سيظل الملك وبعض رجاله المخلصين القلائل وعلى رأسهم رئيس الوزراء معروف البخيت، صمام الأمان الذي يكبح جماح بعض العباقرة والحكماء والمنظّرين الكبار في السلطة التنفيذية الساعين إلى حل مشاكل البلد الاقتصادية وأزماته المالية على حساب قوت الناس، فها هو الرئيس يبدد في تصريحاته الأخيرة الشائعات التي انتشرت في الشارع منذ فترة، ولم تكن شائعات بقدر ما كانت تسريبات وبعضها تصريحات مباشرة لبعض عباقرة الإصلاح الاقتصادي في الدولة والحكومة، فالرئيس يعلن بملء فمه بأن الحكومة لن ترفع الدعم عن الخبز لا عن الأردنيين ولا عن سواهم وأنها لا تقبل – أخلاقياً- أن يباع رغيف الخبز للمقيمين بأسعار تختلف عن أسعار بيعه للمواطنين. وينسى العباقرة والحكماء في الحكومة ومن في زمرتهم من حلفاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أن مجرد التفكير برفع الدعم عن سلعة استراتيجية مثل الخبز ستكون له تداعيات خطيرة جداً على البلد، ليس أقلها أن استثناء غير الأردنيين سيؤدي إلى شعور بشع لدى أكثر من نصف مليون وافد عربي بالتفرقة "غير القومية" وغير الإنسانية وضيق ذات اليد والجوع أحياناً، وقد جاءوا إلى بلد الهاشميين، الأردن العروبي حتى النخاع، سعياً وراء الرزق الحلال، ألا يشكّل ذلك دافعاً قوياً لضعاف النفوس منهم، إلى اجتراح الجريمة والوقوع في الخطأ والخطيئة عندما تنتابهم مشاعر الألم والتفرقة وتصيبهم عضة الجوع والحرمان، ولديهم عائلات وأطفال إنْ داخل البلد أو في أوطانهم التي هاجروا منها بحثاً عن أرزاقهم ينتظرون لقمة سائغةً حلالاً..!! أما التداعيات الأخرى لجنسيات ربما تكون أكثر حاجة وأكثر فقراً، فربما دفع الأمر ببعضهم إلى اجتراح النخاسة وإنعاش تجارة الرقيق من جديد، وأي خسارة ستصيب المجتمع حينذاك..!؟ تصريحات الرئيس بعدم مسّ رغيف الخبز، تأتي في مكانها ووقتها، وتقطع الأقاويل والشائعات، وتهدّيء قليلاً من حراك الشارع الثائر، ونرجو أنْ يُسطّر هذا التوجه الحكيم في صيغة رسمية على شكل قرار مسؤول لا رجعة عنها البتة لا من الحكومة الحالية ولا من أي حكومة قادمة، لأن الموضوع لا يتعلق بلقمة العيش فحسب، وإنما بكرامة الناس وإنسانيتهم، وكما نشيد بقرار الرئيس البخيت وشعوره العالي بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية حيال هذا الموضوع، فإننا ندعوه إلى التفكير بعدم رفع الدعم عن السلع الأخرى الاستراتيجية وفي مقدمتها أنبوبة الغاز، لأن ذلك سيؤدي إلى رفع أسعار منتجات أخرى كثيرة أساسية وغير أساسية، وسيعيد "لخبطة" الأمور، لتضطرب الأوضاع وتمور من جديد..!! نؤمن بأن الملك يقرأ المشهد الوطني بعناية وذكاء، ويتخذ قراراته بحصافة، كما نؤمن أن الرئيس يشاطر الملك ذات القراءة، ونرجو أن تستمر قراءة الرئيس على ذات النسق، لكي نحمي الشعب من توصيات عباقرة الإصلاح الاقتصادي وحلفاء البنك والصندوق الدوليين، الذين يلجأون دائماً إلى حل الأزمات من جيوب الناس..!! Subaihi_99@yahoo.com
الملك والرئيس.. أفضل منْ يقرأ المشهد
أخبار البلد -