من المؤكد ان ملايين المشاهدين أمضوا الليل بفجره على شاشات التلفزيون يشاهدون لحظات تساقط كتائب القذافي ..بيت بيت دار دار زنقة زنقة في عملية فتح طرابلس التي تزامنت مع فتح مكة والتي سطرها أشراف الثوار من داخل وخارج طرابلس..
أحداث متسلسلة وخطابات هستيرية متتالية لمعمر القذافي مع إبداع في التصريحات الصحفية- والصحفية هنا تجمع مابين الصحافة والصحّاف وزير الإعلام العراقي السابق في عهد الرئيس صدام حسين- مع حصول موت برزخي للتلفزيون الليبي إلى ان استلمت القنوات الغير ليبية زمام الأمور وعلى رأسها قناة الجزيرة التي لعبت دورا أساسيا في هذه الحرب وفي هذا الإنتصار بلا شك.
نعم كانت الفرحة تغمرنا وكان التكبير حال لساننا بعد حرب دامت أكثر من نصف سنة مؤلمة فقدت ليبيا فيها الاف القتلى والجرحى والمبعدين من المواطنين وحرق معظم أراضي ليبيا ببنيتها التحتية..
من خلال متابعتنا للأحداث خلال اليومين الماضيين لحظه بلحظه تذكرت كلام المبعوث الروسي لليبيا "مارغيلوف" الذي حذّر في الماضي القريب من خطة إنتحارية أعدها القذافي لتفجير طرابلس في حال دخولها وتساءلت هل كان المبعوث الروسي قد تم وضعه في الصورة العسكرية التي سيتم بها التعامل في حال دخل الثوار؟ أم أنه كان يعلم أن دخول الثوار لابد منه لذلك حاول بث التوجس والرعب في قلوب الثوار ومجلسه العسكري؟ كما أننا يجب الإعتراف ان الناتو خطط مع المجلس العسكري في تلك العملية لكنه لم يلعب دورا رئيسيا في قلب أي معادلة خلال اليومين الماضييم ولم يكن فاعلا بذلك..
المهم سقطت طرابلس وفُتِحت وسقط النظام الليبي..لكن ما أثارني هو تلك المكالمة التي انفردت فيها قناة الجزيرة مع السيد محمد ابن معمر القذافي الأكبر من زوجة معمر القذافي الأولى المطلقة التي أطلق فيها السيد محمد القذافي كلاما عقلانيا حكيما مؤثرا في وقت لم يستطع أن يتمالك نفسه من عدم الأمان والإرتباك وأقر انه طلب الآمان من المجلس الإنتقالي وتم إعطائه الأمان هو وأطفاله وأمه وإذ بطلقات نارية داخل بيته تصدح متلازمة مع نطقه الشهادتين أعقبها انقطاع المكالمة..وللعلم أن السيد محمد القذافي لايحمل أي صفة عسكرية أو أمنية خلافا لبقية أشقائه وليس له أي توجه سياسي..كما أن ليس له أي ظهور إعلامي إلا فيما تعلق حول شؤون الإتصال والرياضة بلإضافة إلى ظهوره مشاهدا لوالده وهو يلعب الشطرنج..نحن ليس هنا للدفاع عنه او تبرير مواقفه بقدر ماهي كلمة حق نريد فيها أن نذكر أبرز ردات الفعل التي أعقبت انفصال المكالمة.
ماحدث في منزل محمد القذافي أصاب الذعر في محمد نفسه و لمقدم الأخبار في قناة الجزيرة الذي بان عليه التأثر والغضب المحتقن مما إدعاه إلى الطلب من المحررين بالإتصال فورا برئيس المجلس الإنتقالي مصطفى عبد الجليل..الذي اثبت بعد الإتصال به بأنه ومجلسه سقط مع سقوط النظام الليبي..نعم فبعد قيام مقدم الأخبار في قناة الجزيرة بطرح سؤال ليوضح حقائق ماحصل في بيت ابن معمر الأكبر وإذ بالسيد مصطفى يتهم مجموعات سلفية إسلامية متشددة بالقيام باعمال إنتقامية بعيدة عن الأخلاق معرجا ولأول مرة من غير أن يدرك إلى موضوع إغتيال السيد عبدالفتاح يونس القائد العسكري للثوار ورئيس أركان جيش التحرير الوطني الليبي في ثورة 17 فبراير عن طريق إتهامه نفس تلك الأفراد السلفية بمقتله. مع العلم أنه حسب المجلس لم يتم التعرف على ملابسات عملية الإغتيال وان التحقيق مازال جاريا مع من قُبض عليهم..لقد تفاجأنا بنيته الإستقالة منذ تصفية القائد عبدالفتاح يونس وتعهده بالإستقاله بعد سقوط القذافي إن لم يلتزم الثوار بقراراته بقوله أنه لايشرفني ان أكون على رأس مجموعات إرهابية أو أن اكون رئيسا لتلك مجموعات (الثوار) مع طلبه المستمر بضبط النفس..
هذا الأسلوب في الرد يدل على ضعف المجلس الإنتقالي وزعزعته وتخبطه وأن زمام الأمور في مختلف أنحاء ليبيا ليست بيده ولا يستطيع التحكم بجنوده وهذا سقوط بكل معنى الكلمة كما سقط القذافي الذي لم يستطع التحكم بجنوده أيضا وستظهر نقاط الضعف أكثر فأكثر مع تزايد التمرد بين الثوار وانكشاف مجموعات ذات طابع ثأري وانتقامي بالإضافه انه من الطبيعي ستظهر عمليات السرقة والنهب من المدنيين مع وجود فلول وطابور خامس. كما حصل في ثورة تونس ومصر بعد تحريرها من انظمة إستبدادية..لكن بالطبع هناك فرق كبير بين نهاية النظام الليبي ونهاية النظام المصري والتونسي.حيث ان ثورة مصر وتونس تم استلامها من قبل الجيش أما الليبي فلا يوجد نظام يستطيع بسط السيطرة الأمنيه عليه..ليخرج السيد مصطفى عبد الجليل ضعيفا بمفرداته و بالتفوه بكلمات ليست في وقتها (كمخربين,سلفيين) وتوعده بالإستقالة إن لم يلتحم الثوار به.