ربى كراسنة ...اكد رئيس الوزراء الاسبق احمد عبيدات ان اولوية الاصلاح المطلوب تبدأ باصلاح الدستور باعتباره الاساس الذي تستند اليه التشريعات الاصلاحية الاخرى.
ورفض عبيدات في مقابلة اجرتها معه العرب اليوم ان يكون جلالة الملك جزءا من مسؤولية الحكومة مؤكدا انه حامي الدستور ورمز وحدة البلاد فيما اعتبر ان التلازم بين السلطة والمسؤولية صمام امان لاستمرار الشرعية في اي نظام دستوري ملكي او جمهوري.
ولم ينكر بالقول ان التعديلات التي جرت في بعض احكام الدستور هبطت من مستواه ولهذا فانه لا يجوز ان تمر ستون سنة على الدستور ويبقى كما هو حتى لو كان عند وضعه جيدا.
واكد ان قوى الشد العكسي التي تعيق الاصلاح موجودة في جميع مستويات القرار وفي المجتمع تحت عناوين وشعارات مختلفة مؤكدا ان من يواجه مطالب الاصلاح بالعنف في اي مكان في الوطن العربي هو على باطل.
ولم يتردد بالاشارة الى ان هناك شعورا عاما بأن بعض المؤسسات الامنية تجاوزت صلاحياتها الى حدود اصبحت غير مقبولة باي معيار وتعزز مسار الدولة ومؤسساتها واصبحت عائقاً امام التطور الديمغرافي بشكل خاص واصبحت لها اراء ونفوذ يتجاوز سلطة الحكومات منوها الى ان خير دليل على هذا التدخل تزوير انتخابات 2007 التي باتت مكشوفة للناس واشار لها جلالة الملك علانية في اكثر من مناسبة.
وشدد على ان الوحدة الوطنية التي ينادون بها هي دعوة لكل المواطنين من كل الاصول للمحافظة على هذه الارض التي نقف عليها قوية صلبة.
واستعرض عبيدات مفاصل مهمة في قضايا الاصلاح بمختلف المجالات وفق ما تضمنته وثيقة الجبهة الوطنية للاصلاح التي يتراسها من الاصلاح القضائي والمؤسسات الامنية والتعديلات الدستورية الى جانب موقفه من دخول الاردن مجلس التعاون الخليجي ومن الاحداث في سورية وفيما يلي نص المقابلة:
*لنبدأ من الجبهة الوطنية للاصلاح التي ترأسها ما الجديد فيها ولا سيما وان لك تجربة سابقة في الميثاق الوطني?
-تختلف تجربة الميثاق عن تجربة الجبهة الوطنية للاصلاح لكن اذا كان هناك من شبه فالجبهة الوطنية ارتكزت في برنامجها الاصلاحي على ثوابت الدستور والميثاق وعندما ننتقل الى ميادين الاصلاح التي تناولها الميثاق الوطني فقد كانت هي نفس الميادين التي اعتمدتها الجبهة وعبرت عن وجهة نظرها في الاصلاح المطلوب من خلالها والامر الاخر ان الميثاق الوطني تمثلت فيه الاطياف السياسية في البلاد من اقصى اليمين الى اقصى اليسار لكن الظرف الزمني الذي طرح فيه الميثاق كان مختلفا عن الظرف الحاضر الان حيث جاء الميثاق اثر الغاء الاحكام العرفية التي دامت اكثر من ربع قرن في البلاد وغيبت مجلس النواب في معظم الوقت وجاء الميثاق بعد انتخابات 1989 بهدف استكمال بناء المؤسسات الدستورية لدولة القانون والتعددية السياسية ومع ذلك لم يتح للميثاق ان يرى النور وكانت الاستفادة من احكام الميثاق جزئية ومحدودة للغاية انعكست في قانون الاحزاب وقانون محكمة العدل العليا وتعديل قانون محكمة امن الدولة ووضع قانون جديد للمطبوعات والنشر ولم يطرح الميثاق بعد ذلك للحوار ولم يجر ثراؤه من اهل الراي والاختصاص في الميادين المختلفة.
