حتى الآن مازال نفر قليل من المواطنين يقومون بالمتاجرة بالاعضاء البشرية خارج المملكة، وخاصة الكلى، حيث يقوم نفر من الشباب العاطلين عن العمل، وعن طريق سماسرة الاعضاء البشرية في الاردن باصطحابهم الى بلدان عربية، واجراء عملية نزع احدى الكليتين مقابل مبلغ لا يزيد على ثلاثة آلاف دينار لزرعها الى رجل او سيدة قادرين على دفع مبالغ طائلة لانقاذ حياتهم. صاحب الكلية التي تم انتزاعها وبيعها بهذا المبلغ الزهيد لا يعرف ان عشرات اضعاف هذا المبلغ دفعت للسمسار، وللطبيب الذي استأصل الكلية، وللذي زرعها، وان كليته لا تقدر بثمن لأنها هبة من الله عز وجل، وان الذي يبيع كليتيه لن يتهاون في بيع وطنه وعرضه وولده.
افقر الفقراء من اصحاب الكرامة والمروءة والرجولة عندنا لو قلت له نحن بحاجة الى احدى عينيك مقابل عشرات الالاف من الدنانير، والتي تحتاج الى كل قرش منها لا يقبل بذلك ابدا، مثلما لا يفرط اي انسان عنده ذرة من كرامة بشرفه او عرضه.
الشباب الذين باعوا كلاهم، عاد معظمهم الى ارض الوطن مصابا بمضاعفات خطيرة، لأن الطبيب الذي يبيع ضميره في الدولة التي يتم فيها زراعة الكلية المسروقة، وهي بالطبع خارج الاردن، لا يتورع بأن يستأصل الكلية حتى دون اي عناية طبية، اثناء العملية او بعدها، وان بعضهم اصيب بالايدز، وآخرين بمرض التهاب الكبد الفيروسي، وآخرين اصيبوا بالفشل الكلوي بالكلية الثانية، وبدأوا يتوسلون لدى وزارة الصحة لشمولهم بعمليات غسيل الكلى، وانهم على استعداد لدفع اضعاف ما تلقوه من مال عند بيعهم الكلية لزراعة كلية جديدة بعد ان اصيبت كليتهم الوحيدة بالفشل الكلوي، وان بعضهم قد فقد حياته بالفعل.
بعض هؤلاء لم يتلقوا حتى الحد الادنى من الرعاية الطبية بعد عملية انتزاع كليتهم، واصيبوا بمضاعفات اقلها آلام الجرح، والالتهابات التي نجمت بعد ذلك، حتى ان بعضهم وفي احدى الدول العربية تم تهديدهم تحت وطأة السلاح بعد ان قبضوا ثمن الكلية بأن يسلموا ما لديهم من اموال وتركوا لهم عشرات الدولارات للعودة فقط.
لقد استطاعت الجمعية الاردنية لتشجيع التبرع بالاعضاء ان تقوم بتنظيم عمليات التبرع بالاعضاء من حيث القوانين والتشريعات التي لا تجيز التبرع بالكلية من انسان حي الى انسان آخر، الا من اقارب الدرجة الاولى من الاصول والفروع، وان لا يتم اجراء عملية نزع الكلية او زرعها الا في مستشفى مرخص، وان اية مخالفة في ذلك تؤدي الى سجن الطبيب لمدة اقلها ستة اشهر مع فقد عمله. وفي الجمعية سجل وطني ولجنة مؤهلة لمنح الكلية المتبرع بها من اهل المتوفى الى الشخص المناسب ومن معطيات السجل الوطني الذي يأخذ بالاعتبار كل شيء من نوع النسيج، والعمر ومعطيات اخرى، ويتم اخبار المريض الاكثر قبولا للكلية من الناحية الطبية دون اية واسطة او ادنى معرفة.
لدينا في الاردن حوالي (2300) مواطن يعانون من الفشل الكلوي وهم يكلفون الحكومة نحو (34) مليون دينار سنويا عدا الالم النفسي، والم الاهل، وضياع الوقت والمعاناة التي يشعر بها مريض الفشل الكلوي والتي لا تقدر بثمن، في حين لدينا نحو (800) انسان من احبائنا نفقدهم سنويا في حوادث الطرق فقط، وان تشجيع ذويهم على التبرع بقرنيات او كلى هؤلاء عند وفاتهم من شأنه إنقاذ ارواح المئات من المواطنين المهددين بالموت في اية لحظة نتيجة الفشل الكلوي كما يمكن لالاف آخرين من استعادة نعمة البصر اذا ما زرعت لهم القرنيات، وهذه عمليات خالصة لوجه الله تعالى وتعطى القرنية او الكلى المتبرع بها للشخص المناسب وبالمجان، وان الديوان الملكي الهاشمي يغطي تكاليف عمليات الزراعة لغير المؤمنين صحيا.
أحمد جميل شاكر يفتح ملف سماسرة بيع الكلى في الاردن
أخبار البلد -