الأردن والجغرافيا للجغرافيا أو ما يسمى الجغرافيا السياسية أثر كبير في سياسة كل الدول يختلف تأثيرها من دولة إلى أخرى حسب موقع الدولة من الحدث السياسي أو القضية إقليمية أو دولية وإذا ما أسقطنا هذا على الأردن نجد أنه من أكثر دول المنطقة أو الأقليم تأثراً لما يجري من أحداث وتطورات إن كانت تتعلق بالقضية الفلسطينية أو ما يجري من أحداث في سوريا وغيرها من الدول العربية حكمت الجغرافيا على الأردن بسبب جوارها مع فلسطين فهي تملك أكبر خط حدودي معها والأهم من ذلك أنها تحد أهم قضية شغلت العالم كله والأقليم أي القضية الفلسطينية والأهم من ذلك أن الدول الكبرى التي تتحكم في العالم وفي الأقليم حليفة لدولة إسرائيل !! أي بمعنى آخر القضية الفلسطينية أكبر من دول الإقليم وأوروبا وبقية دول العالم لأن أمريكا هي الحليف الأستراتيجي لأسرائيل . جاء عامل آخر مهم أظيف إلى الجغرافيا وهو الديموغرافيا ، نصف الشعب الاردني من أصول فلسطينية ، أستطاع الشعب الأردني بأصوله الشرق أردنية والفلسطينية أن يمتزجا بالمصاهره والدم والوحده ( وحدة الضفتين ) فأصبح الاردن نموذجاً بالوحدة . نستطيع القول أنه شعب واحد بالإضافة إلى مكونات الشعب الأردني الآخرى عرقياً ودينياً وغيرها . منذ أن انشأت إسرائيل سنة 1948 واجه الاردن تحديات كبيرة معظمها إقليمياً وبالتحديد عربياً منذ ان بدأت الثورات العربية من العسكر !! وحوربت وحدة الضفتين من العرب أنفسهم !! ثم جاءت حرب 67 وخسر الأردن الضفة الغربية بما فيها القدس !! وأنشات منظمة التحرير الفلسطينية وأقر العرب في مؤتمر الرباط سنة 1974 بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وجاء قرار فك الأرتباط مع الضفة الغربية بناءً على طلب المنظمة والعرب وبعد خروج مصر السادات من الصراع العربي الفلسطيني وتوقيع معاهدة كامب ديفيد جاءت أوسلو ثم وادي عربه . مسيرة السلام بعد أوسلو تعثرت حتى يومنا هذا بتحقيق الإنسحاب الاسرائيلي من الضفة الغربية والقدس وعودة الى حدود الـ 67 . على أرض الواقع أستطاعت إسرائيل أن توسع مدينة القدس بالمستعمرات وهي تعلن بأستمرار أن القدس عاصمة الدولة اليهودية إلى الأبد وأستطاعت أن تجزء الضفة الغربية إلى مدن معزولة وأعلنت أن مناطق الأغوار هي مناطق منزوعة السلاح تزداد فيها المستعمرات اليهودية . أي بمعنى آخر لم تعد مقولة العودة إلى حدود الـ 67 على الأرض واقعية بل مستحيلة !! وبالتالي الحديث عن دولة فلسطينية معترف بها ستكون دولة غير قابلة للحياة عملياً !! وهنا ياتي السؤال : ما هي آثار ما وصلت إليه القضية الفلسطينية على الأردن ؟ . الأردن طالب ( ولا يزال ) إقامة دولة فلسطينية على حدود الـ67 بما فيها القدس وحق العودة وقضية اللأجئين والحدود والمياه . ماذا لو جاءت دولة فلسطينية غير قابلة للحياه وبوشرت الضغوط على الأردن بإقامة كونفدرالية مع تلك الدولة ؟!! وبالتالي يحق لإي فلسطيني في العالم أن يأتي إلى عمان ويطالب بجواز سفر ورقم وطني !! . ماذا سيكون تأثير الجغرافيا والديموغرافيا على الدولة الأردنية كهوية أولاً ؟!! ثم ديموقراطياً ثانياً ؟!! هنا يأتي موضوع الإصلاح السياسي ويتداخل مع الجغرافيا والديموغرافيا !! لا نستغرب أبداً أن يتحول موضوع الإصلاح إلى موضوع المواطنة والهوية !! قدر الأردن في الجغرافيا والديموغرافيا يتطلب وعياً سياسياً وإستراتيجياً والأهم من كل ذلك الحفاظ على الوحدة الوطنية ونبذ الأقلام من أي جهة التي تسيء إلى هذه الوحدة . فالربيع العربي لا يرحم !!! الدكتور تيسير عماري
الاردن والجغرافيا
أخبار البلد -