أخبار البلد - يُدَحْرِجون الوطنَ نحو المجهول
بقلم: جهاد أحمد مساعده
عندما يموت الضمير؛ يُصبح كلُ شيء عند الإنسان مباحاً، ويحل الظلم ويرسخ الجشع، وتموت القيم والأخلاق.
ولا أدري هل أن قدَرنا كأردنيين أن نكون ضحايا لحماقات بعض الجهلة الساعين لتصدر المشهد السياسي والاقتصادي، فننام ونصحو على دندناتهم الرنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
هل نترك مستقبل وطننا يتدحرج نحو المجهول؟.
بين مسؤولين أقيلوا من منصابهم، فأصبحوا معارضين لسياسات فاشلة، هم أولّ من صنعها حينما كانوا على رأس عملهم، أم نترك مستقبل وطننا لمعارضين يتصدرون الحشود، ويسعون للظهور ويهتفون بعبارات ظاهرها حق، وباطنها باطل.
وفي ظل الأجواء المشحونة بين معارضة تدّعي حرصها على الوطن والمواطن، وبين حكومة لا تملك رؤية واضحة لأي برنامج اقتصادي أو اجتماعي تقنع به الشعب، سيضيع الوطن ويدفع الثمنَ المواطنُ.
الأغلبية الصامتة في الأردن أصبحت لا تثق بهؤلاء ولا هؤلاء، فهي تعرف أن أولئك هم الذين ماتت ضمائرهم، وأصبح الجشع هدفهم، لا يفقهون إلا بالحصول على المغانم، وليس لديهم القدرة على النهوض بمؤسسات الوطن.
فالمعارك التي تتصدر حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، ويدور في رحاها تبادل الاتهامات، والدعوات الهدامة لضرب السلم والأمن المجتمعي، لا يعرف المواطن مصدرها، وتحاول أن تجر الأغلبية الصامتة إلى حاضنتها لتنفيذ أجندتها.
فالأغلبية الصامتة براءٌ منكم ومن أفعالكم، فهذه الأغلبية هي من تقف في صف الوطن وقيادته، ولن تسمح للنَعَّاقين الباحثين عن المناصب أن يعبثوا بأمن الوطن.
فمن يتحكم ببعض تلك الحشود هدفه الحصول على أكبر قدر ممكن من المناصب، والحصول على المكاسب، فالكل يسعى إلى تقاسم الغنيمة، وكأنهم في سباق مع الزمن، يجتمعون في الخفاء في غرف مظلمة وفي العلن، يتآمرون ويَأْتَمِرُون.
الكل يريد أن يصبح مسؤولًا ذا شأن يشار إليه بالبنان، متناسين أن المسؤولية أخلاقٌ ووطنية، لكنها في نظر من ماتت ضمائرهم تعني الكسبَ والجاه والحكم.
فهم يلهثون لأجل ملء كروشهم الجرباء بالسحت، صمُ الآذان لا يسمعون صراخ مظلوم يعلو، ولا يتحسسون أنين فقيرٍ يتلوَّى، حتى أن البعض منهم لا يمانع أن يحرق الوطنَ خدمةً لمصالحه المشبوهة، وبالتالي فإن الشعب هو أول من دفع ومازال يدفع ثمن سياستهم الخرقاء، وتصرفاتهم الرعناء، فروائحهم الكريهةُ تُزكِم الأنوف، فمقاصدهم سيئة، ومآربهم دنيئة، هم العدو فاحذرهم!
يرغبون في الظهور وإثارة الاهتمام، ولفت الانتباه، فيطلق بعضهم الكلمات البذيئة، والإساءة للذات الإلهية، والكفر بالكتب السماوية.
إن حديثهم بهذا الأسلوب ليس حرية رأي ولا تعبير، بل هي سياسة هدم للمبادئ والقيم التي تربينا عليها.
فلا تسمحوا لهؤلاء بالتغول على القيم الدينية والتطاول على الثوابتِ الوطنية العليا دون ردع أو عقاب كائنًا من كان.
فإن ما قامت به تلك الزمرة من أفعال غير مسبوقة يُعد مؤشرًا خطيرًا، وكأننا نعيش في زمن الانفلات والفوضى، فأضحى الحديث معهم أشبه بمصارعة الثيران منه بالحوار، أو بحوار الخرسان مع الطرشان، فلا يأتي منهما خيرٌ.
يقول الله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ۖ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ۙ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)