خلال الاشهر القليلة الماضية وما رافقها من مسيرات واعتصامات ومظاهرات بدأت بمطالب شعبية عادية ثم تصاعدت الى مطالب من الصعب تحقيقها على ارض الواقع لاسباب كثيره ، وفي كل يوم نطالع شيء جديدا حركات تولد بمسميات مختلفه وبعضها اصبح يقلد غيره من الحركات في الدول العربية وتجمعات تخرج الينا بمسميات عجيبه غريبه حتى اصبح المشهد الاردني الداخلي اشبه بفوضى عارمه لم نعد نميز بين الطالح والصالح وبين من يعمل لمصلحة الوطن وامنه واستقراره وبين من يعمل ضده اختلطت الامور وتشابكة وبشكل اصبح يؤشر على وجود فوضى عارمه وازدحام بالحركات والتجمعات والشعارات والخطابات والمسميات حتى المواطن العادي تشوشة افكاره فالكل يدلو بدلوه وما شجع هذه الفوضى والازدحام بعض وسائل الاعلام التي اصبحت تنشر كل شيء وكل بيان تصدره مجموعة لا تزيد عن عشرة اشخاص يتحدثون باسم عشيره او محافظه مما شجع الاخرين على السير بنفس النهج ما دام الطريق سالكا والوضع العام مناسبا ومشجعا.
المشكله بهؤلاء الذين يتباكون على الوطن وعلى الحريات العامه وعلى مصلحته ويفسرون كل تحركاتهم واعتصاماتهم المفتوحه وغير المفتوحه ومقالاتهم واخبارهم الملفقه وتضخيمهم للاموو على انها تصب في مصلحة الاردن وحفاظا عليه من الاخطار الخارجيه ولكنها في الباطن وتحت الطاولة وفي داخل الغرف المظلمه كظلمة نفوسهم تصب ضد مصلحته مباشرة وتصب في مصلحة اعدائه وخدمة لهم والاعوانهم في الخارج ومن يحركونهم .
الاعتصام المفتوح الذي ارادت هذه الحركه والمدعومه من حزب اردني كبير والتي لا اريد تسميتها باي مسمى حتى لا تصبح واقعا في مجتمعنا وفي وسائل الاعلام والذي حدد له ساحة النخيل اعلنت هذه الحركة ان هذا الاعتصام يصب في مصلحة الوطن ويعطي دفعا لعملية الاصلاح والغريب ان شعاراتهم التي اطلقوها تشير الى عكس ما يقولون فهم يطالبون باقالة الحكومه وحل مجلس النواب وهذا بحد ذاته تعطيل للاصلاح وليس دعما له فكيف سيتم اقرار القوانين التي انبثقت عن لجنة الحوار الوطني قانوني الانتخاب والاحزاب دون ان تسير في اطرها الدستورية فهي يجب ان تناقش وتقر من قبل مجلس النواب ومجلس الاعيان حتى تصبح نافذه فكيف سيكون الحال اذا ما تم حل مجلس النواب اذا هي دعوات مشبوهه ظاهرها المصلحه العامه ولكن ما خفي اعظم.
هل المصلحه الوطنيه تقتضي اغلاق الشوارع وتعطيل حركة السير وتأزيم الموقف وهل المصلحه الوطنية تقتضي القضاء على الموسم السياحي الذي نشهده والمبشر خيرا لتحريك عجلة الاقتصاد وانعاش السوق والحركة التجاريه وهل المصلحه الوطنية احداث مواجهه مع قوات الامن والتعرض لهم بسؤ وتهديد السلم الاهلي والأمن والأستقرار هل من يريد مصلحة الوطن ينفذ الخطط الخبيثه التي تستورد من الخارج بحذافيرها دون زيادة ونقصان هل المصلحه الوطنية تقتضي من البعض التأمر على الاردن لتخفيف الضغط عن بعض الدول التي تشهد ثورات شعبية حقيقية لشعب مظلوم مقهور باسناد من احزاب خارجيه هل المصلحه الوطنية تقتضي الاجتماع برجال السي اي ايه لترتيب الاوضاع المستقبليه في الوطن العربي تمهيدا لاستلام السلطه ففي وقت من الاوقات كانت امريكا تسمى بالشيطان الاكبر وانها السبب في مشاكل الشرق الاوسط بسبب دعمها العلني لاسرائيل وفي اوقات اخرى تصبح امريكا المنقذ الاعظم والملاك الحارس ويصبح الجلوس معها مصلحه وطنيه
ومن غرائب هذه الايام ان يطلق على من يسيرون في مسيرات الولاء والانتماء هدفهم وغايتهم الاردن والحرص عليه فعلا لا قولا ويرفعون شعارات تختلف مع رأي المعارضه بالبلطجيه وهو مصطلح مستورد ايضا من احدى الدول العربية ويبدو اننا في الاردن نعتمد في حياتنا على الاستيراد من الخارج في كل شيء اكلنا وشربنا وملابسنا حتى المصطلحات الغريبه عن مجتمعنا فهل من يخالفني الرأي هو بلطجي فكيف اذن ستقنعني بافكارك الاصلاحية مستقبلا وكيف ستتعامل معي في حالة استلامك للسلطه سيكون الامر كارثيا بلا شك واين الرأي والرأي الاخر فهؤلاء يطالبون الحكومه بالحرية واحترام الرأي الاخر وبنفس الوقت يمنعون هذا الحق على غيرهم وينعتونه بالبلطجي .
اذن نحن امام وضع صعب متشابك اختلط الحابل فيه بالنابل بحيث لا يمكننا الخروج منه وحلحلته الا بالتوافق اولا على ما نريد فعلا هل نريد الاصلاح الحقيقي ام نريد الخراب والفوضى والمطلوب ايضا أن يكون الاردن حاضرا دائما فيما نطرح من شعارات حتى لا نبقى كمن يدخل غرفة مظلمه لا يعرف اين يذهب تختلط عليه الاتجاهات فيبقى في حركة دائمه يرتطم رأسه بجدرانها في كل خطوة يخطوها حتى يفقد الامل بالخروج ويستسلم لواقعه المظلم.