واشنطن تقدم مساعدات مالية محدودة للاردن،وآخر مساعداتها كانت قروضاً وتسهيلات مصرفية،لاتغير من الواقع الاقتصادي السيء،مهما طبلت العبقريات التي لدينا لهذه القروض.
لاتبذل واشنطن،ايضاً،اي جهد كما بذلت سابقاً لإقناع حلفاء عرب أثرياء بتسييل المال،لرفع سيف العجز والمديونية عن الاردن،ويعبر الاردن اليوم،أسوأ مراحله الاقتصادية،وسط حياد امريكي،لا تفهم سره،ومالذي خلفه تحديداً،والى اين سيقودنا في النهاية؟.
الذي تشي به الأجواء يؤشر على ان واشنطن الرسمية،تدير العلاقة مع الاردن اليوم،بشكل فاتر جداً،اقرب الى المتفرج عما يجري في الاردن،وسط حالة من الحياد السلبي،الذي يقول لك ان واشنطن تريد ان ترى الاردن في وضع أسوأ.
ليست قصة طلبات امريكية واسرائيلية لم ينفذها الاردن،وليست قصة عقاب امريكي سري للاردن،لكنها تغيرات في النظرة الامريكية الى كل الحلفاء في المنطقة،لانها من حيث المبدأ تريد اعادة صياغة المنطقة.
كان يقال ان مجاورة الاردن للاحتلال الاسرائيلي سيجعل الاردن بلداً محمياً على الصعيد الدولي،لان واشنطن وتل ابيب لاتحتملان رؤية فوضى هنا،وهذا سيؤدي الى دعم متواصل على كل صعيد.
النظرية على ما يبدو باتت بائدة،وهذا يكشف ان هناك تغييرات امريكية واسرائيلية،لاتمانع بدب الفوضى في الاردن،او انهيار البلد تحت وطأة الاقتصاد او اي ظرف كان،والا لتم تدعيم الاردن بوسائل كثيرة.
اذا ذهبنا الى دول خليجية مثل البحرين وسلطنة عمان،لاتضح لنا ان صندوقاً من عشرين مليار دولار تقريباً تم تأسيسه لحقن اقتصاد البلدين،لان واشنطن لاتحتمل رؤية اي فوضى على هاتين الجبهتين،ولا دول الخليج الاخرى تحتمل اطلالة الفوضى فيهما.
الاردن من حيث الموقع،على فقر موارده أخطر بكثير،وأكثر حساسية على الامن العالمي،وعلى مصالح الولايات المتحدة،لكنه يراد له ان يبقى ضعيفاً معلقاً،وهذا حاله طوال سنوات.
الجديد تعّمد انهاكه الى درجة الاغماءة،والى درجة جعله تحت مشرط القدر والمفاجآت والانهيار،وتركه ليتهاوى لاسمح الله.
علينا ان نسأل السؤال بطريقة ثانية:هل لدى واشنطن سيناريوهات جديدة للاردن لانعرفها،،وهل هناك تصورات لمرحلة جديدة،ولماذا يتم ترك الاردن بهذه الحالة الصعبة جداً؟!.
قد يكون هذا من باب اجبار الاردن على تبني سيناريوهات محددة،ثم يتم فك المشنقة عن عنقه،وهذا تصور ساد في فترة معينة،غير انه لم يعد مناسبا للتبني هذه الايام،لأن القضية لم تعد قضية ضغط،بقدر كونها تؤشر على تغيير جوهري في الموقف.
مايخشاه مراقبون،ان الموقف اختلف جذرياً،ولايراد للاردن تبني سيناريوهات،بقدر تركه لهذه السيناريوهات،ولايراد له ان يساوم على سيناريوهات مكلفة،بقدر تجهيزه لمرحلة جديدة،يتم تطبيق السيناريوهات مجاناً،وبلا ادنى كلف.
غريب هو موقف واشنطن من الاردن،وموقف الحلفاء العرب الاثرياء من الاردن،ومايسمى الربيع العربي،اعاد انتاج موقف واشنطن من كل الانظمة العربية،ليأتي فوقها سيناريو جديد تريد واشنطن على اساسه تفكيك البلد،واعادة انتاجه،وتركه لمصيره.
لنفكر كثيراً ازاء تخلي واشنطن عن عمان،وعلينا ان لانقف طويلا عند التصريحات البناءة،فالموقف على الارض يشي بتغيرات،وبأجواء ساخنة تلفح وجوهنا،وبأن موقف واشنطن من الاردن بات في الحد الادنى حيادياً.
هذا الكلام يعني الكثير الكثير!.
ماهر أبو طير يكتب :هل تخلت واشنطن عن عمان؟!
أخبار البلد -