خلال الايام الماضية وحتى ساعة كتابة هذا المقال وحديث الساعة الذي سيطر على عقول وقلوب الموظفين العاملين وبالطبع المتقاعدين وابنائهم واحفادهم اليائسين، خبر وحيد (عيدية شهررمضان الفضيل)!! ، بين تأكيد ونفي ونقاش وحوار ومسجات بين الاصدقاء والاقرباء ، تسمّر الجميع امام شاشات الفضائيات بانتظار خبر عاجل يبدا بالرقم 100 ، يظهر فجاة على الشريط الاخباري لاحد القنوات.... 100 تنطلق الحناجر في البيت مبروك ، يتدارك ابو احمد (صاحب البيت) الخبر العاجل بقوله: يا اخوان ركزوا على الشاشه ،،الخبر يقول 100 قتيل نتيجة الاحداث الداميه في سوريا ..لا ليبيا ..لا يا اخوان في اليمن ..يسود الصمت لحظات ،يقطعه صوت ابو احمد مخاطبا ابنته دعاء: غيري القناة على قناة اخرى !! فهي متخصصة بتغيير القنوات .. ممسكه بكلتا يداها ريموت الكنترول : على اي قناه بابا؟؟ وقبل ان يجيب على سؤال ابنته يرن هاتفه وبدون ان ينظر الى شاشة التلفون ليعرف من المتصل،، يفتح الخط ويسمع مبروك ، خبر المئة دينار على قناة ....، وبسرعة البرق يضع يديه على جهاز الرسيفر ويقلب القنوات (يدويا) وجدتها ،،، يتنهّد الحمد الله الخبر صحيح ... تنفرد الاسارير وتعلو الزغاريد وتصبح الحكومة الحب الاول والاخير ..يتناسى الجميع ملفات فسادها وقبح ماضيها!!..الكل يمدح ويهلل بالدعاء ... تبدأ التلفونات تصدح من جديد .. لا تسمع الا كلمة ( البشاره الي) ..وتسمع صوت الاطفال تتعالى بالطلبات وام احمد تنتظر نظرة من ابي احمد (فيها رجاء..)عسى ان يقتطع لها عشرون دينار!!!! وعد اخذته منه في ساعة قبل السحور في غمرة سرور ،، فجأة يعود الصمت وتكفهر الوجوه ،يعلوها دهشة تنم عن كارثة وقعت على القلوب قبل العيون ..يسمع ابو احمد المذيع يردد وردنا الان نفي قاطع لصحة ما ورد في قناتنا .. لاصحة لخبر المئة دينار ...وبعصبية غير معهودة من ابي احمد يصرخ على ابنته دعاء : غيري على قناة اخرى.. تقول الحقيقة !!!
مفارقات عجيبة ومدهشة ان ترى احلام معظم الشعب الاردني تنحصرالان في هدية لاتتجاوز المئة دينار ،يرى انه بها يستطيع ان يضحك على دائنية ..ويلهي بها اطفاله ولو ليومين او ثلاثه ، فقط ايام العيد ،اي عيد هذا !! فالعيد نسيناه منذ زمن بعيد...العيد كان فرحه فأصبح هم وغم .. العيد كان صلة رحم وتقارب فأصبح عبء ثقيل ينهك الموظف قبل المتقاعد!!!
العيد لا يعرفه الا من حجز في فنادق العقبة وعلى شاطئها يمارس المساج والتدليك.. يدفع بلا حساب فرصيده عامر بالملايين من جيب هؤلاء البسطاء ..من خزينة الدولة التي اعطت بسخاء ..جميعهم نهبوا حتى افرغوا وعاء الوطن، بل رهنوا الوطن لمؤسسات التشليح الدولية فاسالوا صندوق النقد الدولي والدول المانحة فتخبركم باليقين .. عيد اصبحت فيها دماء الشعوب رخيصة ، تهدر الدماء مجرد قول انهم شعب وليسوا عبيد ،، لهم حقوق ويريدونها وهي ليست عطايا ومنح وهدايا !!!!
لله درك ايها الشعب هل وصلت احلامك لمئة دينار!!! تساوي مصروف جيب لابنة مسؤول في فترة صباحها وعند المساء لها مثلها ويزيد...
عجبا لهذا الشعب لا اراه يطالب بحقه في راتب الثالث عشر والرابع عشر ، لا اريد ان اقول مثل موظفي البنوك خامس عشر وسادس عشر.
عجبا لهذا الشعب الشريف الذي صدّق مسؤوليه عندما اخبروه بأن مديونية الاردن ثقيله والاردن بلد فقير معدم وعليكم ايها الشعب الصبر والتحمل، فهل اصبح حالنا مثل حال نيبال والصومال؟!!
فعلا انك شعب شريف ، فالشرفاء لايبكون ولا يتذمرون ((تحسبهم أغنياء من التعفف)) ، فعلا انك شعب قنوع ، متواضع، طيب النفس ،شعب متمسك بكل آداب الحياة على هذه الأرض، محب لوطنه
يصبر على الضيم لامخافة من المسؤول ،بل خوفا على وطنه ان يصبح ركاما مدمرا كغيره من الاوطان ،، فرسالتي للحكومة أن ترتقي لمستوى الشعب الاردني وتعطيه حقوقه ليس بصفة المنّة والاحسان ، وقبل فوات الاوان فحلمه اليوم بسيط ولا نعرف ماذا يكون حلمه في الغد القريب!!!!!!!
ويقيني ان صاحب الشان ملك البلاد يملك حكمة ليداوي جرح شعبه بل جروح والالام الملايين
اللهم احفظ شعبنا ووطننا يا الله ، اللهم آمين.
DRKMAL_38@YAHOO.COM