انتهى الفصل الدراسي الاخير لهذا العام قبل فترة وجيزة وبدأت الزوجة منذ فترة بالتجوال في الاسواق لتشتري الهدايا لعائلتها وعائلة زوجها وبعض الاصدقاء والصديقات وكانت تضع ما تشتريه كل يوم في الشنط خوفا من نسيان شيء وها هم الاطفال أخذوا يستعدون لإستعادة ذكريات العام الماضي مع اصدقائهم في الاردن وهم يحلمون بذلك ليليا .
وقد يكون للعودة هذا العام طعم خاص اذ ان شهرا كاملا منها في رحاب رمضان المبارك وهو للكبار غير مريح لأن الخروج من البيت يكون مساء وفي السهرات غالبا وهذا ما يميّز الشهر الفضيل ولكن العائدين يعتبرون انهم خسروا النصف الاول من اليوم بالرغم من الحرارة العالية المتوقعة في فصل الصيف هذا .
ماذا يتوقّع المغترب العائد ان يرى في بلده قد تغيّر عن العام المنصرم على مستوى الناس والاقتصاد والوظائف والتقدم العمراني والصناعي والمعالم الجديدة من انفاق وجسور ومحلات تجارية مثل المولات وغيرها من نشاطات كالحدائق والسياحة .
وإذا اخذنا مقياسا أوليا الناس الذين عادوا من إجازاتهم مبكِّرا فيكون التوقّع غير مشجِّع فبالنسبة للمحور البشري فالناس نفسيّاتهم تعِبة وليست بالمتفائلة فالحياة اصبحت لا تطاق من الغلاء خاصّة ان نسبة البطالة في ازدياد والعدالة في التعيين غائبة إلاّ ما رحم ربّي والودّ والحبّ بين الناس يكاد يكون في غياهب النسيان وأوامر البيت في ايدي النساء والاولاد اللذين سيملئون الخيم الرمضانيّة بأراجيلهم الملوّنة مع رب العائلة او بدونه وسيكون احاديث الناس في جلساتهم ما يدور في الشوارع خاصّة ايام الجمع والمناسبات من اعتصامات او مظاهرات او إحتجاجات إذا أسعفت الناشطين أرجلهم على الوقوف والحركة مع الصيام وحرارة الجو , والاجراءات الحكوميّة واعادة الهيكلة والرواتب الفلكيّة ومعظمها يصبّ في عدم الرضا والإحباط المجتمعي خاصة ان بداية الشهر المبارك يتصادف مع ظهور نتائج امتحانات الثانويّة العامّة ذلك البعبع المسمّى توجيهي حيث تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه ويبدأ الحديث عن دخول الجامعات والمكارم والواسطات والرسوم ومعدلات القبول وغيرها .
والناس يعيشون في همّ كبير والعائد من بلد الاغتراب يأتي ليفرح بلقاء الاهل والاصدقاء ظنّا منه ان يلاقي الابتسامة ملء الشدقين في انتظاره وانه سيجالسهم ليحدثهم عن معاناته واسرته في الغربة من حنين للوطن والاهل ولهيب الطقس الحار اذا كان في دول الخليج ولكن ظنّه يكون قد ذهب بعيدا فهم قد بدوأ بالشكوى وضيق الحال سائلين عن فرص عمل للشباب وعن انضمام الاردن لدول الخليج وغلاء الاسعار وتكاليف المعيشة.....
فيفكّر حينها انّه يكون قد خسر قيمة التذاكران كانت على حسابه وقيمة ما جلبه من هدايا وكان ذلك فقط لكي ترى الزوجة اهلها والاولاد يلعبوا يومين قبل ما يملّوا ويطلبوا العودة لبلد الاغتراب .
ولكن اين هو الحنين للوطن والارض لا يظهر على الوجوه أم لأن ظروف الحياة ليس فيها ما يُجبر الشفاه على الإبتسام بأوامر من القلب الموجوع التعِب من الحياة والتزاماتها.
وتبقى فرحة العائد حبيسة قلبه ووجدانه يأبى أن يُصرِّح بها ويكبتها لتسيل عبر دمعة حارقة في ظلام الليل عندما يُحاسب نفسه هل قصَّر في حقِّ وطنه أم مواطنيه تغيّروا خلال العام الذي مضى أم أن ظروف الحياة وما فيها من الجوع والتعب والحرارة وقسوة الغربة على النفس والشعور بالقهر هي كلّها اسباب تجمّعت لتسلب زهر الحياة وتحوِّله الى لون رماديّ لم نتعوّد عليه.
ولكي نعزّي انفسنا نقول ان الفرحة للاطفال ولكي يلعبوا مع اقرانهم في الوطن الأغلى والأحلى والأزهى أما الفرحة الحقيقية للعائد فهي ان تكون في وطنك بين اهلك وهذا يكفي .
عصفورتان في الحجاز = حلتا على فنن
في خامل من الرياض = لا ندى ولا حسن
قالت له إحداها = والطير فيهن الفطن
يا ريح أنت ابن السبيل = ما عرفت ما السكن
هب جنة الخلد اليمن = لا شيء يعدل الوطن
حب الوطن ما هو مجرد حكايه
أو كلمة تنقال في أعذب أسلوب
حب الوطن إخلاص مبدأ وغايه
تبصر به عيون وتنبض به قلوب
حب الوطن احساس يملا حشايه
وانا بدونه في الأمم غير محسوب
موجود في دمي وكامل عضايه
سامي وهو للنفس غالي ومرغوب
لك يا وطنا في سما المجد رايه
واسمك عليها باحرف العز مكتوب
إشمخ وحنا لك أمان وحمايه
ولك عهد منا نوفي بكل مطلوب
فرحة عائد....
أخبار البلد -