* ماذا عن الجبهة الوطنية للاصلاح كيف يمكنها ان تحقق الاصلاح المطلوب وهي تجمع احزاب تقليدية?
-اعتقد ان الجبهة الوطنية للاصلاح قبل اعلانها قد نجحت في اجراء حوار وطني بين الاحزاب السياسية والقوى الوطنية والحركات الشبابية في ضوء المرحلة التي نعيشها والتي تتسم بالتراجع الكامل عن مرحلة التحول السلمي نحو الديمقراطية التي بدأت في 89 حيث بدات عملية التراجع في بداية 93 واعتقد ان الحوار الذي تم على مدار الثلاثة اشهر الماضية تحت مظلة الجبهة الوطنية للاصلاح هو التطور الجديد ومن خلال هذا الحوار كانت هناك اطلالة اكثر عمقا واتساعا.
يضاف الى ذلك فان اهمية الحوار وما عبر عنه برنامج الجبهة تجاوز طروحات ما وصفته بالاحزاب التقليدية وقدرتها او عدم قدرتها على الاصلاح.
* هل تستطيع الجبهة التي تضم هذه الاحزاب ان تحقق الاصلاح المطلوب?
-الاصلاح له طرفان رسمي متمثل بالدولة ومؤسساتها الدولة والطرف الشعبي الممثل بكل هذه التيارات السياسية في البلاد وقد استطعنا من خلال الجبهة ان نجمع هذا الطيف بصرف النظر انه تقليدي او غير تقليدي على برنامج موحد للاصلاح ومبادىء رئيسية للاصلاح الذي نتطلع اليه وفق اولويات وطنية تم التوافق عليها وهذه لا شك نقله نوعية لا يعيبها ان المشاركين هم احزاب تقليدية وكان بعض هذه الاحزاب قد رفع شعارات للاصلاح لكن الجديد في الجبهة انها قدمت برنامجا متكاملا للاصلاح الشامل وتم التوافق عليه وشارك الجميع في صنعه وبلورته من خلال الحوارات.
*هل ستتحول الجبهة الى حزب كبير وهل هي الاطار او الشكل النهائي? ولماذا لم تؤسس حزبا ثم تأتلف في اطار الجبهة?
-اعتقد ان الحديث عن تحول الجبهة الى حزب سياسي سابق لاوانه والجبهة تحتاج اولا الى استكمال بناها التنظيمية وادواتها وسيكون لها لجنة تنفيذية لادارة عملها ومجلس شعبي مركزي موسع يغطي جميع محافظات المملكة.
والجبهة بشكلها النهائي تحتاج الى تكامل اطرها التنظيمية ونشاطاتها في المراحل المقبلة لان الاصلاح ليس عملا موسميا او مجرد ردة فعل الا ان التطورات التي حصلت في بعض ارجاء الوطن العربي كان لها دور كبير في بعث الحياة في الحوارات الوطنية المنادية بالاصلاح واستفادت الجبهة من الفرصة التي وصفها جلالة الملك انها مرحلة اصلاح شامل ومن واجبنا سواء بعلم الدولة او بعدم علمها ان نمارس حقنا كاملا في طرح وجهات نظرنا حول الاصلاح المطلوب والتي نعتقد ان اولوياته تبدأ باصلاح الدستور باعتباره الاساس الذي تستند اليه التشريعات الاصلاحية الاخرى.
*في المؤتمر الصحافي الذي اعلنت فيه وثيقة الجبهة الوطنية للاصلاح الديقراطي الشامل اكدت ان مشكلتنا في الاردن تكمن في الاستبداد وفي اكثر من ندوة لك في المحافظات شددت على ضرورة التلازم بين السلطة والمسؤولية وأنه يجب أن يكون القانون فوق الحاكم والمحكوم ماذا يقول القانوني احمد عبيدات عن التعديلات الدستورية المطلوبة لتحقيق ذلك?
