ، ووقوفها الى جانب الحكم العلوي ضد الاكثرية السنية .
إن ايران لن تتجه نحو تغيير جذري وحاسم في موقفها من النظام السوري ، ذلك انه لا بد من النظر الى الامام ، واستشراف فسحة من الامل ، في أن يلجأ النظام في دمشق على اتخاذ خطوات اصلاحية سريعة وفعالة يقتنع بها الشعب السوري المنتفض ، خاصة وأن الامين العام لجامعة الدول العربية سيحمل معه في زيارته المرتقبة الى دمشق مبادرة عربية لحل الازمة ، يمكن لها أن توقف العنف الذي يمارسه النظام السوري ، اذا ما اقتنع بتلك المبادرة ، رغم أن المعطيات الاولية في الجهة المقابلة ، تفيد بأن الشعب السوري والمعارضة رافضة لتلك المبادرة .
لايران ثقل اقليمي واستراتيجي في المنطقة ، وليس من السهل أن تغير موقفها ببساطة ، دون قراءة متأنية لتطورات الاحداث ، وستكون العقلانية هي سيدة الموقف ، في التخطيط لموقع يحفظ مكانتها اقليميا واستراتيجيا ، ولكن وبكل الاحوال يبدو أن الزواج فيما بين طهران ودمشق قد شارف على الطلاق ، حرصا من ايران على مصالحها واعادة بناء خارطة طريق جديدة في علاقاتها في المنطقة ..