اعتراف سوريا قبل ايام معدودة بدولة فلسطين على خطوط الرابع من حزيران 1967" على ان تكون عاصمتها القدس الشرقية، وتاكيدها على انها ستتعامل مع مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في دمشق كسفارة لدولة فلسطين ، هذا يعني ضمنا اعتراف النظام السوري بالقدس الغربية كعاصمة لدولة اسرائيل ..وبذلك يكون النظام السوري رضخ للمشروع الاوروبي باعترافه بالدولة الفلسطينية المستقلة و تخلّى عن موقفه السابق الذي طالما تمسك به وهو رفضه لاية تسوية لقضية فلسطين على ارضها التاريخية كاملة ،وفق ترتيبات تقضي بانهاء احتلال الجولان.
الرضوخ السوري للمشروع الاوروبي الهوية ، لم يتحقق الا بعد ما دخلت على خط الثورة السورية قوى خارجية اوروبية وغيرها من خلال دعم جماعات اخترقت التظاهرات الشعبية المطالبة بالإصلاحات الديمقراطية على اساس التداول السلمي للسطلة والمشاركة السياسية ، هذه القوى الخارجية كان هدفها الوصول الى استخدام العنف المسلح على نحوٍ ساهم في تاجيج وايقاع الصدام بين المتظاهرين المسالمين وقوى الامن، وعليه وجدت السلطة السورية نفسها أمام خيارين كلاهما مرّ، فاما أن تتشدد في مواجهة المتظاهرين الذين ارتفع سقف مطالبهم بعدما سالت دماء زكية من ابناء الشعب السوري واتسعت رقعة المناوئين للنظام السوري مطالبين باسقاط النظام ،ومواجهة هذه الجماهير الثائرة سوف تؤدي إلى اتساع دائرة الاضطراب الامني وربما حالة فوضى كبيرة وانشقاقات في الجيش السوري بدأت ملامحها تظهر للعيان ناهيك عن التداعيات السياسية الناجمة عنها والخيار الاخر امام النظام السوري ان تستجيب لدعوات دول الغرب الاطلسي التي في ظاهرها اطلاق حرية التظاهروتحقيق الاصلاح السياسي وتعديل الدستور بحيث يسمح بتعدد الاحزاب وعدم احتكار حزب البعث للسلطة ،هذه مطالب محقة نؤيدها جميعا، لكنها في باطنها تحمل رسالة فهمها النظام السوري وهي الرضوخ للمشروع الاوروبي ( شرق اوسط جديد ) ، بادخال سوريا في منظومة الدول العربية غير المعادية لاسرائيل ، والتي تدور في فلك النهج الليبرالي الاوروبي ضمن اليات اقتصاد السوق الحر ، خصوصا ان النظام السوري كان عقبة حقيقة امام المشروع الاوروبي الامريكي بنجاحه في تأمين معارضة فلسطينية لأي تسوية سليمة قبل انهاء احتلال الجولان وفق الشروط السورية ، اضافة الى ان سوريا كانت الشريان الرئيسي لحزب الله اللبناني الذي وقف سدا منيعا في دخول لبنان فلك الدول المطبعة مع اسرائيل ، هكذا تحقق مخطط المشروع الاوروبي والصهيوني ورضخت سوريا من خلال اعترافها بالدولة الفلسطينية علنا ،وعاصمتها القدس الشرقية وانهاء حالة العداء مع الكيان الصهيوني لاحقا وقريبا جدا ، وللاسف بات معروفا شكل هذه الدولة الفلسطينية ، دولة مفككة يتم فيها اقتطاع الكتل الاستيطانية الكبرى ومنطقة الاغوار الغربية على امتداد نهر الاردن بحيث تكون جزءا من دولة اسرائيل مع التخلي عن حق العودة وقبول مبدا التعويض .
كان على النظام السوري التقاط اشارة التدخل الاوروبي قبل اختراقه لحركة الاحتجاج الوطنية السورية من قبل مجموعات موجهه اوروبيا ، بعملية انفتاح على المعارضة السورية والاستجابة للمطالب الشعبية المشروعة دون ابطاء حتى تقطع الطريق على التدخل الاجنبي ، لكن هذا هو حال الانظمة العربية تتحرك دائما متأخرة وتحت ضغوط دولية ، وللاسف تكون نتائجها كارثية على الشعوب العربية ولا تستطيع حركة الاحتجاج الوطنية التحكم بمسارها اونتائجها فتقع فريسة لمشروع مخطط مسبقا ، بحيث يتطلب لاحقا قيام ثورات مضادة لهذه الثورات !!!
النتيجة الحقيقة التي ربما لا ترضي بعض شباب الثورات العربية هي مزيدا من الاعتراف بالكيان الصهيوني وحالات انفلات امنية ،نتج عنها قتل وتدمير وانهيار للاقتصاد او بقايا اقتصاد شابه فساد عظيم وما ادل على ذلك ما رشح عن المجلس الانتقالي الليبي من تصريحات قبل اشهر باستعداده لاقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل ، وقبلها ثورة انفصال الجنوب السوداني التي تمخض عنها ولادة دولة جنوب السودان، الذي اقام نظامه علاقات صداقة مع اسرائيل قبل اعلان استقلاله .
هذا يجعلنا امام اعادة تقييم للحراك الشعبي العربي بقراءة نتائج الثورات العربية بحيث تؤدي الى اصلاح النظام دون السماح للتدخلات الأجنبية المشبوهه والتي اصبحت مكشوفه.
Drkmal_38@yahoo.com