لو رفعت الحكومة أسعار المشتقات النفطية خلال اليومين الماضيين، لكان شعار الاعتصام الذي يهدد بتنفيذه شباب 24 اذار، لا لرفع الأسعار ولا لحكومة رفع الأسعار، وما الى هنالك من شعارات أصبحت مكررة ومعروفة سلفاً.
وسواء نفذ شباب 24 أذار اعتصامهم بعد غد الجمعة أم لا، فإن هذه الخطوة أو التلويح بها تعتبر تصعيداً غير مبرر من قبل حزب جبهة العمل الإسلامي وذراعها الشبابي ليس له سوى هدف واحد هو التحرش بالدولة، وببقية مؤسسات المجتمع المدني الأردني من أحزاب وقوى سياسية اعلنت رفضها المشاركة بالاعتصام لعدم اقتناعها بالفكرة.
إن مثل هذا التصعيد يعتبر دساً للعصي في الدواليب لعرقلة خطوات الإصلاح التي انطلقت في الوطن منذ ثلاثة أشهر وكانت اولى نتائجها وضع قوانين جديدة للاجتماعات العامة والأحزاب والانتخابات وفوقها تعديلات دستورية تعمل لجنة ملكية على انجازها في الأسابيع القادمة.
ليس من حق حزب جبهة العمل الإسلامي جر البلاد الى حالة من الفوضى والصدام لاثبات قدرته في تحشيد الشارع وتوجيهه الى الوجهة التي يريد، كما ليس من حقه أن يلجأ الى رفع شعبيته في هذا الوقت بالذات لضمان الحصول على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان المقبل الذي سيتم انتخابه بعد اقرار قانون الانتخاب الجديد لأن هناك أساليب أكثر نظافة من هذا الاسلوب الذي ينم عن حرص الجبهة على مصلحة الحزب على حساب زعزعة استقرار الوطن وأمنه وتقويض مسيرته الديمقراطية.
تاريخياً ظلت الحركة الاسلامية في الاردن حركة راشدة ولم يعرف عن قادتها المؤسسين والجيل الذي تبعهم ميلهم للعنف والصدام, وكانت على الدوام بفعل التعقل وحسن التدبر الذي كان يتحلى به هؤلاء تعبر عن معارضتها بطرق تحقق الاهداف ولا تقطع الصلة بالدولة ولا بمكونات الشعب الاردني المتعددة , الا اننا بدأنا نشهد تراجعاً وانحساراً لتيار الحكمة لصالح تيار متشدد استولى على مقاليد القرار داخل الحركة بما يشبه انقلاباً طرأ على بنية الحركة وسلوكها وحضورها ما ادى الى ابتعاد العديد من التيارات والشخصيات السياسية عن الحركة وفقدان التعاطف معها .
اذن فان الحركة الاسلامية وحزبها لم تعد نفس الحركة التي يعرفها الاردنيون ويتقبلونها حاضراً كما تقبلوها ماضياً, وهذا التغيير الذي انحرف بالحركة وذهب بها بعيداً عن تطلعات الشارع الاردني يضر بالحركة اكثر مما يضر بالحكومات في النهاية.
المواطنون يطالبون كل جمعة بمحاربة الفساد والتسريع بانجاز قوانين الاصلاح بشقيها السياسي والاقتصادي, فما الجديد عند الحركة الاسلامية؟ ولماذا تدفع بذراعها الشبابي (24 اذار ) لادخال البلد في ازمة جديدة. الجواب ببساطة جر الحكومة للصدام على امل اتساعه ليشمل فئات اخرى.
ليس من مصلحة احد في الوطن ان يبادر تيار ما او حزب ما اخذ مواقف متشددة حتى وان كانت تحت غطاء الاصلاح ومحاربة الفساد لان التشدد من قبل أي فئة يؤدي الى شعور عام لدى بقية المجتمع بأن هناك من يحاول فرض أجنداته الخاصة ووضع القوى السياسية في مواجهة بعضها البعض بهدف خلط الأوراق واعادة البناء من جديد مهما كانت الكلفة عالية ما دامت الجهة المتسببة باحداث هذه الفوضى لا تدفعها أصلا.
ان الثلاثة اشهر القادمة ستكون فاصلة في الحياة الديمقراطية في الاردن , لانها ستشهد ولادة قانوني الاحزاب والانتخاب والتعديلات الدستورية , لتبدأ مرحلة جديدة تختلف تماماً عن المراحل السابقة فلماذا وضع العراقيل مسبقاً والتشكيك بصحة المولود قبل ان يولد؟
مجيد عصفور يكتب : تصعيد الحركة الإسلامية تحرش بالدولة لا مبرر له
أخبار البلد -