-ان مبدأ التلازم بين السلطة والمسؤولية من اهم المبادىء التي انتجها الفكر الدستوري والتي تحكم علاقة اي دولة ديمقراطية بمواطن تلك الدولة والتلازم بين السلطة والمسؤولية يعني ان من يتحمل المسؤولية وفق الدستور هو الذي يحاسب لانه يخطىء ويصيب فالحكومات بموجب الدستور هي صاحبة الولاية العامة وهي التي تتحمل المسؤولية الدستورية عن اعمالها وهي التي تطرح برنامجها امام البرلمان وبالتالي هي المسؤولة عن تنفيذ هذا البرنامج فاي تقصير او خطأ يحاسبها عليه البرلمان والسلطة القضائية اذا كانت تلك الاعمال او القرارات التي تصدر عنها تقع ضمن صلاحيات السلطة القضائية التي اقرها الدستور.
وهذا المبدأ هو صمام الامان لاستمرار الشرعية في اي نظام دستوري سواء كان ملكيا او جمهوريا.
ومن هنا فان الملك في النظام النيابي الملكي الدستوري كنظامنا السياسي في الاردن هو غير مسؤول وفقا للدستور لانه لا يحكم مباشرة بل بوساطة وزارئه وعلى هذا الاساس لا يعقل ان يصبح الملك جزءا من مسؤولية الحكومة او يتحمل مسؤولية اخطائها او تقصيرها فهذا غير مقبول لا دستوريا ولا عمليا ولا قانونيا بل ينظر الى الملك بموجب هذا المبدأ والدستور على انه حامي الدستور ورمز وحدة البلاد وهو المرجعية لتصويب اداء السلطات الثلاث اذا اختل الاداء.
*ما رايك بلجنة التعديلات الدستورية ?
-لقد طرحنا في برنامج الجبهة الوطنية مسالة اصلاح الدستور باعتبارها فاتحة الاصلاح الديمقراطي الشامل وطالبنا بان يعاد للدستور وضعه الطبيعي من خلال الغاء الاحكام التي طرأت عليه بحيث يعود التوازن في العلاقة بين السلطات الثلاث بمعنى وقف تجاوز اي سلطة على اخرى بحيث لا تصبح هناك هيمنة لاي سلطة على اخرى وبالذات السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية.
وهناك احكام دستورية فقدت مسوغات وجودها كتلك الاحكام المتعلقة بعلاقة الضفة الغربية بالشرقية وبالبرلمان الذي كان مشكلا مناصفة بين الضفتين ونتيجة احتلال اسرائيل الضفة الغربية تغير الواقع ولم تعد الضفة الغربية جزءا من المملكة ويبدو ان تلك الاحكام بعد تعديل الدستور اصبحت بمثابة الفتوى لاستمرار اختيار نواب الضفة الغربية على اعتبار ما كان من قبل نواب الضفة الشرقية وعلى هذا الاساس استمر العمل بهذه الفتوى لتبرير استمرار الظروف القاهرة اما وقد انتهت مبررات هذا التعديل الدستوري واصبحت الضفة الغربية منفصلة انفصالا تاما عن الضفة الشرقية وفي ظل احتلال اسرائيل للضفة الغربية اصبح هناك سلطة فلسطينية ليست جزءا من السلطة في المملكة الاردنية الهاشمية واصبح من العبث استمرار مثل وجود تلك الاحكام الدستورية لانها فقدت مسوغات وجودها كما قلنا بان احكام الدستور التي وضعت في 52 ليست قدرا على الشعب الاردني فهناك ظروف سياسية تغيرت وتطورات اقتصادية حصلت كما وجدت تطورات اجتماعية وعلمية وثقافية في البلاد ويجب ان يعاد النظر في احكام الدستور في ضوء تلك التطورات ومستوعبة لها وبالتالي ستكون هناك حلول للمشكلات وهو الامر الطبيعي الذي يحدث في كل دساتير العالم فلا يجوز ان تمر ستون عاما على الدستور ويبقى كما هو حتى لو كان عند وضعه دستورا جيدا لانه كان ملائما لظروف وضعه.
