إن الخطاب الفكري بحاجة ماسة إلى لغة تخاطب العقل والمنطق والوجدان كي تدخل إلى النفوس ومن ثم إلى التحليل ، وللعقل المتلقي حرية قبول أو رفض هذا الخطاب ، ولكون الخطاب الذي يرددونه مليء بالحقد والضغينة والبغضاء وجاء بأثر رجعي فهو لن يدخل إلى العقل ولن يصل إلى لغة التحاور كونه لم يرتقي إلى إدراكنا بصحته ، لأن حديثهم مليء بالخفايا الخجولة التي تتمخض عن ولادة الكلام المنمق بالخديعة والتظليل وتشويه صورة الآخرين والحقائق ، فلسنا ممن يقبلون أو يسمعون لهذا الحديث الملون والزج بالشرفاء في عجن الكلام وانعدام الضمير من مساحة الحق ، فإن جاء بهذه الصورة فهو مجرد وهم وحقد دفين لا يمكن قبوله وهو تشويه متعمد لحسابات شخصية ضيقة هدفها العبث والمساس بأشرف وأنبل ركن من أركان الدولة وهي المخابرات العامة ومديرها محمد باشا الرقاد .
إن الإساءات المتعمدة والمتكررة ومحاولة الزج بالشرفاء أبناء هذا الوطن الصادقين المرابطين الذين عملوا بإخلاص وصدق وأنتماء ولم ينحازوا إلى فئة أو تحريف أو تدخل بشؤون الآخرين أو استغلال المنصب والسلطة لأغراض شخصية ، إنما هو حقد وقفز على الثوابت الوطنية وتعدي على هيبة الدولة التي ستظل المخابرات العامة حامية الحمى ومنارة عز وكبرياء ، وهي مسوغات غير واقعية هدفها التقليل من شأن الآخرين وتشويه لسمعة المخابرات وصورتها النقية التي لن يصلوا إلى نقائها ونقاء منتسبيها ، وهذا تهجم مقصود على شخص مدير المخابرات العامة الذي لن نقبل به ، وهو تبرير لفشلهم وعدم جدوى حضورهم ، وهو استمرار لمسلسل الحقد والكراهية ، غايتهم إشهار أنفسهم وري ظمأهم من عطش التخبط ، فلا يحق لأي فئة أن تتملك حرية الرأي والحديث بالظلم ونكران الوجود على الآخرين والتغول على الصامتين من أبناء هذا الوطن ، فهم ليسوا أكثر غيرة ولا انتماء ً ، فكم تمنينا لو كانت غيرتهم في موضعها ، فليس مباحا ً لهم التهجم على الآخرين وحرام علينا الدفاع عنهم ، كما إنه لا يجوز أن ننظر في وسائل إصلاحهم لمنع الفساد السياسي أو الاعوجاج الاقتصادي على أنها مرسلة من السماء .
سيدي الباشا ...
كان الديك يصيح فجرا ً ولكن الآن كل أوقاته صياح ، فالقادمون بنكهة الشمس الغائبة بين الغيوم لن تدفئ قلوبهم المبللة بالمطر ، لأن وجع العمر الذي ينخر العظم لم يؤلمهم ولو مرة دائما ً هم فوق الجرح ، فالذين يستغلون الضوائق والأزمات ومواسم الجفاف كي يساوموا الصامتون على بيع ضمائرهم وتحريف آرائهم إنما هي ايقاض للفتنة وهو تعمد لسرقة الأضواء .
لقد جئت من ملح الأرض ، ومن دفء الوقت ومن ثنايا أكبادنا ، فأنت أبن الوطن الذي يعرف إن للصمت بوح وأن للكلام صوم ، فلا تكن في مرية من أحاديثهم التي تنعق بالظلم والبهتان .
أتدري يا سيدي ما هو أسوأ الأزمنة ؟ إنه زمن يختلط فيه أقدار الناس فيصبح الصغير كبيرا ً ويغدو فيه الجاهل عالما ً والعابثين مصلحين، وأسوأ المشاعر أن يصبح مصير وطني في يد لا تعرف قدري .
إنهم يا سيدي أرض عجوز ووجه مقبرة جفاها الغيث وهم لا يزالون يتحدثون بشقاء أنفسهم وقلة حيلتهم وامتداد حضورهم المتأخر بالنطق ، إنهم أبدا ً غبارا ً واحدا ً وحقدا ً واحدا ً لا يتبدل حتى لو عفا الدهر عن قاتل أبيه ، يكابرون والمدى خجل منهم وصباحات شمسك يا وطني التي تشرق كل يوم لم يعجبهم بريقها ، إنهم يتفيؤون بظل الوقت وظل العبث المعقود نواياه بماض قد لا يتذكرون إلا الأسوأ منه .
إنها ليست حرية ، إنها أمراض الانحلال السياسي والأخلاقي ، إنها وقاحة البوح ، إنها أفواه عبثية وحناجر بالية لا يخجلون من الهذيان المسرف بالوجع ، فحتى الكؤوس التي يشربون منها لها انساب ولها أياد تمد لها الحنين ، فمن هان عليه التراب فكل الأحاديث عليه هوان ، فلا ندري أي خفايا حقدهم ستروي شكّنا ، وكلما شفي جرح جاء منهم ألف جرح يشتعل.
يا سيدي .. لا يرتجى أمل ممن يجحد اكبر النعم ولم يبقى لهم إلا أن يرسلوا الخنجر وفدا ً كي ينتهي الخلل، إنهم طقس لن يعتدل.
فما جوعي مذلة ولا نرتجي ترف، إنما نوم بدفء ليل مؤتمن.
khalaf_alkhaldi@yahoo.com