أخبار البلد - صفة صوم النبي (صلى الله عليه وسلم )
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
سنقوم في هذه النشرة العلمية ببيان نبذه في صفة صوم النبي (صلى الله عليه وسلم ) ، وما فيها من واجبات وأحكام ، ونسأل الله أن يوفق المسلمين لتطبيق سنة نبيهم (صلى الله عليه وسلم) في كل صغيرة وكبيرة، أنه سميع عليم.
النيّة
وجوب تبييت النية في صوم الفريضة قبل طلوع الفجر، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له" . صحيح أبي داود رقم الحديث2454.
وقال (صلى الله عليه وسلم):"من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له".صحيح النسائي رقم الحديث 2334.
والنية محلها القلب، والتلفظ بها لم يرد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ولا عن أحد أصحابه رضي الله عنهم.
وقت الصوم
قال تعالى:كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ[سورة البقرة، الآية: 187]
فإذا أقبل الليل من جهة الشرق وأدبر النهار من جهة الغرب وغربت الشمس فليفطر، قال (صلى الله عليه وسلم): " إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم". رواه البخاري رقم الحديث 1954 رواه مسلم رقم الحديث 2553 واللفظ له.
وهذا أمر يتحقق بعد غروب قرص الشمس مباشرة وإن كان ضوءها ظاهراً ، أو بخبر موثوق مثل الأذان أو غيره .
السحور
قال (صلى الله عليه وسلم) :"فضل ما بيت صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر". رواه أبو داود رقم الحديث 2345
وقال (صلى الله عليه وسلم): " البركة في ثلاثة: الجماعة، والثريد، والسحور". صحيح رواه الطبراني في الكبير.
وكون السحور بركة ظاهرة لا ينبغي تركه؛ لأنه إتباعٌ للسنة، ويقوي على الصيام، وهو الغداء المبارك كما سمّاه الرسول (صلى الله عليه وسلم): "هلمّ إلى الغذاء المبارك". صحيح أبي داود رقم الحديث 2344.
وقال (صلى الله عليه وسلم) : " السحور أكلة بركة فلا تدعوه ولو أن يَجْرَع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحِّرين". حسن رواه الإمام أحمد.
وكان من هديه (صلى الله عليه وسلم) تأخير السحور إلى قبيل الفجر.
وينبغي للمتسّحر أن ينوي بسحوره امتثال أمر النبي (صلى الله عليه وسلم)، والاقتداء بفعله ليكون سحوره عباده، وأن ينوي به التقوّي على الصيام ليكون له أجر، والسنة تأخير السحور ما لم يخش طلوع الفجر ؛ لأنه فعل النبي (صلى الله عليه وسلم) فعن قتادة عن أنس بن مالك ( رضي الله عنه ) أنَّ نبي الله (صلى الله عليه وسلم): وزيد بن ثابت تسحرا، فلما فرغا من سحورهما قال نبي الله (صلى الله عليه وسلم): " إلى الصلاة، فصلى " فقلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية. رواه النسائي رقم الحديث (2157)، قال الألباني: صحيح
ويكون الوقت الأمثل للسحور بين الأذان الأول والثاني
ما يجب على الصائم تركه
قول الزور: قال (صلى الله عليه وسلم): "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله عز وجل أن يدع طعامه وشرابه ". رواه البخاري رقم الحديث 1903.
اللغو والرفث: قال (صلى الله عليه وسلم):"ليس الصيام من الأكل والشراب، وإنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم". صحيح ابن خزيمة.
ما يباح للصائم
الصائم يصبح جنباً: عن عائشة أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم):"كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم". رواه البخاري رقم الحديث (1925-1926).
السواك للصائم: قال (صلى الله عليه وسلم):"لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء". رواه البخاري رقم الحديث 887.
فلم يخص الرسول (صلى الله عليه وسلم) الصائم من غيره، ففي هذا دلالة على أنَّ السواك للصائم ولغيره عند كل ضوء وكل صلاة عام وفي كل الأوقات قبل الزوال أو بعده.
المضمضة والاستنشاق: كان (صلى الله عليه وسلم) يتمضمض ويستنشق وهو صائم، لكنه منع الصائم من المبالغة فيهما، قال (صلى الله عليه وسلم):"وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً". صحيح أبي داود رقم الحديث 142.
المباشرة والقبلة للصائم: عن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لإربه". رواه مسلم رقم الحديث 2571.
ويكره ذلك للشباب دون الشيخ، قال(صلى الله عليه وسلم):".... إنَّ الشيخ يملك نفسه".صحيح رواه أحمد.