ولكن مع الاسف فان التطور الذي حدث على دستورنا التي ادخلت عليه هبطت بمستواه واخلت بالتوازن في العلاقة بين السلطات الثلاث ولا بد من اعادة النظر باحكام الدستور ومراجعتها وتعديلها بما يتلاءم مع التطور الحاصل.
* وهل هناك اية مقترحات قدمتها الجبهة للجنة التعديلات الدستورية ?
عندما اعلن عن تشكيل اللجنة الملكية للتعديلات الدستورية كان هناك اكثر من جهة قدمت اقتراحات مكتوبة للجنة وقد سلمت دراسة كان قد اعدها نجيب الرشدان في فترة سابقة حول التعديلات الدستورية المقترحة كما قدم غيري مقترحات اخرى لاننا نريد ان نقول ان هناك تعديلات ودراسات سابقة في الدستور يجب الاستفادة منها.
*وبالنسبة لمخرجات هذه اللجنة هل انت متفائل?
-لقد التقيت رئيس اللجنة احمد اللوزي بعد تكليفه برئاسة لجنة مراجعة الدستور وخرجت بانطباع اولي متفائل لانه كان متفهما لهذه المعاني بضرورة التعديلات المطلوبة وعملت فيما بعد بتزويده بمشاريع تعديلات اخرى وبالتالي يجب ان تنفتح اللجنة على جميع الافكار والاقتراحات ووجهات النظر من اصحاب الاختصاص والتجربة.
وبالرغم من ملاحظة ان تشكيل اللجنة لم يكن بالمستوى الذي نتطلع اليه الا اننا ما زلنا نتوقع ان تخرج اللجنة بتعديلات تسهم في احداث التطور في ميادين الاصلاح الاخرى وحتى الان لم يخرج شيء من اللجنة ولهذا لا نستطيع الحكم الا اننا نميل دائما الى التفاؤل ونرجو الله ان لا تكون التعديلات التي ستتمخض عنها لجنة مراجعة الدستور مخيبة لامال الناس.
*وصفت قانون الصوت الواحد بانه كان كارثة حقيقية على البلاد وقدم الاردن على طبق من ذهب لكل من اراد ان ينهب. ما موقفك من مشروع قانون الانتخابات الذي قدمته لجنة الحوار الوطني?
-هو في الحقيقة ليس مشروع قانون بل هو مقترحات بعضها واضح ومحدد وبعضها الاخر هلامي وترك ثغرات هنا وهناك بحيث يصعب القول انها مقترحات واضحة المعالم او ايجابية بالمطلق وقد تكون نجحت بصورة جزئية جدا في الخروج من قبضة قانون الصوت الواحد لكنها تركت الباب مفتوحا لاجتهادات اخرى وتستطيع اي حكومة ان تستثمر هذه المقترحات وتدفع الحياه فيها وتبني على الجوانب الايجابية منها وربما يحصل العكس.
والخلاصة فان الحكم عليها بشكل مبدئي يعتمد على طريقة تعامل الحكومة مع تلك المقترحات وقدرتها على ان تستنبط منها ما يمكن اعتباره خطوة الى الامام فيما يتعلق بتقديم قانون انتخاب معقول.
وقد قلنا في وثيقة الجبهة بانه قانون الانتخاب المطلوب يوضع لتوحيد المجتمع الاردني وليس العكس وان ياخذ بالاعتبار الابعاد السكانية والجغرافية والتنموية وهي عملية مواءمة بما يحقق رضا الراي العام ويعتبر خطوة عملية الى الامام لسن قانون انتخاب ديمقراطي عادل.
كما قلنا بان هناك اكثر من طريقة للتعامل مع قوانين الانتخاب فهناك القائمة النسبية المغلقة وهناك المفتوحة وغيرها ولكن هذا يحتاج الى حوار للتوافق بين الجهات القادرة على الحوار والتي تمتلك رؤية واضحة وتؤسس الاصلاح.
