وللأعيان نصيب مما يجري !!
- الخميس-2011-08-20 20:40:00 |
أخبار البلد -
عجيب وغريب أمر الدولة الاردنية ، وغريبة طريقة إصدار قوانين او قرارات غالبا ما تخالف توجه الناس وحتى تخالف في بنيتها المنطق والعقل، هدفها ليس إصلاحي بحت كما يطالب الناس او كما يفترض بها ان تكون ، فهي من ناحية الشكل تخدع الذين لا يعرفون بالشأن الاردني اوطرق اصدار تلك القوانين ولمصلحة من تصدر أساساً ، بحيث أنها تؤكد على حقوق الناس وتسهيل وصول المواطن لحقه والدفاع عنه ومنحه الفرصة للمشاركة في بناء وطنه ! وهي من حيث المضمون لا تلبي طموح الناس ولا تناسب ما يجري في البلاد من تطورات تستدعي إصدار قوانين وانظمه لمعالجة الخلل كما يفترض .
وقد استوقفتني مسألتين هنا ، الاولى ـ والتي تتعلق بتخفيض سن المرشح الى مجلس النواب الى 25 سنه حسب التعديلات الدستورية المقترحه ! ولا ادري كيف لأبن ال 25 سنه ان يكون مشرعا ومراقبا لأداء الحكومة وهو لم ينهي بعد تحصيله الدراسي ، وما هي الخبرات والإمكانات ليس الماليه فحسب بل العملية والفنية والخبره التي قد تؤهله ليكون نائبا للوطن والشعب في ذروة الحديث عن إصلاحات يحتاجها الوطن لن تتأتى من ابن ال 25 عاما ! وهذا يعني وهو المقصود ان تُقتصر تلك الترشيحات على من يملك القدرة الماليه الكاملة التي تغطي نفقات الحملة الانتخابية سواء لابناء المتنفذين او الطبقة الغنية وهي في حدها الادني تتجاوز ال 50 الف دينار داخل المحافظات او القرى ! فهل استجمع ابن ال 25 سنه من شبابنا تلك الخبرات والإمكانات في القرية او الريف او البادية بعد عام او عامين من تخرجه إن كان اصلا خريج جامعه ، اذ لم يسجل في الاردن ومنذ عقود خلت ان يحصل الشاب الفقير او ابن الطبقة المتوسطه على وظيفه قبل اقل من 4 – 5 سنين !! لكننا نؤمن وبقناعة راسخة لا املكها وحدي بل ويشاطرني بها الناس ، ان هذا التعديل جاء لخدمة بعض الرموز الذين يعدون ابنائهم لتلك المواقع إستمرارا لنهج التحالفات الطبقية المقيته في مواجهة المواطن العادي لا أكثر !! فهل يقبل اعضاء المجلسين النواب والاعيان بتلك التعديلات ام أنها ستسير وفق الخطة المعدة لها اصلا !
كذلك ، كنت اتابع اخبار رد مجلس الاعيان قانون البلديات الى مجلس النواب بعد ان أورد المجلس عددا من الملاحظات كان ابرزها إلغاء اشتراط حصول الراغب بالترشح لانتخابات البلدية على الشهادة الجامعية الاولى والاكتفاء بمعرفة القراءة والكتابه ، مبررا ذلك بأن إشتراط الشهادة الجامعية يحد من الديمقراطيه على حد تعبير المجلس !!! ولا ادري هل اشتراط الشهاده الجامعية للراغب بالترشح لمؤسسة خدماتية كالبلديات وخاصة الكبرى منها هو مخالفة للدستور او العقل او الأعراف ؟ وهل استمرار التعامل مع تلك المؤسسات الخدماتيه الكبرى سيبقى ضمن رؤية البعض القاصرة عن إدراك التطورات التكنولوجية والعلمية وجعل تلك البلديات محكومة لأفراد لا يتقنون إدارة تلك البلديات أو حتى قراءة التقارير المقدمة اليهم ولا يستطيعون مناقشه لماذا وكيف يمكن البدء بمشاريع تطوير او تحديث الخدمات اوالتكلفه المحددة لها، وهل يعقل ان يكون رئيس القسم او مدير او مهندسا او موظف بسيط داخل البلديه يحمل شهادة جامعية يتلقى الاوامر والمعلومات واحيانا القرار من قبل من يحسن فقط القراءة والكتابه !! وقد عانت بعض البلديات من وجود تلك " الكوادر " غير المؤهلة واوصلت البلديات الى واقع حزين عانت فيه من المحسوبية والسمسرة والإنفاق غير الضروري ، ولا زالت تتحمل حتى اللحظة تبعات من أدارها من غير الكفاءات المطلوبه !
