ان ما حدث في نيوزيلاندا الجمعة الماضية من مذبحة جماعية للمصلين الامنين من المسلمن يدعونا الى التامل والتوقف عند حقيقة تنامي التطرف والغلو ضد الاسلام من قبل اليمين الاوروبي فهذه الحقيقة ليست فردية ولم تكن وليدة الساعة او اللحظة وانما منذ عقود طويلة حيث اخذت العلاقة بين الاسلام والغرب حالات متغيرة بين التقارب والتباعد احيانا كما شهدت حالة من التعايش.
ان ظاهرة الغلو التي يتبناها اليمين الاوروبي ضد الاسلام تتنامى مستندة الى شخصيات ومؤلفات تنمي هذا الفكر وتعززه .
وها هو كتاب ديبا كومار أستاذ مشارك الدراسات الإعلامية ودراسات الشرق الأوسط بجامعة «روتجرز» الأميركية «فوبيا الإسلام والسياحة الإمبريالية»، عن الغرب الذي بات قبل قرن ونصف تقريبا ينظر إلى الشرق بوجه عام وإلى العثمانيين بوجه خاص على أنهم أدنى من الغرب وغير قادرين إلا على إفراز مجتمعات استبدادية، ثم وعلى العكس من أكذوبة أن الغرب والشرق كانا دائما في حالة صراع فإن الصراع تعايش في حقيقة الأمر مع التعاون، وبعيدا عن فكرة أن الشرق شرق والغرب غرب وأن الاثنين لا يمكن أن يلتقيا أبدا، فإن ما شهدناه هو أن تاريخ الشرق وتاريخ الغرب، بقدر ما يمكننا حتى أن نتحدث عن شرق منفرد وغير منفرد، يوجد بينهما تداخل وثيق.
وما فكرة التصويت ضد المآذن فى سويسرا التي كانت ليست وليدة حادث عابر لكنه نتاج سنوات طويلة حاول فيها اليمين المتطرف اختلاق عدو جديد بعد الحرب الباردة، مستغلاً أفعالا فردية لأفراد وجماعات متطرفة، لم يفرق بين الإسلام وأفعال بعض المسلمين، وانتزع الجمل من سياقها لتدعيم وجهة نظره التى تريد إثبات أن المسلمين أهل عنف يتصرفون كالقبائل الهمجية، وبالرغم من وجود تيار عقلانى فى أوروبا وأمريكا لا يرى فى الإسلام عدوا، وتوجد فى دور النشر الغربية آلاف الكتب التى لا تنكر على الإسلام قدسيته ومراعاته للأصول الإنسانية، ولا تقل هذه النوعية من الكتب المعتدلة عن كتب الكراهية، فإن كتّاب الفتنة الأوروبية استخدموا فزاعات.
وهناك عشرات الكتب التي تحدثت عن الاسلام التي استغلها المتطرفون ضده» كالغزو الإسلامى.. مواجهة مع أسرع الأديان انتشارا»ً عنوان كتاب روبرت مورى الشهير الذى صدر عام 1992 قبل أحداث11 سبتمبر بتسعة أعوام كاملة، وفى هذا الكتاب عبر «مورى» عن استنكاره واستهجانه للانتشار السريع للإسلام فى الغرب، وفيه يتهم الإسلام بأنه يستند إلى ثقافة العرب الوثنية القديمة .
وكذلك كتاب «الاستسلام.. الرضا بالإسلام أو التضحية بالحرية» يذكر الكاتب بروس بويير أن الإسلام حركة تدعو لإبادة البشر، ويدين الشكل العنيف الذى يتبعه المسلمون، على حد قوله، وقال إن وجود الإسلام بأوروبا كالقنبلة الموقوتة، متهماً المفكرين الليبراليين واليساريين الأوروبيين المعتدلين بتضليل الرأي وإنكار حقيقة التهديد الذي يفرضه وجود الإسلام بالغرب.
ولا ننسى «الهجرة والإسلام والغرب» لكريستوفر كالدويل فى كتابه الأحدث «انعكاسات الثورة على أوروبا.. الهجرة والإسلام والغرب» حذر كالدويل، الصحفى البريطانى الشهير، من «أسلمة أوروبا» وقال إن المسلمين لا يضيفون إلى الحضارة الأوروبية شيئا، بل يواجهونها متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم الإسلامية وكأنهم يعيشون فى «جيتو» مجتمع مفتوح بما يعيد معاداة السامية إلى أوروبا بعد أن اختفت بانتحار هتلر.و ما نشره بطل مذبحة مسجدي نيوزيلاندا من وثيقة كبيرة تحتوي على كثير من المفاهيم المتأثرة والمستوحاة من المؤلفات واقوال شخصيات يمينية في التحريض ضد المسلمين باعتبارهم غزاة .
ان الامر يتطلب ثورة فكرية وعلمية لا لتوضيح وسطية الاسلام واعتدال منهجه وفكره فحسب لان ذلك واضح وجلي انما يتطلب حالة من الحوار والتعايش والرد على اصحاب الفكر المتطرف من اليمين الاوروبي لانه كما يوحد اشخاص متطرفون لدينا لا علاقة للدين بهم يوجد لديهم كذلك لا بل ولديهم ما يغذي هذا الفكر .
تنامي التطرف ضد الإسلام لدى اليمين الأوروبي
أخبار البلد -