* ما هي علاقة احمد عبيدات مع الدولة الان. فهل هناك اتصالات معهم على مستوى عال ام حكومي ام هناك قطيعة وان كانت قطيعة فهي من طرفكم ام من طرفهم?
-لا توجد الان اتصالات ولكني اتحدث كشخص ليس عندي موقف مسبق من اي طرف فانا مواطن في هذا البلد تحملت مسؤوليات متدرجة في فترات زمنية مختلفة وكل ما اطمح اليه لن اعبر عن وجهة نظري بمنتهى الحرية والالتزام بالمسؤولية الوطنية والاخلاقية وبالدستور والقانون ولكن هذه الحالة التي اتحدث عنها لم تكن تتاح لي في كل الظروف وبالتالي ليس هناك من جانبي اي قرار او موقف مسبق بالقطيعة مع اي جهة رسمية او شعبية واذا كان هناك نوع من القطيعة فهي تأتي من الاخر وانا ثابت على مواقفي المبدئية بعد ان اطرحها على الراي العام في الصحافة والمنابر والمحاضرات واستمع للاخرين وانا مفتوح الذهن لاي نقد او توضيح وليس لدي اي مشكلة في العودة الى الحق اذا ثبت انني مخطىء لذلك يمكن وصف هذه العلاقة احيانا بالمد والجزر وانا اكره ان يتم التعامل معي اومع اي انسان صاحب راي بناء على على معادلة لا تقبل الحوار او بمعادلة اما ان تكون معنا او انك ضدنا.
*بعد يوم من اعلانك وثيقة الجبهة للاصلاح هناك من احتج على تصريحاتك من نفس الاعضاء المؤسسين للجبهة وقال انها تمثل اراء شخصية لك بماذا تفسر ذلك?
-انا لا اميل في البحث في هذه النقطة وليس لدي اي تعليق بشانها.
*طالبت وثيقة الجبهة باصلاح المؤسسة الامنية واكدت ضرورة ان يطالها الاصلاح باجهزتها المختلفة ولا سيما بعد ان خرجت بعضها عن حدود صلاحياتها كالتدخل في ادارة الانتخابات والبلدية وفي الجامعات وفي عمل العديد من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني كيف يمكن ان يتم اصلاح هذه المؤسسة?
-ان اي مؤسسة من مؤسسات الدولة لا تتمتع باي حصانة ضد النقد ليست منزهة عن النقد وهذا الخطأ ويجب ان تكون معرضة للمساءلة ليس برأيي الشخصي او بمزاجي او بناء على وجهة نظر الاخرين وانما بموجب الدستور والقانون.
فيجب ان تلتزم جميع مؤسسات الدولة بالقوانين التي تحكم عملها وما الخطأ ان تخضع مثل هذه المؤسسة الامنية لحكم القانون وسيادته? وهي من المؤسسات التي بحاجة دائما للاصلاح وهناك شعور عام بان بعض هذه المؤسسات تجاوزت صلاحياتها الى درجة اصبحت غير مقبولة بأي معيار واصبحت عائقا امام التطور الديمقراطي بعد ان اصبح لها نفوذ يتجاوز سلطة الحكومات وانا في غنى عن الدخول في التفاصيل ولكني اطرح مثالا واحدا في غاية الخطورة وهو تزوير انتخابات 2007 التي باتت مكشوفة للناس وقد اشار اليها جلالة الملك علانية في اكثر من مناسبة وهي تتحمل المسؤولية.
وبالمقابل فان هذه مؤسسات وطنية مهمة يجب ان تبقى صمام امان للوطن ولا عبئا عليه وقد منحت صلاحيات استثنائية لا يجوز ان تستمر.
* في ندوة سياسية نظمها مجمع النقابات في الكرك بعنوان مسيرة الإصلاح الديمقراطي في الأردن إلى أين? اشرت في معرض حديثك الى استقالة طاهر العدوان من الحكومة وان ثمة جهات تتدخل في قرارات مجلس الوزراء خصوصاً فيما يتعلق بتقييد الحريات الإعلامية وأن هناك تعثرا في عملية إدارة الدولة في الوقت الراهن من هي هذه الجهات?
