فساد السلطة كبير..فنحن من ساهم اما بالصمت او التبرير
بقلم محمد سليمان الخوالده
هذا الفساد الكبير الذي أتى على ثروات الوطن ومؤسساته الوطنية واغرق الدولة بديون اثقلت كاهله تجاوزت العشرة مليارت ،لم يكن وليد صدفة ولم يكن في يوم وليلة، بل بدأ منذ عشرات السنين ،هذا الفساد الكبيرلم يكن ليكون لولا صمت الشعب المطبق الطويل ، فنحن من ساهم بذلك سواء احزاب او افراد بالصمت أو التبرير أو بالاشتراك في أحيان كثيرة، فالفساد وجد بسببنا والسرقة والنهب عاشت على أرض صمتنا، رموزالفساد استمدت قوتها من هروبنا وتواطئنا ،من خلال تقديم الرشوة للمسؤول والسعي الدؤوب للحصول على وظيفة او منصب من خلال الواسطة والمحسوبية ، استسلمنا لكل موجات الغلاء التي مرت على الاردن خلال العشرسنوات الماضية فكان الاعتراض عليها خجول!!
امام نظر الشعب واحزاب المعارضة وبعلمها تم بيع مؤسسات الوطن بثمن بخس ولم تحرك ساكنا في وقتها ، فلماذا كان صمتها آنذاك ولم تحركت الان؟!! رجال دولة كانوا اصحاب قرار، يعلمون وشاركوا بهذا الفساد لم يحركوا ساكنا ، وعندما اخرجوا من السلطة اصبحوا الان في صف المعارضة ينظّرون علينا بشعارات( ضرورة الاصلاح ومحاربة الفساد)، رجال دولة تعودنا على صمتهم وانحيازهم الثابت لحكومات الفساد ، بدء انسحابهم المنظم من صف الحكومات بانضمامهم العلني إلى جبهة الاحتجاجات الشعبية ، حقيقة مثل هذه الانسحابات تحمل مؤشرات ودلالات على قناعاتهم بجدية وقوة الاحتجاجات ومعرفتهم التامة ان عصر الشعوب قد بدأ . أو ركوبهم موجة التغيير لعلمهم ان المنطقة لامحاله سوف تطالها رياح التغيير.
استيقظت الشعوب من رحلة السبات الطويل، تحرك بدا متأخرا واحتجاجات خجولة لحد الان وأنا لا أقلل مما حدث لحد الآن ،فالاستيقاظ الآن أفضل طبعا من رحلة السبات الطويل التي واكبت الشعب حتى ظن الجميع أن الشعوب وصلت إلى مرحلة الموت. لكن حينما يتأخر الشعب عن المطالبة بحقوقه المسلوبة عشرات السنين وينتفض الان فجأة!! ، هذا يدل دلالة واضحة على انها وصلت لمرحلة اليأس وفاض بها الكيل ونفذ صبرها المتواصل على الظلم والفقر ، فالشعب ملّ وكلّ الانتظار ، انتظار تحقيق وعود الحكومات للاصلاح المنشود الذي بقي حبيس الشعارات،، لكن الاشكالية الحقيقة في حركة هذه الاحتجاجات الشعبية انها لم تكن نتيجة حالة وعي وإدراك بحقوقها السياسية قبل حقوقها الاجتماعية ، وما ادلّ على ذلك تشرذمها تحت مسميات وتجمعات لاتتسع عدة صفحات لذكر اسمائها ودخول احزاب تسمي نفسها معارضة لتحقيق اهداف تخدمها رغم وجودها على الساحة منذ الستينات وساهمت بتعاظم فساد السلطة بقبول بعض المكاسب الشخصية هنا وهناك ، ورغم تحفظي على اهداف بعض التجمعات الا انني لست مع سياسة الاقصاء حاليا بل تجميع الجهود وفق تكتل واحد يحمل الحد الادنى من شعارات الشباب التي عليها اجماع من كافة شرائح المجتمع ، تلامس حاجات وأولويات الناس وتؤسس لمفاهيم جديدة في النهضة واسترداد حقوق الشعوب السياسية قبل الحقوق الاجتماعية ، لا بد من الاعتراف من خلال قراءة نتائج الثورات العربية في دول عربية شقيقة ان حركات الاحتجاجات لم تكن تحمل برنامجا لما بعد اسقاط النظام ، فكان الشعار الرئيسي (الشعب يريد اسقاط النظام) لكن ماذا بعد اسقاط النظام !!!
لم يكن في برنامجهم لما بعد!!فدخلت الثورات في ازمة حقيقة وتشرذم بين اصحاب الاجندات والحركات الوطنية فانتشر القتل والاغتصاب وتصارع القوى داخل التيارات للوصول للسلطة ، وهذا يدل بشكل واضح الى فقرمريع في تأسيس البرامج المستقبلية التي تحول مكاسب الثورة الى تاسيس حكم مدني تكون السلطة فيها للشعب وللشعب فقط ، ناهيك عن تشابه اسلوب الاحتجاجت وانتقالها من سلمية الى عنف حسب ما خططت له اجهزة معينة ، او هكذا ارادها النظام ،فسالت دماء كثيرة باسم الثورة ،سوف تتداولها الأجيال القادمة بخجل، فالشعوب الواعية منذ منتصف السبعينيات خاضت الثورات بالأزهار والشموع والقمصان البرتقالية، ونحن ما زالت ثورتنا تقع فريسة العنف فيقاتلون حتى يُقتلون، وتدمر المؤسسات العامة للدولة حتى لا تجد ما يؤسس لدولة مدنية بعد نهاية ثورتها.
وهنا لابد من القائمين على الاحتجاجات ان يعيدوا قراءة الشعارات باسلوب ونهج الاحتجاج وتوحيد الصفوف من جديد للوصول الى الهدف المنشود،فالفساد كبير ورموزه لن تقبل حتى بالاصلاح فالمعركة شرسة وهي اتية لا محالة، فالشعوب لن تنتظر طويلا ، فهل نحن قادرون على افشال مخططات حكومات الفساد واسقاطها باقل الخسائر ، فنحن نريد وطنا سليما معافى بمؤسساته يخدم شعبه وفق شعار لا احد فوق القانون مهما كان موقعه ، فالحكومات في خدمة الشعوب وعهد الشعوب في خدمة الحكومات يجب ان ينتهي بازالة رموز الفساد.
اللهم احفظ وطننا الغالي وشعبه من كل شر...اللهم آمين
Drkmal_38@yahoo.com