حاولت ان اجد عنوانا اخر لمقالتي هذه لوصف علاقة بعض احزاب المعارضه والقوى الاصلاحية الاخرى مع الحكومه ولكني لم اجد افضل من هذا المثل الشعبي لوصف تلك العلاقه التي تقوم على الرفض الدائم لكل ما يطرح على الساحه من قضايا ومطالب ابتدأ من مخرجات لجنة الحوار الوطني واخيرا اللجنة الملكية لمراجعة نصوص الدستور علما بأن معظم التعديلات الدستورية كانت مطلب شعبي وحزبي قبل ان تكون مطلبا حكوميا ومع ذلك وبعد اقرار تلك التعديلات والتي ستنتقل بالاردن الى مرحلة سياسية جديده ومتقدمه في البناء الديمقراطي العصري وقبل حتى قرأتها رفضت تلك الاحزاب والقوى الاخرى تلك التعديلات على اعتبار انه لا تلبي الطموح الشعبي وكما قال امين عام احد احزاب المعارضه " تمخض الجمل فولد هرا"
شكل هذه العلاقه وبهذه الصورة الضبابية التي تجمع احزاب المعارضه وبعض القوى الاخرى مع الحكومه والقائمه على اساس رفض لكل ما يطرح على الطاولة والمعارضه لاجل المعارضه فقط دون طرح حلول جاده قابله للنقاش بين مختلف الاطياف السياسية وعدم فرض الرأي على الاغلبية او التمسك بالرأي على اساس انه الاصلح ومن ثم طرح بعض المطالب وعندما تستجيب الحكومه لتلك المطالب تقابلها تلك الجهات بالرفض متعذره بمبررات غير منطقية وباعذار واهية لا ترقى الى مستوى الفهم الشعبي فحال الحكومه يقول احترنا يا قرعه من وين نبوسك .
لا يجوز للبعض ان يبقى متمسكا برأيه على اساس ان هو الصواب واتباع اسلوب العناد في مناقشة مواضيع ذات طابع وطني تهم كل الشعب الاردني بكافة اطيافه السياسية والاجتماعية وليست حكرا على فئه او مجموعه معينه وان تبقى هذه الفئه من الناس ترواح مكانها دون تغيير او تجديد في خطابها القديم الذي اصبح مملا بالنسبة للناس ولا يتماشى مع روح العصر والتطورات الكبيره والمتسارعه في الحياة فاذا رفضت الحكومه القيام بأمر معين او طلبا تقدمت به هذه المجموعه يصبح الموضوع بالنسبة لها مسألة حياة او موت وتصر عليه وتبقى تطالب به باستمرار وتبقى تحرك الشارع كل يوم جمعه وعندما تستجيب الحكومه لتلك المطالب الشعبية تسارع هذه المجموعه الى رفضه رفضا قاطعا عبر بيانات اعلامية وخطب عصماء ويتحدثون باسم الشعب على اساس انهم ممثلين لكل الشعب الاردني ولاعطاء عملية الرفض او القبول الشرعية اللازمه على اساس ان هذا الرأي هو للشعب وليس لتلك المجموعه .
ما تطالب به بعض احزاب المعارضه وبعض القوى التي تدعي انها اصلاحية والتي ولدت بعد ثورات بعض الشعوب العربية بولادة متعسرة ومخاض طويل وبالمناسبة لا تزال هذه الحركات في مرحلة الخداج لعدم اكتمال بعض اعضائها الحيوية وفي هذا الوقت من تعديلات اخرى يجب ان تطال بعض مواد الدستور وخاصة الماده 35 بحيث يتم تعديلها ليتم تشكيل الحكومات من الاغلبية البرلمانية والتي لم يطرأ عليها اي تغيير لعدم وجود قناعه لدى اللجنه والتي تضم بين جنباتها خيرة ابناء الوطن والحريصين على امنه واستقراره وتطوره بمثل هذا الطرح ولا يمكن القبول به فمن ناحية لا زلنا غير جاهزين ولغاية الان لمثل هكذا تغيير نظرا لطبيعة المجتمع الاردني وتركيبته الحساسه و من ناحية اخرى انه لا يوجد لدينا ولغاية الان احزابا سياسية فاعله ذات برامج سياسية واقتصادية قوية حيث ان معظم احزابنا لا زالت في مرحلة النشؤ وبعضها لا يتجاوز عدد منتسبيها بضع مئات وحتى الاحزاب الكبيره لا زالت ايضا بدون برامج واقعية تجعلها قادرة على استلام دفة الحكم بل تعتمد على الشعارات ولديها القدرة على تنظيم المسيرات والمظاهرات فقط دون تقديم شيء مفيد على الساحه الاردنية.
وما نأمله من احزاب المعارضه والقوى الشعبية الاخرى ان لا تقف في المنطقه الرمادية الغير واضحة المعالم وان تبقى ترفض لكل ما يطرح متجاهله بذلك رأي الاغلبية من الشعب الاردني وان تفهم ان الاصلاح لا يمكن ان يأتي بين ليلة وضحاها بل هو عملية مستمرة تحتاج احيانا الى سنوات عدة لتنضج وتصبح واقعا ملموسا وثقافة مترسخة في عقول الاردنيين .