الكحل والقطرة ونحوهما مما يدخل العين: هذه الأمور لا تفطر سواء وجد طعمه في حلقه أم لم يجده، وقال الإمام البخاري في صحيحة:" ولم ير أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم بأساً. رواه البخاري انظر فتح الباري 4/153 .
الإفطار
تعجيل الفطر: من سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) وفيه مخالفة اليهود والنصارى، فإنهم يؤخرون، وتأخيرهم له أمد، وهو ظهور النجم.. قال (صلى الله عليه وسلم):"لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر". رواه البخاري رقم الحديث (1957) .
وقال (صلى الله عليه وسلم):"لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم". انظر: فتح الباري (4/199) باب: تعجيل الإفطار.
الفطر قبل صلاة المغرب: عن أنس رضي الله عنه قال:" كان رسول الله يفطر قبل أن يصلي". صحيح: رواه الترمذي رقم الحديث (696).
على ماذا يفطر؟ عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال:" كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن رطبات فتمرات، فإن لم يكن تمرات حسا حسوات من ماء". صحيح: رواه الترمذي رقم الحديث (696).
ماذا يقول الصائم عند الإفطار؟ قال (صلى الله عليه وسلم): " ثلاثة لا ترد دعوتهم وذكر منهم: الصائم حتى يفطر". سنن الترمذي رقم الحديث (3598).
وكان يدعو (صلى الله عليه وسلم) عند إفطاره:" ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله". صحيح: رواه أبي داود رقم الحديث (2357).
مفسدات الصوم
الأكل والشراب متعمداً: سواء كان نافعاً أم ضاراً كالدخان، أما إذا فعل ذلك ناسياً أو مخطئاً أو مكرهاً فلا شيء عليه إن شاء الله. قال (صلى الله عليه وسلم)"من أكل ناسياً وهو صائم فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه". صحيح: رواه أبي داود رقم الحديث (1673).
تعمد القيء: وهو إخراج ما في المعدة عن طريق الفم لقوله (صلى الله عليه وسلم):"من ذرعه قيء وهو صائم، فليس عليه قضاء، وإن استقاء فليقض". صحيح: رواه أبي داود رقم الحديث (2380).فإن قاء من غير قصد لم يفطر.
الجماع: وإذا وقع في نهار رمضان من صائم يجب عليه الصوم فعليه مع القضاء كفارة مغلظة وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
القضاء:
ويستحب المبادرة إلى القضاء وعدم التأخير، ولا يجب التتابع في القضاء، وأجمع أهل العلم أن من مات وعليه صلوات فاتته فلا يُقضى عنه، وكذلك من عجز عن الصيام لا يصوم عنه أحد في حياته، بل يطعم عن كل يوم مسكيناً... ولكن من مات وعليه صوم صام عنه وليه، لقوله(صلى الله عليه وسلم):"من مات وعليه صوم صام عنه وليه". رواه البخاري رقم الحديث (1952).
قيام الليل (التراويح)
لقد سنَّ الرسول(صلى الله عليه وسلم): قيام رمضان جماعة، ثم تركه مخافة أن يفرض على الأمة فلا تستطيع القيام بهذه الفريضة
وعدد ركعاتها ثمان ركعات دون الوتر لحديث عائشة رضي الله عنها:" ما كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة". انظر: فتح الباري (3/21).
ولما: أحيا عمر بت الخطاب (رضي الله عنه ) هذه السنة جمع الناس على إحدى عشرة ركعة.
ومما ابتلي به المسلمون اليوم في صلاة التراويح السرعة في القراءة وفي الركوع والسجود وغير ذلك، وهذا مخل بالصلاة، مذهب لخشوعها، وقد يبطلها في بعض الحالات.
زكاة الفطر
وهي فرض لحديث ابن عمر (رضي الله عنه ):"فرض رسول (صلى الله عليه وسلم) زكاة الفطر من رمضان على الناس". رواه مسلم رقم الحديث (2275).
وتجب زكاة الفطر على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد من المسلمين،
مقدارها : صاع من غالب قوت البلد إذا كان فاضلاً عن قوت يومه وليلته وقوت عياله، والأفضل فيها الأنفع للفقراء.
وقت إخراجها: يوم العيد قبل الصلاة، ويجوز قبله بيوم أو يومين، ولا يجوز تأخيرها عن يوم العيد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين
جمع وترتيب الدكتور منذر عبد الكريم القضاة
أستاذ جامعي – جامعة الزرقاء / مدير أوقاف محافظة الزرقاء الأسبق