فالموضوع لا علاقه له بالديموقراطيه ، بل له علاقة بتوفير الكفاءات المهنية المتخصصة لإدارة وتطوير مؤسسات خدماتية كبرى تمس حياة المواطن والدوله ، ولها إختصاصات فنية ومهنية تستدعي وجود الكفائه القادرة على إدارتها والنجاح بها ، واما التبرير بأن اشتراط شهادة جامعية يحد من الديمقراطيه فمن حقنا ان نطالب كذلك بوقف سياسة تعيين اعضاء مجلس الاعيان يحيث يتم انتخابهم مباشرة من قبل الناس !! لأن ذلك يعتبر هو الأخر حدا للديمقراطية المتجدده التي نسعى لتحقيقها ، فلماذا لا يتشكل مجلس الاعيان تبعا لقانون انتخاب عصري يلائم المرحله على غرار المجالس الاخرى كمجلس الشيوخ او غيرهم في العديد من الدول التي يشمل نظامها التشريعي وجود مجلسين !
اسوق هذه الفقرة لاقول ان اهتمام مجلس الاعيان على حد تعبيرهم بموضوع الحد من الديمقراطية كان يجب ان يرتبط بالحد من الحواجز التي تحول دون استمرار معاناة الناس والمرتبطة منها بموقف الحد من الفقر الذي يزداد يوما بعد يوم ، والحد من بيع مقدرات الوطن ونهب ثرواته ، والحد من إحتكار بعض التجار لمختلف السلع الأساسية الهامه التي اثبتت التجربه ان اولئك المحتكرين لتلك السلع قد مارسوا أبشع الممارسات والسلوكات غير الإنسانية تجاه المواطن ، وإستغلاله بشكل قاهر غير أبهين بنظام او حكومة او تعليمات وخاصة خلال الشهر الكريم ، ودون ان يحرك احد من اعضاء مجلس الاعيان ساكنا لمناقشة المسأله والضغط بقوانين او إجراءات تحد من ذلك الاحتكار ، وكان على المجلس الغائب حسب الوقائع والاحداث عن كل ما يجري في الشارع ان يفعّل دوره الرقابي والتشريعي ويعيد للدولة هيبتها من خلال المطالبة والضغط للحد من التجاوزات المتعلقة بالفساد والترهل الاداري والهموم العظيمه التي يلاقيها الناس في ضل مجلس نواب يلاقي النقمه والاستياء من قبل الشارع المطالب بحله ، اذ كان على مجلس الاعيان التحرك ومساندة الحكومة في مواجهتها التي خسرتها امام اولئك التجار المحتكرين! ولو كان مجلسا منتخبا لتغير الحال وتبدل ، لكن الصمت هو ضريبة التعيين !
واما موضوع الحد من التعليم العالي الذي يمارسه النظام بسلسلة إجراءات وقوانين ومنع الطبقات الفقيرة من الحصول على هذا المطلب الشرعي والانساني ، فأن اعضاء مجلس الاعيان الكريم يعلمون كل العلم ان ارتفاع الأقساط الجامعية وكلفتها العاليه في بعض التخصصات المرموقه على حد تعبير البعض يحد من إقبال الفقراء عليها واقتصارها على طبقات محدده ، كذلك فأن ارتفاع معدلات القبول في الجامعات التي تحرم من يحصلون على معدل 98 % على سبيل المثال من دراسة الطب سيدفعه للبحث عن دراسة أخرى ليقتل كل احلامه وطموحه ، او يضطر لدراسة التخصص خارج البلاد ان كان يملك المال، او التوقف عن الدراسه لمن لا يستطيع توفير المال الكافي ، فأين الاهتمام بموضوع التعليم ومراجعة التشريعات التي تحد من التعليم الجامعي للشباب الاردني الذين يعتبرون هم الحالة الوحيدة بين شباب الدول العربيه الذين يعانون من سياسات وانظمة حدت بل وحرمتهم من الإقبال على التعليم الجامعي سواء لجهة الرسوم المرتفعة اولقلة عدد المقاعد او الإشتراطات التعجيزية المطلوبه للتعليم العالي كاللغة الاجنبية وارتفاع الرسوم الكبير وحرمان الطلبه الاردنيين من الدراسة عن بعد اوالدراسة الالكترونية التي تجتاح العالم باستثناء الاردن ، وهي اشتراطات طبقية مقيته لا تتناسب بل وتتعارض مع حقوق الانسان ، وتتناقض مع ما يشاع في الاردن حول تحقيق طموح الشباب ودعم قدراتهم وتطوير إمكاناتهم ، فهل أثارت تلك الإشكالات والحواجز التي تحول دون مواصلة الشاب الاردني لدراسته اي من اعضاء المجلس لتصحيحها ومواجهتها والضغط على الحكومات لتعديلها من أجل إزالة الحواجز عن تلك الحقوق المنهوبة إسوة بطلبة دول تعاني اضعاف ما نعانيه مثل اريتيريا والصومال !!فلا تتحدثوا عن الحد من الديمقراطية وتربطونها فقط بموضوع البلديات .
اقول هذا كله واكثر لو اتيح المجال ، ولكنها ملاحظات تؤرق شبابنا وتعطل طموحاتهم التي يجهد البعض في الحد منها بل وقتلها ـ فأين اعضاء مجلس الأعيان من كل هذا !!!