لسنا ثائرين ضد الهاشميين ما حيينا
بقلم محمد سلمان القضاة
الشعوب العربية الأبية التي ثارت ضد الظلم والطغيان ثورات ملتهبة تتمثل حتى اللحظة في كل من الشعب التونسي والشعب المصري فالشعب الليبي والشعب اليمني ثم الشعب السوري، وكتب الله النصر للشعوب في تونس ومصر وليبيا التي أطاحت بأنظمة زين العابدين ومبارك والقذافي، وكذلك يرينا المولى آياته في الطاغية علي عبد الله صالح كتلك التي رأيناها في الطغاة الذين سبقوه.
إذن، تسقط ثلاثة أصنام ويتهزز الصنم الرابع ممثلا بطاغية اليمن، ولكن الله سبحانه وتعالى ربما يود أن يرينا في الطاغية السوري بعض المعجزات. فالله جل في علاه أرسل رسله إلى العباد كي ينقلوهم من الظلمات إلى النور ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الرحمن، ونحن لم يصل إلينا حتى اللحظة نبأ إله جديد غير الله الذي نعبده على اختلاف أدياننا السماوية.
ونحن بنى البشر نسمع عن شعوب أو بعض أمم أخرى تعبد الفئران وربما الأبقار وربما الأصنام أو بعض أجزاء مخلوقات الله الأخرى، ولكن لم يصلنا بعد وحي يقول لنا إن إله جديدا أو أكثر قد حلَّ في بلاد الشام.
ونحن نعبد الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، الذي له الأسماء الحسنى المعروفة، والتي قطعا ليس من بينها بشار أو ماهر أو الأسد أو مخلوف، وقد سمعنا عن أسماء مثل عبد الله أو عبد الرحمن أو عبد اللطيف، ولكنا أبدا ما سمعنا سابقا عن عبد البشار ولا عبد الماهر ولا عبد الأسد.
فيا أزلام الآله الجدد، ويا عبيد آلهة القرن الحادي والعشرون، أليس فيكم من رجل رشيد؟! وأنت أيها الإله الجديد "نستغفر الله"، أيها الإله الصنم الجديد المسمى بشار، ترى كم ركعة الصلاة لجنابكم؟! وكم هي لجناب شقيقكم الإله الآخر ماهر؟! ثم أليست الدعوات مرت عبر رسل ليخاطبوا أقوامهم أو من أرسلوا من أجلهم بالحسنى؟! حتى أن الله الحقيقي جل جلاله حرَّم الخمر بشكل تدريجي، فما بال رسلكم أيها الآلهين الجديدين "بشار الأسد وماهر الأسد" وربما بعض آلهه لم نسمع بهم بعد، ممن لف لفكما، لا يدعون الناس لعبادتكما بالحسنى والموعظة الحسنة؟! ولماذا تريدان أن تستعبدا الناس الضعفاء بقوة السلاح، فالبعض لو اضطر أن يعبدكما بهذه الطريقة الوحشية فإنها ستكون عبادة أو بالأصح استعباد بلا قناعة ولا إيمان!
نتذكر أن الملك الحسين الهاشمي كان سرعان ما يسحب يده إذا ما حاول بعض محبيه من الشعب الكريم تقبيلها، فهو كان يأبى ذلك ويرفضه، ونتذكر أن الحسين كان يمكنه الانتقام لاستشهاد جده الملك عبد الله المؤسس عند أبوا ب القدس، ولكنه لم يفعل، لا بل وتعرض الحسين لمحاولات انقلاب ومحاولات اغتيال على المستويات البرية والجوية والداخلية والخارجية، ولكنه كان صاحب قلب كبير وكان متسامحا تسامحا ما بعده من تسامح، فلم نسمع أبدا عن معارض سياسي تم إعدامه أبدا، والحسين كان يقول "الإنسان أغلى ما نملك"، فبادله الشعب الأردني الأبي العبارة بالقول "الحسين أغلى ما نملك".
ثم من يذكر لنا ملكا أو أميرا هاشميا أردنيا، كبيرا أو صغيرا، بالغا أو مراهقا، شيخا أو شابا أو طفلا أساء لأبناء أو لبنات الشعب الأردني أو لأي من أهل الأرض جميعهم بشتى ألوانهم أو أعراقهم أو أديانهم؟! ناهيكم عن تعليمهم وثقافتهم وتواضعهم، بل إنهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، ويمكن لمن أراد قراءة كتاب "مهنتي كملك".
والحسين خاطب كاتب هذه السطور بالقول "عجلون في القلب يا سيدي"، ذلك عندما شكوت له وجها لوجه بالقول "عجلون مظلومة يا بو عبد الله". وكان الشعب الأردني يعبر عن فرحته بلقاء الحسين، حتى أن الحسين كان يضرب بيديه على سقف السيارة كي يعطي إشارة للسائق بأن يبقى متوقفا ولا يسير، وذلك لأن أبناء الحسين وبناته يودون مصافحته، وحيث كنت من بينهم.
وبرغم اغترابنا منذ غادر الحسين إلى دار الحق، فإننا نتابع أخبار الوطن الغالي، لحظة بعد أخرى، وإننا نشاهد كيف تسير الأمور في عهد القائد المحبوب عبد الله الثاني، فهو استمع إلى المطالب العادلة للشعب الكريم، وأقدم على إجراء تعديلات دستورية تلبية لتطلعات الشعب الأردني واستجابة لنداءات ودعوات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، سواء ممن خرج منهم إلى الشارع أو عبر عن رأيه عبر وسائل الإعلام المختلفة، المحلية والخارجية والعالمية، أو كان من ضمن الأغلبية الصامتة في الداخل والخارج.
وتُرى لماذا يقوم رجل الأمن الأردني بحماية المتظاهرين وتزويدهم بزجاجات الماء البارد لا بل وبحمايتهم، في حين قام نظرائه في بلدان عربية أخرى بمواجهة المتظاهرين بشتى أنواع القمع والاستبداد، لا بل وبقصفهم بالدبابات والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والمروحيات والطائرات والأسلحة الجوية والبحرية والبرية، وغيرها؟!
فزين العابدين قتل المئات من شعبه، وكذلك فعل مبارك، ومثله فعل صالح، وزاد عليهم القذافي باستئجاره مرتزقة أفارقة وغير أفارقة وقناصة كي يقتلوا عشرات الآلاف من أبناء وبنات شعب عمر المختار ويغتصبوا حفيدات المختار بعد أن وصفهم بالجرذان.
وأما شبيحة الإله الجديد بشار، فيقتلون ويعذبون ويخطفون ويُكَفِّرون الناس ويجبرونهم على عبادة الإلهين الجديدين الشقيقين، وهم يدخلون المنازل فيتلفون الطعام ويقطعون الماء والكهرباء ويعيثون في الأرض فسادا!! ألا تبا لكما أيها الإلهين الجديدين، فأمم الأرض لا نراها تثق بألوهيتكما، وحتى ألهة الجاهلية كانت أرحم بعبادها منكما في الشعب السوري الأبي. وهذا هو الفرق بين القيادة الهاشمية الرشيدة، وبعض القيادات من حولنا، ومن هنا فلسنا ثائرين على الأحبة الهاشميين ما حيينا. إلى هنا.
* إعلامي أردني مقيم في دولة قطر
(معذرة، roaqodah@hotmail.com لا يزال معطلا)
رابط صورة الكاتب الشخصية:
http://store1.up-00.com/Jun11/8q166644.jpg