-اذا لم يكن مجلس الوزارء قادرا على ان يكون سيد قراره وهو يقدم مشاريع قوانين للدورة الاستثنائية لمجلس النواب بعد ان تمت مناقشة تلك المشاريع داخل مجلس الوزراء ولا تنال الموافقة على دفعها لمجلس النواب وفي اليوم التالي نرى بان هذه المشاريع تم ارسالها الى مجلس النواب ليتم عرضها على الدورة الاستثنائية فمن هي الجهة التي اتخذت القرار? ولذلك اقول ايا كانت تلك الجهة فان رئيس الحكومة هو المسؤول اولا واخيرا.
واتساءل كيف يعمل مجلس الوزراء اذا كان هناك جهة تحول لها مشاريع قوانين او قرارات مجلس الوزارء وتعيد النظر فيها ثم توصي او تامر باحالتها الى مجلس النواب فاذا كان هو الحال فاننا نكون امام كارثة سياسية وقانونية ووطنية.
*يتردد كثيرا حديث عن قوى الشد العكسي التي تعيق عملية الاصلاح برأيك من هذه القوى? هل هي مجتمعية ام اجهزة في الدولة?
-انا اعتقد ان قوى الشد العكسي موجودة في جميع مستويات القرار في مؤسسات الدولة وهي موجودة ايضا في المجتمع تحت عناونين وشعارات مختلفة وبالتالي ونحن نرى الصحافة تتحدث يوميا عن حالات ووقائع معينة وظواهر مخزية للغاية قام بها بعض اعضاء مجلس النواب اعتراضا على وجهات نظر للناس والاحزاب والقوى السياسية فلا يجوز ان يكون هذا هو عنوان المسيرة الديمقراطية المعلنة.
*قلت ان المعارضة ليست هدفا بذاتها وان كان هناك سبب للمعارضة تكون معارضتنا قوية ولا يردنا عنها احد او شيء ما هو شكل المعارضة الذي تتبناه الجبهة?
-المعارضة التي تتبناها الجبهة الوطنية للاصلاح تمت الاشارة اليها في بعض مفاصل وثيقة الجبهة وقدمنا توصيفا دقيقا لها فالمعارضة في الدول والمجتمعات الديمقراطية جزء من النسيج السياسي للدولة وهي شريك اصيل في اتخاذ القرار والمعارضة التي نفهمها ليست معارضة من اجل المعارضة وليست معارضة دائمة بل هي وجهة نظر تتشكل لدى مجموعة قادرة على طرح افكار وبرامج موازية لبرنامج الحكومة تناقش هذا البرنامج فتلتقي او تختلف معها لذلك فهي ليست معارضة مطلقة فقد تتفق مع الحكومة اليوم وقد تختلف معها غدا فهذه هي المعارضة التي ندعو اليها ونطالب الحكومات ان تفهم بان المعارضة يجب ان يكون لها دور كبير في ترشيد التشريعات واداء الحكومة ونقد السياسات.
*لم تتردد بالقول ان الفساد هو ازمة حكم سببها ازمة ديمقراطية, ووجود الفساد في اي نظام للحكم هو دليل على فساد في بنية الحكم نفسه وقلت ان محاربة الفساد لا تتم الا باصلاح الخراب الموجود باي نظام برأيك كيف يمكن اصلاح هذا الخراب?
-حكم القانون هو الكفيل باصلاح الخراب فقد طال الفساد المؤسسات الدستورية وكان سببا في انتهاك حقوق المواطنين واهدار المال العام ولا يمكن وقف هذا الفساد الا اذا حكمنا القانون العادل والرشيد في المجالات المختلفة وقيام مؤسسات دستورية مستقلة تتمتع بصلاحيات حقيقية ووجود مؤسسات رسمية ومجتمعية للرقابة وعندما نتحدث عن الفساد فاننا لا نتحدث عن وهم في حياتنا بل نتحدث عن واقع مر ومؤلم يمس حياتنا ودور كبير في تهميش الاحزاب والصحافة ونهب موارد الدولة.
