أخبار البلد -
لعل العالم الانجليزي الشهير (نيوتن) اسعد البشرية بنقطة الارتكاز التي انطلق منها لاكتشاف عالم الميكانيكا, ولا ندري ان كانت المقصات التي تعمل على مبدأ نقطة ارتكاز قد اتعبت ام اراحت هذه البشرية, في الوقت الذي تقوم فيه المقصات لجمع الاشياء او ربما لتفريقها, فهناك مقصات القطارات, وهناك مقصات القماش, وهناك مقصات الورق والكرتون, وهناك مقصات الحلاقة, وهناك مقصات الشجر, وهناك مقصات..., الجميل هنا ان مقصات القطارات تعمل على توزيع وتغيير اتجاهات القطارات كي لا تصطدم بعضها مع بعض, فهي تفرق القطارات في نقطة وتجمعها في نقطة اخرى, والاجمل من ذلك مقصات القماش التي تفرق قطع القماش من جهة لتقوم ماكنات الخياطة على جمعها من جهة اخرى لتجعل الليل لنا لباسا, والاجمل من كل هذا وذاك مقصات الشجر ومقصات الحلاقة فهي تقص لتُجمّل وتُهذّيب وتُزّيين ما تطّرف وأبتعد عن الاصل.
المتتبع لميكانيكا المقصات سيكتشف ان هناك مقصات من نوع اخر تدعى (مقصات الاعلام), هذه المقصات تعمل ليل نهار على قص الاحداث والانباء والاخبار, والسؤال هنا, هل مقصات الاعلام تقص لتجميع الامة ام انها تقص لتفريق الامة؟...نعم مقصات الاعلام (بكبسة) بسيطة يمكن ان تقص الاحداث والانباء والاخبار كما تشاء قبل ان تهرب منها حروف العطف ومعانيها التي تشير إلى المشاركة بين المعطوف والمعطوف عليه حكماً وإعراباً، او الى منح المعطوف الحركة ولا تعطيه الحكم، ويمكن ان تقص تلك المقصات المحيطات والبحار والانهار والجداول دون ان تبتل, واكثر من ذلك يمكن ان تقص مثل هذه المقصات الاعلامية القارات والدول والحدود دون حرب او قتال.
في بداية الستينات واواخر السبعينات من هذا القرن الذي تنوعت مناخاته, يقال انه ظهر مقص يدعى (مقص الافلام), فقد اجتاح العالم العربي وقتها غزارة في انتاج الافلام السنيمائية, وكان ذلك الانتاج موجها لفئة الشباب الى حد كبير, وكانت تقوم شركات الانتاج السنيمائية الترويج والدعاية لمثل هذه الافلام, وعند حضور الشباب لهذه الافلام ليشاهدوها في دور السينما يفاجئوا ان هناك قص لبعض المشاهد, لتعلن دار السينما في العروض القادمة ان المشاهد التي تم قصها سيتم اعادة جزء منها, وهكذا دواليك من اجل الكسب والربح.
تكنولوجيا اليوم ومن خلال اجهزتنا الخلوية يمكن لنا ايضا قص الصورة والكلمة كيفما نشاء, فكثير من الصور والفقرات التي نراها او نقرأ عنها فيها شيء من القص والاضافة للصورة وللكلمة معا,...وفي قادم الايام سوف نكون والله اعلم امام تكنولوجيا جديدة تدعى (مقصات الخيال), وستكون مهمة مثل هذه المقصات تكمن في قص التصورات والتخيلات والاوهام والاحلام التي قد تجتاح بعض عقول البشر وادمغتها ولصقها لأخرون.
بقي ان نقول: نيوتن اكتشف نقطة الارتكاز التي قامت عليها جميع علوم الميكانيكا التي نتنعم ببعضها اليوم اكتشف ذلك من خلال تعامل جدته معه التي عاش في كنفها بعد وفاة والده قبل ولادته بشهرين، وزواج والدته من رجل اخر, فقد اكسبته جدته فكرة عظيمة تقوم على ان هناك نقطة يمكن ان تجتمع فيها جميع المتناقضات لينطلق منها نيوتن ميكانيكيا فيما بعد, في حين ان جدة (عنترة بن شداد)- الله محيي اصله الطيب- علمته ان المتناقضات لا يمكن ان تجتمع في نقطة واحدة...