إن المجتمعات الإنسانية على مختلف مستوياتها، تواجه جملة من التحديات والمشكلات الناجمة عن العديد من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، والضعف في القدرة على مواكبة متطلبات هذا العصر نتيجة ما يطرأ عليه من هذه التغيرات، لذا فإن الحاجة ملحة وبشكل متزايد لوضع برامج التدخل المناسبة، بغية الوصول إلى مستوى تنموي اجتماعي مناسب لكافة شرائح المجتمعات الإنسانية، من خلال الجهود التي يقوم فيها كل من المجتمع والدولة، والقطاع الأهلي الذي يشارك في: تنفيذ البرامج التنموية، وتقديم الخدمات للمحتاجين، ومعالجة قضايا الرعاية، والقيام بأعمال التطوير، وبث الدعوات لحماية البيئة، واحترام حقوق الإنسان، ومعالجة المشكلات الاجتماعية، التي عجزت الدولة عن معالجة جزء منها، والمساهمة في تقوية المجتمع سساته، وخصوصا في ظل تعاون ومشاركة المواطنين في عملية التنمية، عبر إتاحة الفرصة الكاملة لهم للقيام بهذه المشاركة بفاعلية، بحيث يكون التشجيع من قبل الحكومات نفسها، كون التنمية ليست وقفا على النشاط الحكومي.
وتنبع أهمية القطاع الأهلي الممثل بالجمعيات إلى تراجع دور الحكومات في تقديم الخدمات للمواطنين، وتقلص قدرتها في تحقيق التنمية الشاملة مع تطور الأوضاع السياسية والاقتصادية فيها، ليصبح من الضروري أن يكون هنالك جانب مشارك لهذه الحكومات يتحمل جزءاً من الأعباء التي كانت موكله إليها، ولكن تغير الأوضاع أوجد للجمعيات دورا مكملا لدور الحكومة، وأحيانا موازيا لها في تنفيذ المشروعات والبرامج الاجتماعية وتوفير الخدمات للمواطنين، ومن هنا نمت ثقافة المشاركة واتسعت من قبل الجمعيات، وخارج النطاق الحكومي، في محاولة لسد الفجوة التي نتجت عن هذا الدور.
وشهد الأردن الحضارة اهتماما ملحوظا في ميادين العمل الاجتماعي على الصعيدين الرسمي والأهلي، نتيجة التطور الجديد الذي برز في النقلة النوعية في تقديم الخدمات الاجتماعية ليصبح العمل عملا مؤسسيا، والتصدي لمعالجة المشكلات الاجتماعية. وتعتبر الجمعيات في الأردن رديفا ومساندا للدور الحكومي في هذا المجال، كونها تحمل مفاهيم الخير والعطاء والتطوع اختيارا، وتقدم خدماتها للفئات المحتاجة، ومشاركتها في البرامج الهادفة. بالرغم أن مؤسسات الدولة تقدم الكثير من الخدمات للمواطنين، إلا أنها أبقت الباب واسعا أمام الجمعيات للإسهام وفق ماترتئيه في برامج الرعاية والتنمية. إلا أن الأمر يتطلب تعزيز جهود الجمعيات في عملية الإصلاح الاجتماعي القائم على تحقيق الاستقرار الاجتماعي والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة والقضاء على التهميش الاجتماعي لدى بعض الفئات وصيانة كرامتهم الإنسانية، وذلك عن طريق جملة من التدخلات، منها: تمكين الجمعيات من القيام بدورها وتحقيق أهدافها، وإيجاد جمعيات فعالة وملائمة لمتطلبات العصر والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، ومراجعة وتحديد أهداف الجمعيات بشكل مناسب، وقد لا يكون دوافع الذين يقومون بتأسيسها دوافع قائمة على أسس موضوعية، والذي أصبح يمثل مشكلة للجمعيات القائمة ذات الأهداف المشابهة، بالإضافة إلى مراجعة ووضع أسس وتعليمات تسجيلها، بهدف إيجاد معايير وأسس علمية وواقعية لتسجيلها تساهم في إنشاء جمعيات ملائمة ذات كفاءة وفاعلية قادرة على المساهمة في تنمية مجتمعاتها المحلية باستدامة.
الخبير في العمل الاجتماعي: وليد عبدالله الشطرات- ماجستير العمل الاجتماعي.