ماذا يقول المفتي العام..!؟
قامت الدنيا ولم تقعد، وكاد الأمر يطيح بالحكومة، وبشخصيات ذات وزن ثقيل لمجرد منح ترخيص لإقامة كازينو في منطقة البحر الميت لمستثمر أجنبي لا يدخله أردنيون، وقال فيه الشعراء والمفتون والساسة والاقتصاديون والكتّاب والإعلاميون ما لم يقولوه في أي أمر آخر، وطغى الموضوع على تفكير العامة حتى شغل الناس أكثر من أي قضية وطنية أخرى..!!
والمفارقة أننا في الوقت الذي لا نزال فيه نعيش تداعيات "الكازينو الميت" ترانا نغض الطرف اليوم، ونحن نعيش أيام رمضان ولياليه المباركة، عن برامج الكازينوهات اليومية المتحركة التي تطالعنا بها فضائيات وبرامج رمضان ومن بينها تلفزيوننا الوطني..!! فماذا يقول مفتي عام المملكة في هذه البرامج حيث تتفق هذه الفضائيات والتلفزيونات مع شركات الاتصالات لتحقيق أرباح هائلة دون وجه حق من وراء استدراج آلاف الاتصالات يجريها الناس معها للمشاركة بما تقدمه من مسابقات "وهمية" طمعاً فيما يسمى بالجوائز المغرية التي تقدمها وبعضها تُقدّم دون أي جهد بشري في الإجابة على أي أسئلة..!!
ماذا يمكن أن يصنّف أهل الإفتاء في رمضان برنامج التلفزيون الأردني اليومي (رمضان معنا أحلى) وهو يقدم جوائز كبيرة مغرية لكل من يلتقط الخط غير المجاني سواء أجاب على الأسئلة أم عجز وساعدته مقدمة البرنامج للإدلاء بالإجابة الصحيحة وفي أحيان تتطوع هي للإجابة عنه لكي يربح عشرات الجوائز ومئات الدنانير، فيغري ذلك آلاف المشاهدين للاتصال بالبرنامج على طوابير المحاولة والانتظار..!!
تكلفة دقيقة الاتصال بالبرنامج (60) قرشاً، وتمر بدورة طويلة حينما يحالفك الحظ وتلتقط الخط، ريثما تصل إلى البرنامج، وقد تستطيع المشاركة وقد لا تستطيع، المهم أن تمكث أطول فترة ممكنة في الانتظار لكي تدفع أكثر في فاتورة الاتصال، وبالتالي تُحقق شركة الاتصال أرباح هائلة جراء آلاف الاتصالات التي تنهمر على البرنامج طمعاً في جوائزه المغرية وسهولة الأسئلة المطروحة، وتساهل المذيعة المقدِّمة..!!
ماذا يسمي رجال الإفتاء مثل هذه البرامج، التي تُعلّم الناس الطمع للحصول على جوائز سهلة مغرية لمسابقات وهمية وليست حقيقية، وتستنزف جيوب الآلاف لتصب في جيب شركات الاتصال وجيب الفضائيات، وبماذا يُفتون الناس: هل المشاركة فيها جائزة أم تدخل في باب المقامرة والحرمة..!!؟
كنا نتصور أن يربأ تلفزيوننا الوطني الذي نجل ونحترم عن مثل هذه البرامج وأن يقوم بتصميم برامج مسابقات رمضانية بأسلوب مشروع، احتراماً للشهر الفضيل، وانسجاماً مع توجّه الدولة بإغلاق أبواب المنكر وأهمها النوادي الليلية والمخامر ومحال بيع المشروبات الكحولية.. فذلك أنقى وأطهر، أم أن ليل رمضان وفيه القيام يختلف عن نهاره وفيه الصيام.. فماذا يقول سماحته، وماذا يقول مفتو شاشتنا الوطنية الذين يطلون علينا كل يوم ببرامج الوعظ غاضين الطرف عن شبهة "موبقات القمار" من ذات الشاشة..!!؟