اغتيال الوطن كبديل لاغتيال الشخصية
- الخميس-2011-07-24 03:05:00 |
أخبار البلد -
اغتيال الوطن كبديل لاغتيال الشخصية
أحمد الربابعة
من بين رُكام الفساد الذي ملئ مُعظم مؤسسات الدولة الأردنية، وحُطام الهدامين المجرمين الذي حطموه بمعاولهم، ورائحة نتنهم الذي تشتمه حتى الأنوف المزكومة؛ يُطل علينا من ينادون ويدعون بما أسموه (عدم اغتيال الشخصية) !؟ أي عدم ذكر الفاسدين، والسكوت على كل هذا الفساد والدمار والنهب، وبلع الموس مهما كان قاتلاً وجارحاً، مقابل عدم جرح إحساس أحد الفاسدين وخدش مشاعره !
يذُكر في تاريخ الخلافة الراشدة أنه تم اغتيال شخصية خليفة المسلمين عمر بن الخطاب كلاميا، قبل أن يتم اغتياله فعليا بخنجر أبو لؤلؤة المجوسي ويستشهد؛ وذلك حين وقف رجل من المسلمين وعمر يخطب على المنبر، محاسبا عمر ومتهما إياه بأنه اخذ ثوبين من الأثواب التي وُزعت على المسلمين آنذاك، في حين أن بقية المسلمين حصل كل واحدا منهم على ثوب واحد؛ ليتبين أن عمر كان قد لبس ثوب ابنه عبدالله في ذاك اليوم ولم يأخذ ثوبا ثاني كما ادعى ذلك الرجل، ومع ذلك؛ لم نقرأ أو نسمع أن عمر قمع ذلك الرجل أو طلب محاسبته، أو سأل هل هو من المهاجرين أم هو من الأنصار؟ أو أرسل له الجنود والحشود ليوقف اغتيال الشخصية .
بصراحة، إنا نهنئ أولئك الفاسدين وقطاعي الطرق، بل نحسدهم على ما هم عليه من الرعاية والحماية؛ للحد الذي تصل فيه تلك الرعاية إلى الخوف على مشاعرهم وأحاسيسهم من أن تُخدش أو تصاب ! إذ يبدو أن الذين يرعون الفاسدين ويحمونهم، يطالبون بعدم اغتيال شخصياتهم، حتى ولو كان البديل أو المقابل لذلك هو اغتيال الشعب أـو اغتيال الوطن بأكمله !
وفعلا هذا ما حدث ويحدث؛ حيث تمت محاولات اغتيال الوطن والشعب مرات عديدة، من خلال بيع ممتلكات الوطن، ونهب مقدراته، وطمس هويته، وتفتيت وحدته الوطنية، وإقصاء رموزه، وتزوير إرادته، والاعتداء على سلطاته، وفرض السياسيات على الوطن والشعب رغما عنهما . وما جرائم كالكازينو، والديسي، وتوريث الحكومات والمناصب، ومعاهدة وادي عربة، وبنك البتراء، ومصفاة البترول، والفوسفات، والبوتاس، وسكن كريم، وبيع شاطئ العقبة ومباني الجيش، وأراضي برقش، ومنح الجنسية؛ إلا بعض من الطعنات التي تعرض لها الوطن في سني عمره، ليكون الوطن الأردني كجسد جعفر الطيار؛ تقطع يديه وذراعيه من اليمين تارة، ومن اليسار تارة، وهو صامد يتلقى الضربات والطعنات حتى يستشهد، وهو الأردن كذلك يتلقى الطعنات تلو الطعنات، فهل يصمد هذا الجسد في تحمل تلك الخناجر والبلطات ؟
إننا في هذه المسألة قد لا يختلف حالنا عن حال ليبيا واليمن وسوريا، فما يحدث في هذه البلدان، هو قتل الشعب وقتل وطن بحاله من أجل عدم المساس بأشخاص معدودين، ونحنا هنا يُعمل على قتل بلدنا وشعبنا من خلال قمع المطالبين بالإصلاح ومحاسبة الفساد، من أجل عدم المساس بأشخاص فاسدين معدودين أيضاً .
إن الذين يريدون عدم اغتيال الشخصية، وكأنما يريدون اغتيال الأردن بحضاراته الأدومية والموأبية والعمونية والنبطية والرومانية وغيرهما، بل ويريدون اغتيال دينه وأعرافه وهويته ولهجته وشعبه، وكل ذلك من أجل عدم اغتيال شخصية فاسد !
يال الدهشة، ويال الصدمة ! كم هو عزيز عليهم، ومؤلم مس سمعة الفاسدين واغتيال شخصياتهم، حتى يعبأ رجال الأمن ويطلب منهم قمع إخوتهم ممن يتهمون باغتيال الشخصيات، ولا نعلم أين كانوا يوم اغتيل ماجد العدوان ويوم اغتيل هزاع المجالي ويوم اغتيل وصفي التل ؟ أتُرى هل أحاسيس باسم عوض الله وخالد شاهين وزبانيتهم، أعز من دم وصفي ودم هزاع ودم ماجد ؟!
ها هو وطننا يكاد يموت اليوم كما يموت البعير، وما به إلا ضربة بفساد، أو طعنة نهب وسرقة، أو رمية تزوير انتخابات وتوريث الوزارات، أو عطش من ماء الديسي، أو غير ذلك من الطعنات والخناجر والسيوف والرماح التي نالت من جسده ..... فلك الله يا وطني .
Ebnalss7raa@hotmail.com