فتحت الحكومة الباب لحوار مع الحركة الاسلامية بعيدا عن الاضواء كما تقول مرجعية سياسية, لعدم اخضاع الحوار لاشتراطات الشارع الاسلامي المتشدد وقيادته او لدعاة استبعاد واقصاء الاسلاميين الذين تورطوا بالابتعاد كما تقول الاخبار الراشحة من بيتهم, فقد تلمس الاسلاميون مؤخرا نتائج هذا الابتعاد الذي استثمرته قياداتها المتشددة لزيادة الفجوة مع الدولة بنفس الوقت الذي استثمرته القوى المؤيدة للاقصاء للتفرد بالكعكة السياسية والمناصبية.
الحوار كما تقول المصادر جرى في بيت البخيت الذي يخشى بدوره من تدخلات ترى في حواره مع الاسلاميين ترطيبا شارعيا يصب في نهايته لصالح عمر الحكومة الافتراضي, عكس طموحات ورغبات اماكن ثقل رسمية تناكف البخيت سرّا وهمسا ولا تفّوت فرصة لتأزيم الحكومة تحديدا بعد الدعم المالي للخزينة من الاشقاء في السعودية والدعم الفرنسي هذا الدعم الذي ازال ضغطا هائلا عن حكومة البخيت ومنحها فرصة لتأجيل صدام كان سيفضي الى رحيلها لو لامست اسعار المشتقات النفطية بالرفع كما كان يتوقع الخصوم.
الحوار مع التيار الاسلامي مطلوب ويجب ان يحظى بدعم جميع القوى السياسية والرسمية لانه خطوة مهمة في طريق الاصلاح وتحسين ظروف وشروط التوافق المجتمعي على القوانين الاصلاحية القادمة والاهم توفير بيئة آمنة وحقيقية لحوارات يجب ان تسبق اقرار التعديلات الدستورية المرتقبة والتي فرغت لجنة مراجعة الدستور الملكية منها وتنتظر الموعد لوضع مخرجاتها بين يدي الملك.
مخرجات لجنة الحوار ومخرجات لجنة مراجعة الدستور ليست هي نهاية الحوار حكما او نهاية المطاف, فهذه القوانين والتعديلات يجب ان تخضع لحوارات اكثر عمقا وتوافقا خلال نقاشها في مجلس الامة من اجل تحقيق الغاية الرئيسة للاصلاح وهو التوافق الوطني فنحن نعرف ان الاجماع مستحيل كما ان ابتعاد تيار سياسي بحجم التيار الاسلامي ليس من مصلحة احد وسيترك ندوبا في المسيرة الاصلاحية ومناكفة نستطيع تجاوزها اذا ما فتحنا صدورنا لحوار حقيقي يتلمس كل طرف اسباب ومسوغات الطرف الاخر مع ترك مساحة اختلاف وطنية تثرى التجربة وتغنيها.
ازمة الحوار الوطني لا تنحصر للاسف في المكونات السياسية وحجم التباين والاختلاف في مواقفها ورؤيتها بل في نكايات بين دوائر صنع القرار الرسمي, فثمة اجندات شخصية في معظمها تدفع بتأزيم الوضع القائم اما لافشال الحكومة ومنح المنافس فرصة ليلج باب الدوار الرابع او لعدم تسجيل نقاط ايجابية في دفتر الحكومة يمنحها فرصة لالتقاط الانفاس والسير في دروب اكثر امنا وامانا, فتصبح الحكومة هي العبء, وهذا ما حذر منه جلالة الملك اكثر من مرة وفي اكثر من مقام ومقال.
التباين بين المكونات السياسية الرسمية والمعارضة تباين محكوم بمجمله بأهداف ذاتية وليس بتباينات موضوعية او حول المصالح العامة فنحن نرى رفضا لفكرة او اقتراح لمجرد طرحه من الاسلاميين مثلا دون قراءته, والعكس صحيح؛ فالاسلاميون يرفضون من الحكومة حتى زرقة السماء, وهذا ينسحب على الرسميين السابقين الذين يقزّمون الافكار للنكاية فقط, بدليل انك اذا رجعت الى قراراتهم اثناء جلوسهم على المقعد ستراها اكثر سوءا.
الدعم القادم للخزينة لا يحقق الراحة المطلقة بل يمنحنا فرصة للتفكير والحوار بدون ضغط اللحظة والحاجة الملحة وهذا يدفعنا الى البدء في حوار حقيقي ومنتج دون مناكفات او نكايات هدفها اجندات شخصية ومن هنا تأتي ضرورة الحوار مع كل المكونات السياسية والاجتماعية واولها الحركة الاسلامية لطي صفحة وفتح اخرى بيضاء من دون لبس.
عمر كلاب يكتب : الحكومة والاسلاميون وضرورة مراجعة المواقف
أخبار البلد -