ضغوط كثيرة تمارس على الأردن ، بعضها ظاهر ، وبعضها باطن ، ولكن ثمة فرق بين أن يضغط عليه ، وبين أن يفرض عليه ، فالحالة الأولى تقاس بحجم الضغط مقابل حجم القدرة على التحمل ، أما الثانية فتعني الإملاء مقابل الرضوخ ، وحين يتعلق الأمر بصندوق النقد الدولي ، فقد لخص نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر المشكلة مع الصندوق بأنها ناجمة عن عدم الثقة أو الضغط السياسي .
تبدو عدم الثقة متبادلة بين الطرفين ، وقد أعطى نائب الرئيس أمثلة على عدم صواب العديد من نصائح أو مقترحات الصندوق ، بينما انتقد مسؤولون من الصندوق تقصير الحكومات في تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي ، والآن نجد أنفسنا وجها لوجه أمام الحقائق المتصلة بمصالح الأردن ، وعلينا أن نأخذ على محمل الجد تحذير رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز خلال برنامج ستون دقيقة يوم الجمعة الماضي ، من أن هناك ثمنا باهظا لعدم إقرار قانون ضريبة الدخل ، وهو يشير حتما إلى ما يترتب على ذلك من تخفيض التصنيف الإئتماني للأردن وارتفاع كلفة الفائدة ، وارتفاع عجز الموازنة العامة ، واعتبار الأردن بيئة استثمارية خطرة ، إلى جانب تراجع قدرة الإنفاق على الخدمات ، وتمويل المشاريع الجديدة .
ولكن ماذا عن الضغط السياسي ، وما علاقة الصندوق به ؟ أسئلة تم طرحها ، والأجوبة عليها من رئيس الوزراء لم تكن بعيدة عن الواقع حين أكد أن الأردن يتعرض لضغوط دولية ، ولكنه لن يتخلى عن ثوابته فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، ولن يتنازل شبرا عن قناعاته ومواقفه .
شيء يشبه الأواني المستطرقة ، حيث الضغط والجاذبية تجعلان السائل المائع يتساوى في الأنابيب المتصلة على ذات المستوى ، بغض النظر عن شكل وحجم الأنابيب ، نحن في الواقع أمام ضغوط تفضي إلى بعضها بعض ، وذلك وضع بالغ التعقيد ، وينطوي على مخاطر كبيرة ، لا يمكن مواجهتها بالإجراءات الحكومية مهما بلغت عبقريتها ، والسبيل الوحيد نعرفه جميعا ، إنه تحصين جبهتنا الداخلية ، في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية ، وتشكيل موقف وطني فاعل ومؤثر يظهر من خلاله الأردنيون استعدادهم لخوض التحدي ، وحماية بلدهم مما هو ظاهر وما هو باطن !