أيها الأردنيون شعباً وسلطات.. تعالوا إلى كلمة سواء
· موسى الصبيحي / الدوحة
ثمّة لغط كبير في الشارع الأردني، فلا أحد يفهم على أحد، حتى الحكومات لم تعد قادرة على فهم ما يريده الناس، ولا الناس قادرون على فهم ما تفعله الحكومات، والكثير من القوى السياسية لم تعد قادرة على التحرك في الاتجاه الصحيح بعد أن فقدت بوصلتها ففقدت مسارها الذي تريد، وإذْ تأتي حكومة جديدة بوجوه جديدة قد تكون مرغوبة أو غير مرغوبة، فليس الأمر يحمل الكثير من التفاؤل والأمل، حتى لو كان من بين الوجوه الحكومية معارضون أو محافظون أو يساريون أو حرّاثون، لأن التراكم التاريخي شعبياً وسياسياً وحزبياً ما زال يلعب دوراً أساسياً في عدم إزاحة الانطباعات القديمة المتجددة حول عمل الحكومات وأسلوب السلطات.. فلا تغيير ولا أنماط حقيقية جديدة..!!
يجب أن نعترف بأن أوضاعنا الداخلية ليست على ما يرام، ومع أننا نقول دائماً بأن الأردن بخير، وهو ما نتمناه، إلاّ أن الواقع يقول بأن البلد يغصّ بالأزمات الخانقات، وأن كبار المسؤولين الرسميين يشعرون بالحرج لشدة حالة الضيق والضنك، ولفقدانهم جزءاً كبيراً من النفوذ المادي والسلطوي الآمر، ما يضعهم في حالة من عدم التوازن في اتخاذ القرار، وربما التلكّؤ والإرجاء، فتكثر أخطاؤهم وتصل لدى بعضهم إلى درجة الخطايا، فينتبه الناس، وتدفعهم وطنيتهم المتقدمة إلى الاحتجاج مطالبين بالحساب والعقاب، فإما أن تُفهم الدوافع وإما أن تُشجب، وفي كلا الحالين ولأن التفاهم مفقود والحوار مسدود، ستتعطل عملية الإصلاح، بل وستتراجع وتيرة الحديث عن الإصلاح، ثم يعترف الطرفان الشعب والسلطة بأن هشاشة التفكير، ورداءة التدبير، وسذاجة التبرير كانت سبباً رئيساً في خلق بيئة غير صالحة للحوار أو التفاهم فضلاً عن الإصلاح..!!
هذا الواقع يدعونا إلى التأمل والتفكير العميق: ما الذي نريده حقاً في هذه المرحلة التاريخية الحرجة، وأقول الحرجة للجميع.. الشعب والسلطة..؟!
وبعيداً عن الجعجعات التي لا تنتج طحيناً، فإن الحالة الوطنية الأردنية، على الرغم من كل التحديات والأزمات، حالة مواتية للإصلاح، وبمنظور متطور، لكن المهم هو أن نتمكن كقوى سياسية وحزبية وشعبية ورسمية من استدراك الأخطاء الفائتة، كل من جانبه، بعد الاعتراف بهذه الأخطاء عبر المسيرة، ثم بعد ذلك يأتي تحديد الأولويات العادلة، سواء تلك المسطّرة على أسس تكتيكية أو المحددة على أسس استراتيجية أو على أسس أيدولوجية، ولا يمكن أن تبدأ أولى خطوات التفاهم إلاّ عبر حوار مفتوح وصريح بين القوى الفاعلة فقط، التي يمتلك ممثلوها حق التقرير وحق المرجعية وحق الشرعية، ولذلك فإن على سلطة النظام الواعية، أن تمسك هي بزمام المبادرة، لا أن تترك هذا الموضوع الحيوي، بين يدي أي حكومة حتى لو كانت تتصف بأنها حكومة إنقاذ وطني.. والسبب هو أن مبادرة بحجم الوطن، وتهم مختلف أبنائه وسلطاته، يجب أن تنبثق من أعلى الهرم، حيث الشرعية الكاملة، والمسؤولية الكاملة، وما يُفترض بالمسافة الواحدة من الجميع، ولمصلحة الجميع..
في إطار هذه الحالة والتوصيف، تغدو دعوة الأردنيين إلى كلمة سواء بينهم، من رأس الدولة وعلى مائدة حوار الملك في إطار مؤتمر وطني يمثل كل شرائح المجتمع وسلطات الدولة دون استثناء لأحد، مع تعيين لجنة مراقبة شرعية وقانونية لمجريات الحوار، تغدو هذه الدعوة هي البداية لوقف حالة اللغط الكبير، والتداعي الخطير للأوضاع، وسوف يشعر الأردنيون جميعاً بالسعادة ويستعيدون بريق الأمل والتفاؤل الذي فقدوه، إذا رأوْا أن فرصة كهذه سوف تقود في أول مسارها إلى عدالة اجتماعية، ومحاسبة حقيقية لقوى الفساد في البلاد..!!
Subaihi_99@yahoo.com