من اكثر الامور التي تثير الاشمئزاز في النفس البشرية ان يقوم البعض سواء اكانوا احزابا ام تجمعات شبابية او نسائية او قوى اصلاحية على اختلاف مسمياتها بتغليب مصالحهم الخاصة على المصلحه العليا للدوله تحقيقا لمأربهم واهدافهم التي يسعون بكل جهدهم لتحقيقها حتى ولو كان ذلك على حساب باقي خلق الله فهي الانانية البغيضه التي تحول الانسان شخص انتهازي طماع يحاول استغلال الظروف والمواقف لحسابه الخاص او لحساب تلك الفئه القليله من الناس .
وما شهدناه هنا في الاردن وبعد ان انهت اللجنة الملكية لمراجعة الدستور من عملها المهم وتسليمها للتعديلات الدستورية لجلالة الملك بدأت بعض الاصوات من هنا وهناك تخرج الينا معترضه على هذه التعديلات كونها لا تلبي طموح الشعب الاردني على حد قولهم حيث يريدون ان يتم تفصيل التعديلات على مقاسهم ومقاس من يتبعهم ولكن الذي استفزني اكثر هو ما خرجت به علينا بعض الاصوات النسائية وبعض الجهات الداعمه لهم التي تطالب باضافة كلمة الجنس الى الماده 6 التي تتحدث على( ان الاردنيين امام القانون سواء لا تمييز بينهم وان اختلفوا في العرق او اللون او اللغه او الدين) ويأتي هذا المطلب لتحقيق هدفا خاصا وخطيرا تسعى اليه بعض المنظمات والشخصيات النسائيه وذلك لتتمكن المرأه الاردنية من منح جنسيتها الى اولادها من اب غير اردني عن طريق اجراء تعديل على قانون الجنسية الاردني ليتماشى مع النص الدستوري .
هذا الموضوع قديم جديد فقط تم اثارته حتى قبل قيام الثورات العربية والمطالبه به لا زالت مستمره ولغاية الان ولكن لا يمكن تطبيقه على ارض الواقع لان هذه القضية هي سياسية بحته ولا تتعلق بحقوق المرأه فالمصلحه العامه للاردن هي بعدم اجازة هذا الموضوع ليس كرها بالمرأه او انتقاصا من حقها لا سمح الله ولكن حفاظا على الدوله الاردنية والتركيبة السكانية وعدم طمس الهوية الاردنية وخلخلة التوازن الديمغرافي الحساس بالاضافة الى امر مهم وهو الحفاظ على القضية الفلسطينية الهم الاردني وشغلها الشاغل وخاصة اذا ما علمنا ان عشرات الالوف من الاردنيات متزوجات من فلسطينيين من حملة البطاقات الخضراء والجواز الفلسطيني وبالتالي فيما اذا تم تعديل هذه الماده مع استحالة ذلك واقعيا سيؤدي هذا الى تجنيس مئات الالوف من ابناء الضفة الغربية وما يترتب على ذلك من تغريغ الارض من اهلها وهذا ما تسعى اليه السلطات الاسرائيليه وتعمل جاهدة على تحقيقه على ارض الواقع وبالتالي فان الاردن يقدم هدية مجانية لاسرائيل ويشكل ايضا اعتداء سافرا على حق العوده المقدس الذي يطالب به الاردن في كل محفل عالمي والذي هو حق من حقوق اللاجئين الذي لا يستطيع اي من كان التنازل عنه وكذلك وهو الاخطر يعطي انطباعا ان الاردن يسعى الى التوطين ويقبل بفكرة الوطن البديل وينفذها على الارض وبالتالي ليس للاردن ولا للقضية الفلسطينية اية مصلحه بطرح هذا الموضوع ولا حتى للنقاش لان مجرد طرحه للنقاش العام يؤشر على وجود نوايا مبطنه لدى الحكومه لتطبيقه على ارض الواقع ولكن تريد معرفه الرأي العام حوله ولكن بطريقه غير مباشره .
واذ يدعي بعض من يطالب بتعديل هذه الماده ان هناك دساتير بعض الدول العربية والاسلامية تنص على المساواه على اساس الجنس مثل ايران والمغرب العربي نقول لهم وبساطه ان تلك الدول بعيدة جغرافيا واجتماعيبا عن القضية الفلسطينية ولا يوجد لديهم مئات الالاف من اللاجئين الفلسطينيين وبالتالي فليس لديهم هذا الهاجس الخطير والخوف المستمر من قضية التوطين والتهجير .
ومع ذلك كله فقد قدمت الحكومة الاردنية التسهيلات الكبيره امام ابناء المرأه الاردنية في معيشتهم في الاردن مثل التعليم والصحه والعمل والقيادة وهذا بنظري هو المهم وليس الحقوق السياسية كحق الانتخاب والترشح علما بأن نسبة لا بأس بها من الاردنيين لا يمارسون هذا الحق .