منذ اكثر من ستة اشهر ، وثمانية الاف من عمال نقابة المناجم والتعدين ، في شركات الفوسفات والبوتاس والحديد ، يعيشون اجواء صراعات شخصية ، بين رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال ، مازن المعايطة ، ورئيس نقابة المناجم والتعدين ، خالد الفناطسة ، نتيجة الخلاف على المواقع والمكاسب ، وليس على كيفية تحقيق مصالح العمال .
كانت البداية بعد انتخابات نقابة المناجم والتعدين ، في ايلول من العام الماضي ، عندما لجأ عدد من المرشحين ، الذين لم يحالفهم الحظ ، الى محكمة العدل العليا ، للطعن في اجراءات الانتخابات التي شابتها بعض المخالفات ، ولسبب ما ساند الاتحاد العام لنقابات العمال الشكوى ، وقدم وثائق تؤيد اتهاماتهم ، مما اثار حفيظة رئيس نقابة المناجم والتعدين ، الذي اتبع طريقا اخرى للانتقام ، بان جيَش فئات من العمال والمهنيين والاحزاب السياسية والنواب ، ضد رئيس اتحاد نقابات العمال ، تحت غطاء تصحيح مسار الحركة العمالية ، ومتهما اياه بممارسة الفساد .
ثم جاء دور رئيس اتحاد نقابات العمال ، فصدر قرار قبل اسبوعين ، من قبل المجلس التنفيذي للاتحاد العام ، بتجميد عضوية رئيس نقابة المناجم والتعدين ، بعد الشكوى التي قدمها ضده عمال الفوسفات ، واتهموه فيها بالاساءة اليهم ، وها هو رئيس الاتحاد ، ومن دون الرجوع الى المكتب التفيذي ، بلغي هذا القرار ، وتعود المياه الى مجاريها بين قطبي الصراع ، فماذ استفاد العمال من ذلك ، ولماذا يكونون ضحية صراعاتهم الشخصية ؟
لقد كانت نقابة المناجم والتعدين ، غائبة لعدة اشهر بعد الانتخابات عن عمال البوتاس ، ولم تتذكرهم الا خلال الازمة مع الاتحاد العام ، ويا ليتها لم تتذكرهم ، جاء رئيس النقابة الى موقع البوتاس في 15 آذار الماضي ، ووعد ووحلف اغلظ الايمان ، بانه سيعيد حقوق العاملين ، ورفع العمال ايديه لتفويضه عنهم في تحقيق حقوقهم ، لكن شيئا بعد ذلك لم يحدث ولن يحدث ، لقد جر رئيس النقابة عمال البوتاس خلال تلك الفترة ، الى معركة جانبية مع نائب المدير العام للموارد البشرية ، رائد داؤد ، باعتباره "العدو اللدود " للعاملين ، وانه الذي يقف حجر عثرة امام تحقيق حقوقهم ، وهو لم يكن كذلك ، بل كان حجر عثرة امام المصالح الشخصية لهم ، وها هو رائد داؤد قد غادر الشركة الى موقع اخر ، فماذا جنيتم من ذلك يا عمالنا ؟
ماذا قدمت نقابة المناجم والتعدين ، لمئات من عمال البوتاس منقوصي الحقوق ، وهم من شارفوا على التقاعد ، دون ان يحصلوا على حقوقهم بالزيادة العادلة في الراتب ، ودون ان يحصلوا على اي شكل مجز من اشكال مكافاة نهاية الخدمة ، وهم الذين عاشوا اصعب ظروف العمل ، وبنوا المصانع على اكتافهم ، وهم من ضحوا ، وعمل المهندسون منهم الاف الساعات الاضافية دون مقابل ، لا يجوز ان تهدر حقوقهم كما هو الوضع الان ، بينما فئة من القدامى نالوا حقهم بمكافاة نهاية الخدمة مجزية جدا ، التي توقفت عام 1986 عن العاملين الجدد ، واستمرت لهم حتى اليوم ، وامام العاملين الجدد من فئة الشباب حديثي الخبرة ، الذين حصلوا على رواتب لا يجدون مثيلا لها في الخليج ، وامامهم السنين الطويلة لتحقيق المزيد من المكاسب المادية ، ولماذا غضت النقابة الطرف عن ترقيات نالها اخرون ويستحقها غيرهم ، ومارست المماطلة والتسويف وكسب الوقت ، لفرض امر واقع ، يؤدي الى تجاهل الحقوق المنقوصة ويأس اصحابها .
لا بل ماذا قدمت لكم نقابة المناجم والتعدين ، اكثر مما ارادت ادارة شركة البوتاس تقديمه ، لقد حقق عمال البوتاس خلال ثمانية عشر عاما ، مكاسبا كبيرة من دون نقابة ، من راتب ثالث عشر ورابع عشر ، ومكافاة نهاية خدمة للقدامى ، ومكافأة انتاج ، ونظام توفير وتامين صحي واسكان وقروض سكنية ، كل هذه كانت مكاسب استثنائية لا علاقة لاي نقابة بها ، حتى في عهد النقابة ، لم يكن تعديل الرواتب عام 2008 انجازا لنقابة العاملين ابدا ، بل انجازا لادارة الشركة ، تدخلت النقابة لتشويهه ، وتنفيع اعضائها ومن لف لفيفهم ، وتجاهلت منقوصي الحقوق منذ اكثر من ثلاث سنوات ، ولم يكن راتب السادس عشر انجازا نقابيا ، بل لادارة الشركة ، لو ارادت النقابة تحقيق انجاز فعلي ، لسعت الى انصاف منقوصي الحقوق ، والى منحهم اغلبيتهم مكأفاة نهاية خدمة ، مساواة لهم مع من يتقاضونها ، وهو الانجاز الذي حققه زملائنا في الفوسقات خارج اطار النقابة ، لا بل رغما عنها وعن موقفها المعارض .
لقد فقدت النقابة مبرر وجودها ، عندما تخلت عن دورها ، واصبح سلاح الاعتصام والاضراب ، المفترض ان يكون سلاحا لنصرة حقوق العمال عند الحاجة ، اصبح سلاحا في ايدي القائمين على النقابة ، ممن انتخبناهم للدفاع عن حقوقنا ، يلوحون به ضد ادارات الشركات ، لابتزازها وتحقيق مصالحهم الشخصية ، لم يعد هذا السلاح لاجلكم يا عمال المناجم والتعدين ، بل موجها ضدكم ، لذا اسقطوه من قائمة اسلحتكم ، وقدموا استقالاتكم الجماعية من نقابة المناجم والتعدين ، لقد امضينا في البوتاس عشرين عاما دون نقابة ، لم يتخلخل امننا الوظيفي ، بل حققنا المكاسب ، فعودوا الى ادارات شركاتكم ، وتعاملوا معها مباشرة ، للتفاهم من دون نقابة مناجم وتعدين ومن دون اتحاد نقابات العمال .
مالك نصراوين
17/07/2011