سأدافع عن حكومة دولة معروف البخيت لانني ارى بان هذا الرجل جاء في الزمن الصعب ، زمن اشتعل فيه الرأس شيبا فتكالبت عليه كل مخرجات الضياع السابقه ، وفصول المحاكاه التي جاءت معظمها من رحم القطيعة ونكران الوطن ، رجل قبل ان يكون رئيسا للحكومة رغم التحديات الجسام التي تعصف بهذا الوطن ورغم موجات الاعتصامات والمسيرات والمطالبة بالاصلاح ، جاء وهو يدرك حجم المطالب التي تواجهه وحجم التحدي الذي يرتبط بمستقبله كرئيسا للحكومة، رجل وطني لبى النداء نداء جلالة الملك ليقبل بهذا المنصب فلم يعتذر ولم يولي الادبار ، استلم هذا المنصب وهو يعلم بان هناك عجزا بالموازنة وتدني الوضع الاقتصادي والترهل الاداري والفساد بكافة اشكاله والمطالبات بالاصلاح السياسي والحزبي ، حكومة قبلت ان تكون واقية للصدمة وتعلم بان هناك سيل من الانتقادات سيواجهها ، فمن ذا الذي يقبل بالهزيمة وهو يعلم بانه خاسر ومن ذا الذي يقبل بالخسارة رغم علمة بان لا يستطيع الربح ، اما هذا الرجل فقبل ، لانه يدرك بانه قادر على تخطي هذه المرحلة انشاء الله ، اذن فنحن امام مرحلة صعبة مرحلة تتطلب منا التأني والصبر والاستعانة بالله كي نعبر هذه المحطة الصعبة التي يمر بها الوطن.
لا يجوز ان نكيل الشتائم والاتهامات هنا وهناك دون ان ندرك حجم ما نقوم به ، فليس من اهل الخير من يلهج بالفسق وليس من العلماء واهل الحكمة من يهب قدراته للدمار ، ان من الحكمة ان نبقي على ثقتنا بالاخرين ما دمنا لا نملك الدليل على ادانتهم ، فالوطن بخير ولن ينال من حسنه عبث الابالسه وحقد الحاقدين الذي يتسترون خلف الاشياء وبخاطرهم ماهو ابعد من ذلك .
ان خطاب الثقافة للناس هو امانة فلا يجوز ان نتوارى خلف الاشياء ونحن ندرك حرمة وطأتنا فالخطاب الثقافي يرتبط بادراك الشخص للمنطق والمحاورة وحسن التصرف وابداء الطرح العقلاني الملائم للمرحلة ، فلا يهون الحق في امة ولا تغيب معرفة المصالح الا عندما يموت الحوار السياسي والفكري والادبي فشر ما يصل اليه المجتمع هو ان يتظاهر باجماع دائم على تأييد مواقف او نبذها ، ان التظاهر بالاجماع هو دمار للشعوب وتفتيت للمصلحة الوطنية وطريقة هامشية لا ترتقي الى مستوى التعقل والحكمة ، والذين يصوغون رغباتهم من اجل ان يكون لهم موطأ قدم او من اجل مصالحهم الخاصه فهذا خروج على الحق وتحول نحو الباطل ، فالذين يناصرون الاخرون دون معرفة دوافعهم واهدافهم فهذه خطيئة وبهتان وظلم ، لان فهم المثقف لقضايا امته وحوائج وطنه يعينه على القيام بدورة ، فالعلماء والمثقفون هم منقذون لا موقدون النار والنزاع ، كون معالجة الامور في خطوات قصيرة المدى وبخطى واثقة تفيد طويلا اما المعالجة السريعة وغير المدرسة فانها ربما تفيد اكثر ولكنها لا تدوم طويلا .
ان انتقاد الاخرين دون معرفة ودراية ودراسة متأنية والوقوف في وجه التطور لمجرد الشك في مقدرتهم يعد تعدي على المنطق وتأجيج الازمة وقد يكون حلبا في انية الخصوم لا خيرا في انية الوطن ، فليس المطلوب منا التوقيع على ادعاء الاخرين بل علينا ان نكون اكثر صدقا في معرفة حقيقة ادعائهم .
علينا في هذا الوطن نحن الاردنيون ان نكون اكثر واقعية واكثر هدوءا وتعقلا لان الاعتزاز بالوطن نابع من عزة انفسنا لانفسا ( حتى النملة تعتز بثقب الارض ) فلا يجوز ان نتهور في الحكم واطلاق الاشاعات واثارة الفتن التي لن نجني من ورائها الا الدمار لا قدر الله ، وان نعطي الفرصة الكافية لهذه الحكومة ان تعمل فمنذ ان جاءت هذه الحكومة والساحة الاردنية تشهد مزيدا من الخروج عن المألوف ومزيدا من الشد وتهورا لا محدود في التعدي عن الاخلاق والحريات وحدود الادب الاردني .
ان مهمة العقل الحضاري ان يثير الاسئلة الواقعية في اللحظات التاريخيه والاهم من ذلك ان يجد لها الاجابات ولا يكتفي بطرحها تعجيزا او اثارة لفتنة والمحاكاة ، اما الحوارات الملتوية والاسئلة التي تعّثر الفكر الحضاري وتسعى الى نبش الجثث الميته فهذه مفاتيح السقوط في مستنقعات الجدل الذي لا يحقق الا التعثر والضياع.
خلف سلامه الخالدي
Khalaf_alkhaldi@yahoo.com