في كل مرة تصدر فيها مكرمة ملكية بمبلغ مقطوع أو زيادة لموظفي القطاع العام ومتقاعديه، يشعر موظفو القطاع الخاص وهم الأكثر مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بالغبن الشديد، فلا زيادة تطالهم ولا مكرمة تصلهم على الرغم من إسهامهم في أكثر من (60%) من الناتج المحلي الإجمالي، ومن أهمية الدور الذي يلعبونه في تنمية الاقتصاد الوطني، فيما يصيب الترهل الإداري معظم قطاعات العمل العام، ويكاد يشلّ حركة بعضها أو يعطبها، ليصل حجم الإنفاق الحكومي إلى ما يزيد على (40%) من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا بالطبع لا ينفي وجود مؤسسات ووزارات ودوائر رسمية فاعلة تقوم بدورها على أكمل وجه..!!
العدالة تقتضي أن تطال الزيادات جميع موظفي الدولة، مع الأخذ بالاعتبار أصحاب الرواتب والأجور المتدنية والمتوسطة، فمعدل الأجور الشهرية في الأردن لا يزيد على (400) دينار، وهناك شريحة واسعة من العاملين في القطاع الخاص تقل رواتبهم عن المائتي دينار فيما لا تتجاوز رواتب شريحة أخرى الحد الأدنى للأجور البالغ حالياً (150) ديناراً، وتعجّ مؤسسات القطاع الخاص بأعداد كبيرة من هؤلاء العاملين، أفلا يستحق هؤلاء نظرة إنصاف ورحمة لتمكينهم من العيش بعزة وكرامة، في الوقت الذي يتطلعون فيه بألم وحسرة إلى مكرمات مالية تنهال على موظفي القطاع العام وحده..!!؟
صحيح أن بعض مؤسسات القطاع الخاص سوف تبادر من تلقاء نفسها للاقتداء بالمكرمة الملكية، ولكن هذا ينطبق على البعض القليل فقط منها، في حين ستتجاهل معظم المنشآت والمؤسسات في القطاع الخاص هذا الأمر وكأنها غير معنية تماماً..!!
ما الحل إذن..؟! وما الحل بالنسبة للمواطنين المتعطلين عن العمل أيضاَ، والمشكلة بالنسبة لهؤلاء أكبر وأعقد..!؟!
أقترح أن يكون هناك تصنيفات في توزيع المكارم الملكية تعتمد على فئات الأجر، بحيث يتم توجيه الدعم الأكبر إلى ذوي الأجور والرواتب المتدنية والمتوسطة، فكيف يستقيم أن يستفيد موظف عام يتقاضى راتباً بقيمة ألفي دينار مثلاً بنفس القيمة التي يستفيد منها صاحب راتب المائتي دينار..!! وما حاجة الأول لمبلغ المائة دينار أساساً، وهل يشكّل هو ومن على شاكلته أولوية في الدعم..!؟
أعتقد أننا بحاجة إلى مراجعة حقيقية لتوزيع المكارم الملكية السامية على أسس أكثر عدالة وإنصافاً تأخذ بالاعتبار العاملين والمتقاعدين في القطاعين العام والخاص، ولا تشمل الجميع وإنما فقط الأكثر حاجة والأقل أجوراً وراتب، خصوصاً إذا علمنا أن المكرمات السابقة لم تكن تستثني موظفاً عاماً يصل مجموع ما يتقاضاه شهرياً إلى بضعة آلاف من الدنانير.. فأيهما أولى بمكرمة المائة دينار هو أم من يعمل في مؤسسة قطاع خاص براتب لا يكاد يصل إلى ثلاثمائة دينار..!!؟ أعتقد أن على الحكومة ووزرائها المعنيين أن يجيبونا على هذا التساؤل..!
Subaihi_99@yahoo.com