*طالبت بإجراء إصلاح شامل للنظام القضائي برأيك ما هي الخطوات المطلوبة لتحقيق ذلك?
-النظام القضائي السليم يتميز بالاستقلال اولا ووحدة السلطة القضائية واذا كنا نتحدث عن حكم القانون فالقانون يجب ان يسود على الجميع والمحاكم بانواعها يجب ان تكون منضوية تحت مظلة السلطة القضائية ومحكومة بقانون استقلال القضاء فهذا وبذلك يمكن ضمان نزاهة القضاء وتمكينه من القيام بدوره في تحقيق العداله لجميع الاطراف واذا فقد استقلاله وقدرته على تحقيق العدالة فنحن امام الفوضى بكل اشكالها ونتائجها.
واؤكد ان انشاء محاكم خارج مظلة السلطة القضائية النظامية ومرجعيتها انما هو خروج على الدستور وانتهاك للحقوق والحريات ولذلك يجب ان يسترد القضاء وحدته ويتمتع بالاستقلاق الكامل.
*لم تغفل وثيقة الجبهة تأكيد وعي شعبنا ومتانة نسيجنا الوطني وهو أمضى سلاح في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية وأن الخطر الصهيوني القائم والقادم هو التحدي الرئيسي الذي يستهدف الأردن مثلما استهدف فلسطين برايك كيف يمكن مواجهة هذا الخطر?
-لقد قدمنا ووضحنا فهمنا للوحدة الوطنية ليس من منطلق عاطفي لاننا نفهم هذه الوحدة من منطلق حقوق المواطنة وواجباتها فمفهوم المواطنة ما زال غائبا في اذهان السلطة في العديد من انظمة الحكم العربية وهذا المفهوم هو الركيزة الاساسية التي تحكم العلاقات بين المواطنين والدولة وهو الحافز لاي مواطن لممارسة حقه في الانتخاب والمشاركة في الحياه السياسية والحفاظ على وحدة الوطن حتى تصبح عصية على الاختراق حيث ان الوحدة الوطنية هي تعزيز لمناعات الوطن وقوته الذاتية وهناك بطبيعة الحال ابعاد اخرى تشمل من التشريعات وسلامة تطبيق الدستور واعطاء القدوة الحسنة في الادارة.
الوحدة الوطنية هي التي تعطي للمواطنة معناها وتعزز الانتماء للوطن انا لا انكر انني من عشيرة اردنية اعتز بها ولكن العشيرة ليست المدخل الى الانتماء للوطن واذا كنت مواطنا اردنيا مسلما او مسيحيا او من اصل اردني او فلسطيني فهذه حقيقة ولكن لا يجوز التعصب لها والانغلاق عليها.
فاذا كنا على هذه الحالة بالنسبة للوحدة الوطنية وعلى هذه الدرجة من سلامة نسيجنا الوطني نستطيع مواجهة التحديات الداخلية على سبيل المثال عندما تخرج علينا فئة خارجة على هذه المفاهيم بحسن نية او بسوء نية.
وكذلك الامر في ظروف اخرى قد نواجه تحديات خارجية ,نحن مجتمع مكون من اصول مختلفة لكن العامل الرئيسي في تشكيل مجتمعنا هو البعد القومي لشعبنا منذ تاسيس الدولة وبالتالي هذا لا يلغي ان يكون المواطن الاردني من اصل فلسطيني متمسكا بمواطنته ومتمسكا بهويته من اجل قضية فلسطين وهو يتطلع الى شقيقه الاردني ان يكون له عونا في تأكيد حق العودة وتحرير الارض لان العدو الذي احتل فلسطين بالقوة امس يتطلع غدا الى فرصة اخرى للتوسع لان دولة الكيان الصهيوني دولة توسعية عنصرية بحكم تاريخها وتكوينها.
