في الرد على مقالي بعنوان: " هل يمكن عزلنا عن ثقافتنا الأصلية الأصيلة " الذي تم نشره مؤخرا على موقع ناشرون، علّق الأستاذ محمد طلال الراميني بالآتي: " لا أتفق معك في دعوتك إلى التمسك بالبناء العشائري لمجتمعاتنا العربية لأن هذا البناء هو السبب الرئيس في تخلفنا أو الأرضية التي نما عليها هذا التخلف. كما لا أتفق معك في دعوتك إلى فكرة الوطن فهي المنتج الحديث الذي باعه الإستعمار للعرب وقت أفول الدولة العثمانية ليضمن به إنقسام وتفكك الجماعة إلى جماعات أصغر تعيش في أوطان منفصلة على رأس كل منها حاكم مالك لا يفرط في ملكه حتى لو عنى ذلك الدمار للجماعة ... أما بقية ما قلته فأقبل فيه قلمك وأزيد عليه: "الحرية للشعب والموت للإستبداد" هما السبيل وأكاد أقول الوحيد ". تضمن ردي المقتضب التعليق التالي: " السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته و بعد، للأمانة أخي محمد لم أبحر في حوض أية مادة كُتبت عن موضوعي العشيرة و الوطن، لأسجل هنا ردي بصورة مباشرة إستنادا الى قناعاتي الشخصية البحتة و بإختصار، منعا لسأم قد يطال القارئ العزيز فيما بعد. لقد عشت في الولايات المتحدة مدة طويلة و لا زلت أذهب اليها و قد درست بتعمق مطلوب واقع المرء هناك، غير المنتمي لعشيرة أو أسرة في أحيان كثيرة، و توصلت الى أن ذلك الأمر يعطي، بالتأكيد، الإنسان مزيدا من حرية الإختيار و الإنطلاق ، و لكن بالمقابل إذا تعرض الإنسان هناك الى أية منازلة، أعني ظروفا سيئة، يجد نفسه وحيدا بلا أي نوع من الغطاء (المادي أو المعنوي). إن الإنتماء يعطي المرء إشباعا نفسيا لا يمكن تجاهل الم جراح عدم إشباعه، فتخلي العشيرة عن فرد عندنا، كما كان يحدث في الزمن البعيد نسبيا بصورة متكررة، كان قرارا يعني بأن يعيش الفرد وحيدا، منبوذا و مقهورا حتى أمام نفسه. أعتقد بأن التفكك العشائري لا يؤدي إلاّ الى مجتمعات متفككة سائبة في كل شيئ. المفهوم العشائري عندنا يعني المحافظة على إسم العشيرة و تاريخها من خلال تعزيز مبادئ الأخلاق المتضمنة المروءة و الشهامة و الهبّة و الكرم و الوفاء و التكاتف و التراحم و التواصل و العزة و الإباء و إدّخار كل ما فيه السمو و الرفعة، و بالتالي فالبناء العشائري لا يؤدي و لا بأي حال من الأحوال الى التخلف الذي أشرت اليه. من الممكن القول بهذه المناسبة بأن هناك ملاحظة على مسألة من يمثّل العشيرة، وهي جديرة بالإهتمام، بمعنى أنه ينبغي أن لا يكون بالضرورة من يمثلها من هو أكثرهم مالا أو أكبرهم سنا بل ينبغي أن يكون من هو أكثرهم حكمة و فطنة و ذكاء و ثقافة،و الأيام كفيلة بتحقق مسالة التمثيل السليم. أما فيما يتعلق بحب الوطن، فمقالي لم يتضمن مسألة تعزيز تفتيت الوطن الى أوطان، حيث أنت أشرت، بتاتا، و إنما أشار الى حب الوطن بغض النظر عن حدوده و صغر أو عظم مساحته. أشكرك من كل قلبي أخي محمد على إتاحة الفرصة لي للتفاعل معكم " .
كلام في البناء العشائري و الوطن
أخبار البلد -