وصلت رياح التغيير الى «شارع الصحافة» وقد كنا نتوقع ذلك واذا كان ثمة ما يمكن ان نقوله هنا –على حساسية الموضوع- فهو اننا دائما مع الحرية التي تسمح للاعلام بان يعبر عن «ضمير» الناس بموضوعية ومهنية ومسؤولية ومع استقلالية هذه المؤسسات لكي تتطور وتنمو في مناخات طبيعية ومع منطق البناء والتراكمية والتواصل فلكل من غادر موقعه بعد ان اجتهد وأنجزكل الاحترام والتقدير، ولكل قادم الى هذه المواقع اصدق الامنيات بان ينجح ويضع بصمة جديدة تعطي اعلامنا الوطني ما يليق به من دور ومكانة.
لا نريد –بالطبع- ان نستبق هذه «التغييرات» او ان نحكم عليها، ولكننا نعتقد انها جزء من استحقاقات هذه المرحلة ومخاضاتها العامة وبمقدورنا ان نستثمرها في الاتجاه الصحيح اذا كان «الاصلاح» والتطوير هو العنوان المطلوب كما ان من حقنا ان ننتبه اليها وان نراقبها لكي لا تخرج عن السكة المطلوبة فالاعلام –اليوم- يمارس «سلطته» كما لم يفعل في اي وقت مضى وهو يشكل الرافعة «الاساسية» للتحول الديمقراطي الذي نطالب به وبالتالي فهو ليس ملكا لطبقة من الاعلاميين او اصحاب المال وانما ملك للدولة والمجتمع ومؤسساته –مهما كانت صفتها- مؤسسات وطنية يفترض ان نتعامل معها بعيدا عن حسابات الربح والخسارة فهي منابر للتنوير والوعي تخاطب الرأي العام وتؤثر فيه وتساهم في تشكيل مزاجه وتوجهاته.
الآن يبدو ان صحافتنا امام مرحلة جديدة لم تنشأ –بالطبع نتيجة التغييرات التي جرت في بعض الصحف وانما نتيجة لشبكة من التطورات التي طرأت على نوعية الاعلام واشكاله والفاعلين فيه ولشبكة اخرى من الظروف والمستجدات التي عصفت «بمنطقتنا» العربية وبلدنا ايضا وهذه كلها تشكل دافعا لصحافتنا لكي ترسم خرائط جديدة تتناسب مع هذه المتغيرات ودافعا ايضا للمسؤول في بلدنا لكي يتعامل مع هذه المؤسسات الاعلامية «بروح» اخرى غير تلك التي كانت فيما مضى وبمنطق اخر يتجاوز الصراعات والحسابات التي تضر بالطرفين معا.
نشعر كصحفيين اننا انجزنا «بمقدرات مؤسساتنا المتواضعة» نقلة نوعية في مجال العمل المهني والوطني واننا خرجنا من دائرة الصراع على الاعلام والسياسة الى دائرة «التوافقات» التي ترضي الضمير الوطني العام ولسنا بالطبع معصومين عن الخطأ ولسنا ايضا في معزل عن «التغيير» والتجديد باعتبارهما حاجات انسانية للاستمرار ولكننا في المقابل نتمنى ان نسير «بصحافتنا» نحو الامام وان نتمكن من صناعة «صحافة» اردنية تقاليدها واستقلاليتها ولها احترامها وتأثيرها لدى الناس ولها «حصانتها» من اي تدخل او تجاوز.
كل الاحترام لمن خدم في بلاط «الصحافة» ولكل الاجيال التي بنت هذه المهنة ورعتها وناضلت من اجلها ولكل العاملين والواقفين على تخومها واملنا كبير بان تبقى مؤسساتنا الصحفية –كما كانت دائما- في خدمة الناس والبلد.. وان يكون سقف حريتها هو السماء.. وان يضيف الاعزاء القادمون الى مواقعهم الجديدة فيها مداميك اخرى تمكنها من اداء رسالتها على افضل ما يكون.
حسين الرواشدة يكتب : تغييرات في شارع الصحافة
أخبار البلد -