15 تموز كسبت الجوله !!
اثبتت احداث الجمعه والسبت الماضيين ان ناتج اللجنة التنسيقية ل 15 تموز وبعد اجراء دقيق للمشروع الوطني الذي قدمته اللجنه للهيئة العامة لابناء الشعب الاردني ، وجود فائض كبير في حجم المتعاطفين والمنادين بضرورة السماح للمواطنين بالتعبير بالرغم ما نفذته الاجهزة من بلطجة واعتداء واستمرار اتباع سياسة تشويه سمعة البلاد كدولة بوليسية لا تقبل بالرأي الاخر ،سبقها اعلان الأجهزة الرسمية جاهزيتها لاتخاذ اجراءات صارمة بحق المعتصمين و سبقها تصريحات رسمية عليا باتخاذ اجراءات صارمه لمنع الاعتصام ، وكأن الأمر يتعلق في اذهان المواطن عن وجود مؤامرة خطيرة تحيط بالبلاد ، و بالفعل تحركت الاجهزة ونفذت الاجراءات الأمنية المعدة للحيلولة دون حق التعبير الذي ينادي به الناس وتم الاعتداء على كل من تواجد في ساحة الاعتصام ، وكان للصحافة نصيب مدروس من تلك الاعتداءات التي كان هدفها منع نشر تلك المعركة للرأي العام ، وهو أمر لم ينجح بل كرس صورة النهج الذي تتبعه الاجهزة في التعامل مع المطالبين بالاصلاح على غرار الصور التي شاهدها العالم في دول مجاورة !
ما كان لكل ما جرى ان يكون لو ان القضية عولجت بالعقل بعيدا عن التجييش والاصطفافات وحشد الاقلام والتجمعات والبيانات وكل الاجراءات التي اتخذتها السلطة ، بل والاخطر من ذلك هو استخدام مسألة الوحدة الوطنية للتاثير على ابناء العشائر وايهامهم بالخطر العظيم الذي ستجلبه الحركة خدمة لفئة اخرى !! وهو أمر ما عاد ينطلي على احد من ابناء الشعب الواحد لأن بث روح الإقليمية والتعبئة الجهوية انما هي معاول هدم في وحدتنا الوطنية وزعزعة لجبهتنا الداخلية ، وباتت مسألة الوحدة الوطنية اداة يستخدمها النظام كسلاح يهدد فيه طرف ضد طرف امام أية تصعيد شعبي يطالب بالاصلاح ، ولم تعد الوحدة الوطنية خطا احمرا كما كان يعلن ويغنى به ، ولم تعد تلك المغناة تطرب ابناء الشعب حين تقدمها اوركسترا النظام ، كل ذلك التجييش واستخدام كافة الاوراق المحرمة والممنوعة وطنيا واخلاقيا هو فقط من اجل تهيئة الرأي العام الاردني والحصول على دعمه تجاه ما ستنفذه تلك الأجهزة من اعمال عنف واعتداء بحق المشاركين في الاعتصام !
لقد عاشت البلاد وقبل احداث الجمعة ازمة ترقب وقلق على مستوى شعبي ورسمي افتعلتها وادارتها الأجهزة بغية تحقيق الهدف الذي نفذته يوم الجمعه في ساحة النخيل ، فصدرت دعوات مؤيده ودعوات منددة بالاعتصام ، وارتفعت اصوات المعتدلين مطالبة السلطة بالتعامل مع الازمة بالحوار والعقل وعدم اللجوء للعنف ، وهي دعوات لم توقف القرار وجرى التنفيذ بعيدا عن اية حسابات داخلية او خارجية ، فظهر الاردن للعالم بصورة كرست صورة سلوك الأنظمة العربية في كيفية التعامل غير الحضاري مع المنادين بالأصلاح من حيث اعتماد نظام المواجهة والتصعيد والاستعانة بالبلطجية والشيبحة ولجم الاصوات والاعتداء على الاعلاميين قبل المشاركين بالاعتصام ، وتسائل الناس عن مدى جدوى وضرورة تلك المواجهة واستخدام العنف مع ابناء وطن يطالبون بالاصلاح ليس الا !
صحيح ان البلاد قد شهدت الأف المسيرات في مختلف المحافظات دون تدخل أمني مباشر ، باستثناء احداث الاسبوع الماضي في مناطق حي الطفايله والمفرق وذيبان والكرك الذين واجهوا مضايقات كادت تؤدي الى فتن داخلية بين ابناء الشعب الواحد من قبل بلطجية حركتهم الأجهزة عبر متنفذين لضرب تلك التحركات دون ادنى اعتبار لما ستؤول اليه الحال !!
اقول ان 15 تموز قد كسبت الجوله لأن حجم المتعاطفين مع مطالبها ازداد بشكل كبير ، واعلنت تجمعات عشائرية تأييدها الحركة ، اذ اصدرت تجمعات عشائرية في مختلف المحافظات بيانات ادانت ما تعرض له المشاركون في المسيرة وذهبت بيانات الكرك ومعان والطفيله وحي الطفايله وجرش والمفرق وذيبان الى الدعوة للمشاركة في الاعتصام التالي يوم السبت ، وانحاز رجال الصحافة والاعلام لتلك الحركة وادانوا ما يتعرضون له وتعرضوا له على يد رجال الامن والبلطجية ، كذلك أدانت عدة جهات ولجان شعبية ونقابية ومنظمات حقوق انسان ما تعرض له المشاركون في المسيرة ، بل ، والأبعد من ذلك وكله ، فان العالم الذي شاهد " المعركة " عبر شاشات التلفاز وعبر كاميرات تتبع بعض سفارات الدول الغربية لم يجد مبرر للدفاع عن السلطة ودواع استخدامها للعنف امام مسيرة واعتصام سلمي لا يطالب بتغيير النظام بقدر ما يطالب بالاصلاح و بمكافحة الفساد ، فكان الانحياز الأمني واضح للدفاع عن الفساد من خلال الاعتداء على حرية المواطنين ومنع حرية التعبير وملاحقة الصحافيين والاعتداء عليهم ، فكسبت 15 تموز موقف الجمهور الاردني بكافة فئاته واطيافه ومؤسساته الوطنية والحزبية وفعالياته الشعبية ، بل وكشقت تلك الحادثة كذب التنادي بالوحدة الوطنية واعتبارها خطا احمرا كانت الاجهزة الرسمية هي من تخطاه وداسه !! فأن كانت النتيجة العامه لما جرى هو النجاح في فض الاعتصام والاعتداء على المشاركين وعلى الاعلاميين ، فأن النتيجة النهائية تؤكد على خسارة الفريق الأمني والرسمي لتلك الجولة التي استخدمت فيها السلطة كل الاوراق المتاحة امامها بما في ذلك اثارة النعرات الاقليمية والفئوية التي تكشفت امام ازمة عابرة بسيطة كان يمكن لعاقل واحد ان يتجنبها ويتدارك احداثها !!
ويتسائل الناس هنا ، اذا كان كل ذلك التجييش والاستعداد واستخدام البلطجة والتلاعب بمعايير الوحدة الوطنية والفئوية كان لمواجهة اعتصام سلمي لابناء وطن ينادون بالاصلاح ، فكيف سيكون الحال لو ان الشعب بكامله خرج للمشاركة باعتصامات مفتوحة في كافة المناطق للمطالبة بتسريع وتيرة الاصلاح ومكافحة الفساد ، فهل سيواجهون ما يواجهه ابناء الشعب في دول مجاورة !!