توجد للمنتدى الاقتصادي العالمي، المعروف بمنتدى دافوس قیمة سیاسیة إلى جانب قیمتھ الاقتصادیة، لیس لأن بعض
قادة الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجیة یشاركون في مؤتمرات المنتدى الذي ینعقد في الأردن للمرة
العاشرة، بل لأن الاقتصاد والسیاسة وجھان لعملة واحدة، وكلاھما یؤثر ویتأثر بالآخر، والأھم من ذلك أن قضایا
.السلام والأمن والاستقرار ھي الأرضیة التي یقوم علیھا الاقتصاد
اقتصادیات المنطقة تأثرت بالطبع بالنزاعات السیاسیة والمسلحة في عدد من بلدانھا، واقتصاد الأردن على سبیل
المثال تأثر جدا بتلك النزاعات سواء بسبب كلفة حمایة حدوده، وصیانة أمنھ من الإرھاب، واستضافة اللاجئین
السوریین، أو انغلاق الأسواق من حولھ، أو تعطل مشروعاتھ الانمائیة والاستثماریة، مع أنھ لا یواجھ مشكلة سیاسیة
! خاصة بھ، إلا من حیث أنھ جزء من العالم العربي، ومن إقلیم الشرق الأوسط
لعل خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسین في افتتاح أعمال المؤتمر في البحر المیت، تضمن تلك المعاني،
عندما قال «إن التحدیات التي تواجھ بلداننا لیست مشاكل بحاجة إلى حلول، بل ھي فرص للتعاون وبناء الشراكات
والمضي قدما»، وعندما ركز على المشروعات الاستثماریة المشتركة التي تولد فرص العمل للشباب لكي یحققوا
آمالھم وتطلعاتھم التي یستحقونھا، إنھا في الواقع دعوة لتغلیب إرادة الحیاة والخیر، على نوازع القتل والشر، فتلك
.الحیویة قد تصنع واقعا سیاسیا أفضل، ومستقبلا اقتصادیا أرحب
تلك ھي قوة المنطق التي تدعو الدول والحكومات لتغییر حیاة الناس إلى الأحسن، وتدعو الشركات الكبرى إلى تعددیة
الأبعاد الاستثماریة لتصبح أكثر إنسانیة، وأقرب إلى المفاھیم الأخلاقیة التي تتعامل مع المستھلك من حیث ھو إنسان
.لھ الحق في حیاة كریمة وسعیدة أیضا
بھذا المنطق خاطب جلالة الملك شخصیات سیاسیة واقتصادیة وفكریة وإعلامیة لتشكیل تیار عالمي أوسع نطاقا،
وأكثر تأثیرا، وإیجاد أرضیة مشتركة للسلام والأمن والتعاون الدولي وبھذا المنطق أراد جلالة الملك إقناع المشاركین
أن الأردن لیس مجرد بلد یوفر فرصا عدیدة لاستثمارات ناجحة، ویشكل موقعا إستراتیجیا في التجارة العالمیة،
! وحسب، وإنما ھو كذلك بلد یستند في قوة منطقھ إلى القیم والمبادئ الإنسانیة التي تخلى عنھا آخرون
د. یعقوب ناصر الدین
قوة المنطق!
أخبار البلد -