الإنطباع العام الذي يكرسه بعض قادة البرلمان الأردني وحتى بعض وزراء الحكومة الحالية يشير إلى أن فرصة التوصيات الرئيسية في وثيقة لجنة الحوار الوطني بالصمود والبقاء قد لا تكون كبيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ومن الواضح أن رئيس اللجنة المخضرم طاهر المصري قلص في الأونة الأخيرة من طموحاته بخصوص إقرار أوإعتماد التوصيات التي أقرتها لجنته بعد مشاورات معمقة لكنه يمتنع عن التعليق على مسار الأحداث أملا في أن تتدخل قوى مرجعية وتمنح وثيقة لجنته القوة اللازمة لكي تعبر من مجلس النواب وهو المؤسسة التي يبدو انها ألأكثر تخاصما مع التوصيات ورفضا لها.
وليس سرا أن ثلاث جبهات تشكلت اليوم ضد توصيات لجنة المصري خصوصا فيما يتعلق بقانون الإنتخاب محور عملية الإصلاح السياسي، فلاعبون كبار في مجلس النواب يعلنون صراحة عدائهم للتوصيات والحكومة التي شكلت اللجنة أصلا لا تظهر الحماس اللازم لها، فيما مكن التيار الإسلامي رموز المدرسة المحافظة ضد اللجنة بعدما أعلن عدم موافقته على توصيات الإنتخاب.
وبسبب ذلك ضعفت التوصيات وتقلصت هوامش المناورة امام لجنة الحوار الوطني فقد وصف رئيس مجلس النواب فيصل الفايز مقترحات اللجنة بخصوص قانون الإنتخاب بأنها ليست واقعية قائلا في لقاء عام بأن هذه التوصيات ليس شرطا أن تمر في مؤسسة التشريع وان مجلس النواب سيجري حوارا مع الرأي العام حولها.
وببساطة شديدة يعني تصريح الفايز العلني بأن توصيات اللجنة ليست مدعومة بالحجم المتوقع من المؤسسات المرجعية التي تبحث عن وصفات توافقية يتحمس لها الجميع.
ونفس الموقف تقريبا يتخذه وزير الداخلية الجديد مازن الساكت الذي لا يخفي تشكيكه بواقعية النصوص التي إقترحتها اللجنة رغم أنه عضو فيها فيما تخلى الإسلاميون عن اللجنة وتوصياتها قبل ان تستعد الحكومة لعملية إلتفاف بيروقراطي متذاكية تطيح عمليا بتوصيات هذه اللجنة بخصوص قانون الإنتخاب.
ويقول أعضاء في اللجنة بان حكومة الدكتور معروف البخيت خذلت اللجنة وتستعد لإقرار نظام إنتخابي مختلف عن ذلك المقترح من قبل المصري ورفاقه، لكن المتسرب من المطبخ الحكومي يشير إلى أن التكتيك المرجح الذي يفكر به بعض الوزراء يقضي بأن لا تتولى الحكومة مهمة إجهاض توصيات لجنة الحوار والتصادم معها بل أن تترك المهمة لمجلس النواب المتحفز فعليا للإنقضاض على هذه التوصيات أصلا ما دامت الأضواء الخضراء لدعم اللجنة لم تطلق بعد.
وعليه قد تلجأ الحكومة لترك النصوص التي تفجر الخلاف كما قدمت من اللجنة على أن يتولى الصدام مجلس النواب بإعتباره الجهة الأكثر خصومة مع المقترحات، فيما لا تتحمل الحكومة كلفة المواجهة مع اللجنة التي تضم نخبة عريضة من أصحاب القرار السابقين والسياسيين المخضرمين ورموز الحراك في الشارع.
وإذا كانت المؤسسات الأساسية تعمل على إحباط مشروع اللجنة بخصوص قانون الإنتخاب سيتكرس الإنطباع العام بان الهدف من تشكيل اللجنة أصلا وإشغال الجميع بها كان من البداية كسب الوقت وتخدير الشارع والمماطلة وهو إنطباع يؤذي الكثيرين من أعضاء اللجنة وعلى رأسهم المصري نفسه.
ومحور الخلاف الأساسي في السياق هو التوصيات التي أقرتها اللجنة فيما يختص بملف الإنتخاب فقد أقرت لأول مرة في تاريخ المملكة مبدأ القائمة الوطنية النسبية كما أثرت مبدأ القائمة النسبية على مستوى المحافظات.
وكان الهدف من ذلك إغراء الإسلاميين وإقناعهم بالإلتحاق باللعبة السياسية قبل أن يتبين بأن حساباتهم مختلفة حيث تبدلت قياداتهم المألوفة ولم تعد القيادات التاريخية صاحبة قرار وحيث يترقبون ما يجري في الجوار وفقا للتحليل الذي قدمه المصري نفسه عندما سئل عن تحليله لمبررات خذلان الإسلاميين للجنة الحوار الوطني.
بسام البدارين يكتب : الأردن ثلاث جبهات تتعهد بإحباط لجنة الحوار الوطني.. التوصيات 'بلا غطاء'
أخبار البلد -