اما الوحدة الوطنية التي ننادي بها ونحرص على صونها هي دعوة لكل المواطنين من كل الاصول للمحافظة على هذه الارض التي نقف عليها قوية صلبة لاننا مهددون في مستقبلنا في ظل غياب موقف عربي قادر على التاثير في القرار الدولي.
*موقفك من الاحداث في سورية?
-بالنسبة للاحداث في سورية من وجهة نظري الشخصية فانا مواطن عربي اعيش الحالة العربية بكل تفاصيلها واعتقد ان سورية مثل بقية اجزاء الوطن العربي فيها نظام حكم له ايجابياته وسلبياته.
والمواطنون السوريون اقدر من غيرهم على اعطاء الصورة الادق للوضع لكن الاصلاح المطلوب في اي جزء من الوطن العربي مطلوب بالحاح في سورية كما هو مطلوب في مصر او الاردن ومن يطالب بالاصلاح في سورية لا بد ان تكون الصورة واضحه امامه فهو يطالب بحق له ومن يواجه مطالب بالاصلاح في اي مكان بالوطن العربي هو على باطل وسورية غير محصنة او مستثناه من بقية اجزاء الوطن العربي وما يقع في بلادنا يقع في كل اجزائها ووسائل الاتصال لم تترك شيئا لم تكشفه ومن العبث ان نستثني سورية من عملية التغيير الحاصلة في الوطن العربي ويصعب ان نجد عذرا لمن يدافع عن النظام باعتباره نظاما لا يحتاج الى اصلاح وبذلك نحن مع دعوات الاصلاح الوطنية السلمية الواضحة الاهداف ولا بد من القول بان السياسات التي انتهجها نظام الحكم في سورية لدعم المقاومة اللبنانية ضد العدوان الصهيوني تسجل لها لكن هذا لا يبرر لاحد ان ينكر الحاجة القصوى وضرورة الاصلاح العميق في سورية من جهة ولكنني في الوقت ذاته وبالمطلق ضد لجوء اي جهة في الداخل او الخارج باسم المعارضة للنظام السوري الى الاستعانة بالاجنبي او استدراج التدخل الخارجي في الاوضاع الداخلية في سورية واظن ان المثل الليبي واضح للجميع الان فالشعب الليبي كان مغيبا عن خارطة الشعوب في العالم وكانت موارده منهوبة بالكامل للقذافي وعائلته وما زال الا ان الشعب الليبي لم يكن له خيار اخر لمواجهة هذا القهر وسلوك العنف ولم يجد سندا عربيا او دوليا كافيا وانا متاكد ان هذا النظام في ليبيا سيزول غدا او بعد غد ولكن سيكون هناك تضحيات كبيرة جدا وخسائر في الارواح وسيكون للدول الغربية دور في تقرير مستقبل الشعب الليبي ولكن ذلك له ثمن ومن هنا لا نريد ان تتكرر هذه التجربة في اي جزء بالوطن العربي.
*ما موقفك من دخول الاردن مجلس التعاون الخليجي?
- هذا شأن سياسي وطني مهم يجب ان تتوفر له شفافية كاملة في المعلومات المتعلقة ويجب ان لا يبقى الشعب الاردني في العتمة لا يعلم ماذا يدور حوله في شأن هام متعلق بمستقبله وان يبقى ينتظر ما يتسرب من اخبار واشاعات هنا وهناك فهذا عيب سياسي والدول التي تحترم لا بد ان تتعامل مع شؤونها بوضوح كامل ومن خلال مؤسساتها الدستورية وعلى كل المستويات.
وفي غياب المعلومة والغموض الذي يلف هذه المسالة لا يسعني الا ان اجد عذرا لمن يقول بان المقصود من هذه العملية هو ايجاد غطاء سياسي للقوات العسكرية التي ترسل لبعض دول الخليج للمشاركة في الدفاع عن امنها في وجه التحديات التي تواجهها واذا تطورت مثل هذه التحديات لتصبح مواجهة بين انظمة الحكم وشعوبها فهنا تكمن المصيبة.